ليست نهاية الغلاء

بدأت موجة الغلاء ولن تنتهي، ونحن ندعو الله دائماً أن نسأله قول الحق في الرضا والسخط، وقول الحق ليس تطبيلاً ولا تهليلاً ولا حتى حمداً وتكبيراً، سيظل الغلاء بل وسيزداد أكثر من ذلك طالما كنا ومازلنا ضحايا لهؤلاء الذين يستغلون عدم معرفتنا بالأمور فيملؤننا بما يريدون، نحن كمصريين الآن عام 2017 لم نتعلم بعد من وصايا “ديكارت (1596-1650)”،

ذلك الفيلسوف الفرنسي الذي حذرنا قبل أكثر من ربعمائة عام من استغلال جهلنا، من أن تصبح عقولنا كسلة التفاح فندخل فيها أفكارًا فاسدة، فتتلف الأفكار الفاسدة السليمة، ومازلنا نملأ عقولنا بتلك الأفكار بإرادتنا وبغير إرادتنا، سيظل الغلاء كما هو طالما مازلنا ننظر لأيام الرئيس فلان وأيام الرئيس عِلاَّن، بدلاً من أن ننظر إلى الحقيقة وراء الغلاء، الحقيقة ليست أن أيام فلان كانت أفضل حالاً من أيام عِلاَّن، الحقيقة أننا اعتدنا وأدمنَّا عدم تسمية الأشياء بأسمائها، فما حدث بمفهومنا نحن غلاء، وهو كذلك، لكن الغلاء هو أن يكون لديك السلعة فتقوم ببيعها بسعرٍ أعلى من تكلفتها بكثير، ولم نسأل أنفسنا مرةً واحدة كم يكون ثمن السلعة التي نستعملها “بنزين، سولار، غاز، ….”،

وكان يجب أن نسأل أنفسنا هذا السؤال لنعرف أكانت الحكومات التي ثُرنا عليها وطالبنا برحيلها تدعمها أم لا؟ هل تدفع الحكومة فعلاً ثمناً إضافة إلى ماندفعه نحن لتدعيم هذه السلع كي لا يشعر المواطن بما نحن فيه الآن أم لا؟ إذن هو ليس غلاءً مقصوداً، لأننا أدمنَّا أن نطالب الحكومات بتوفير هذه الأشياء من باب أنه دورها ومسؤليتها، وتحولنا نحن من محكومين إلى ملوك ما علينا إلا أن نأمر بتوفير كذا وكذا والحكومات تطيع، بدلاً من أن نعرف حقيقة الأمور فنعمل،

دائماً نتكلم ونتكلم لكننا أبداً لا نقدم حلولاً، لأنه من الأساس ليس لدينا أفضل مما لديهم، سيظل الغلاء طالما أننا إلى الآن لا نعرف من السبب الرئيسي فيه، طالما نسبح بحمد رؤساءٍ مضوا، ونترحم على أيامهم متناسين أنهم شريكٌ أساسي فيما نحن فيه الآن، وسيظل الغلاء كما هو طالما يظن البعض أن هذه الكلمات نوعٌ من التطبيل بدلاً من أن يراها بداية لعرض أبعاد المشكلة حتى نعرف نهايتها، فأنا لا أقول أبداً بتقبل الغلاء، ولا بالدفاع عن أشخاص،

فما يعنيني هو ذكر الحق، وقد كنت أنا نفسي ممن استغل الثورجية جهلهم بالأمور، فعلى سبيل المثال كنا أيام ثورة يناير نسمع منهم أن سعر الأنبوبة الفعلي سيصبح جنيهاً واحداً وربع، وأنه بخمسة جنيهات يمكنك شراء أربع اسطوانات غاز كاملة تماماً مثلما يحدث في إسرائيل التي نصدر إليها الغاز (وقتها)، وبدأت بالفعل بالدعاء على حسني مبارك ونظامه، لأن سعر اسطوانة الغاز التجاري تحرك من 10 جنيهات إلى 12 جنيه وقتها، اسطوانة الغاز التجاري وليس المنزلي!! كنت من المتعلمين واستغل الناس عدم معرفتي أو درايتي الكاملة بالأمور فانحزت إليهم عن جهل، وكذلك نفعل جميعاً.

الخلاصة قول الله تعالى “إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم”، ويجب أن نعلم تماماً أننا دائماً نقارن أنفسنا بغيرنا من الدول العربية أو الأوروبية مقارناتٍ ظالمة، فلا نحن نملك مواردهم البترولية وغيرها بهذه الوفرة، ولا هم لديهم نصف أو حتى ربع هذا الكم الهائل من السكان، وبدلاً من أن نعمل نندب حظنا ليلاً نهاراً، فلن يرتفع الغلاء إلا بالعلم الصحيح والعمل.

فيديو ليست نهاية الغلاء

 

أضف تعليقك هنا

د. محمد أبوالعلا

د. محمد أبوالعلا