مقال: 5 ساعات في سيدنا الحسين

نذرت ذات يوم عند انتهائى من امتحانات الثانوية العامة أن أذهب لمسجد الحسين واصلي به بل و اقضي به يوم بأكمله ليوفقني الله في النتيجة نظرا لشدة تعبي في تلك السنة المصيرية في حياة المصري فلم اكن انام من اليوم إلا ثلاث ساعات

وجاء أخر يوم لي بالأمتحانات وكان امتحان مادة الجيولوجيا يوم اربعاء وقررت ان اشد رحالي الي العاصمة في اليوم الذي يليه. وبالفعل دقت الساعة الرابعة فجرا في المنبه، صليت الفجر أفطرت ولبست، ثم توكلت علي الله عند خروجي من المنزل كعادتي ولحقت بقطار الساعة الخامسة المتوجه للقاهرة خط الشرق نظرا لأني من قاطني محافظة الشرقية وطالت بنا الرحلة حتي سئمت السفر.

وصلت في التاسعة صباحا الي محطة قطارات رمسيس ،اخيرا، مع أن ميعاد وصول هذا القطار في الثامنة والربع صباحا ،مع ذالك لا يهم ما يهم هوا انني في القاهرة .ركبت المترو من رمسيس ووصلت للعتبة ثم ركبت من العتبة البيجو إلي أن وصلت الحسين تعلق قلبي بالمسجد منذ أن نظرت به وكأنه يجذبني نحوه بحبل إلي أن دخلته وكان ذالك قبل صلاة الظهر بحوالي ساعة ، دخلت المسجد واصررت علي أن استكشفه بنفسي وأغرمت بتصميمه الداخلي ، ثم دخلت لأتوضأ استعدادا لصلاة الظهر وصلينا الظهر ثم فتحت كتاب الله لأقرأ به ربعا، فتحت المصحف إلي أن وجدت يدا فوق كتفي بسرعة نظرت إلي صاحبها وجدته شيخا كهلا وله لحية بيضاء يكاد وجهه يشع نورا أذا نظرت له من بعيد. وربط علي كتفي شيئا فشيئا إلي أن جلس امامي وسلم علي وتحدث معي.

هو: كيف حالك يا شيخنا الصغير (يذكر أني كنت مطلق لحيتي حينها).

مسجد سيدنا الحسين

أنا: الحمد لله يا فضيلة الشيخ.

هو: ما أسمك وكم عمرك أنا ــ أسمي حسن 18 عام.

هو: اسمي الشيخ دياب البشير وأريد أن اتحدث معك في أمر مهم بخصوص الأمة الإسلامية.

أنا: الأمة الإسلامية؟ أأكون مهما لهذه الدرجة.

هو: طبعا طبعا أنتم الطليعة الأجيال الجديدة ومن سنسلم لكم الراية.

أنا: الطليعة .. الراية!

هو: اصغ لي يا بني واحكم في النهاية ، إن الأمة الإسلامية لتمر بظروف عصيبة هذه الأيام نظرا لضعف حكامها وانتشار العلمانية والليبرالية و افساح الطريق للملحدين وعبدة الشيطان والعياذ بالله وتضييق الخناق على المسلمين والبعد عن صحيح الدين وموجات التشيع الذي ظهرت فجأة .أيرضيك هذا يا بني؟

أنا: لا يرضيني ولاكن مابيدي حيلة وماذا افعل؟!

هو: اقول لك ماذا تفعل ، ولاكن بشرط ألا تقول لأحد وتعاهدني علي ذالك وتحلف علي كتاب الله.

أنا: اعاهدك وها هوا كتاب الله احلف عليه.

هو: إننا بفضل الله وبعونه نزكي ونرشح ونساعد الأخوة لأن يهاجرو لدولة الخلافة الأسلامية.

مسجد سيدنا الحسين من الداخلأنا: اتقصد داعش؟

هو: الشيطان الأعظم هوا من سماه تنظيم وسماه داعش ولاكن اسمها دولة الخلافة الأسلامية وخليفة المسلمين هو الخليفة ابو بكر البغدادي سادس الخلافاء الراشدين.

أنا: ولاكن كيف تكون دولة الإسلام وهي تقتل المسلمين في العراق وسوريا كل يوم أهذه مبادئ وتعاليم الأسلام.

هو: من قال ذالك هي تقتل الأيزيديين عبدة النار والعلويين الشيعة والمسيحيين الكفرة وقل لي لماذا اليهود لهم دولة تخصهم وحدهم ونحن إلى الآن ليس لنا دولة مشتتين في الأرض وهم احق بهذا الشتات أسمع مني ولا
تسمع الي ماتقوله وسائل الأعلام الفاجرة. كما نقول انظر الي نصف الكوب الملئ بالماء ولا تنظر لنصفه الفارغ
إنك وإن تصل لدولة الخلافة سيكون لك دخل شهري ثابت مابين سبعمائة إلي الف دولار ستزداد مع الوقت وإذا رغبت في الزواج ستتزوج بأجمل نساء الأرض، الأوروبيات المسلمات المجاهدات وإن لم ترغب فهناك جهاد النكاح أفعل ماشئت هناك ألاف وألاف من المصريين هناك لا تخف ستجد من يعينك.

أنا: وقد بدأت الأنحياز لكلامه وأفكاره وأقتنع بها ،ولاكن هناك أحتمال أن أموت وسط هول الحرب والأسلحة.

هو: لاتخف وتوكل علي الله وقدم المشيئة.

أنا: ولاكن مصاريف السفر أنا لايوجد معي مال وألا تظن أني ما زلت صغيرا.

هو: بالنسبة إلي مصاريف السفر كل شئ مرتب وجاهز ولاكن نحتاج جواز سفرك أما بالنسبة للسن فهذا أفضل سن.

أنا: قل لي كيف سأسافر وهل هناك مخاطر في السفر.

هو: لا يوجد مخاطر أبدا إن سنك 18 عام.

أولا ـ ستسافر إلي دولة تركيا بدون فيزا لأنها لاتشترط حصول من هم أقل من 20 عاما علي فيزا لدخولها وإنما ستأخذ الفيزا عند وصولك لمطار صبيحة بأسطنبول
ثانيا ــ من اسطنبول سيتعرف عليك اخ لك في الأسلام ويكون بمثابة المرشد لك إلي أن تصل ويكون البرنامج كالتالي من مدينة أسطنبول لمدينة بورصة ثم من مدينة بورصة لمدينة أنقرة ثم من مدينة أنقرة لمدينة ديار بكر ثم من مدينة ديار بكر لمدينة كاركاميش الحدودية مع سوريا ثم ستنتظر أنت ومجموعة من الأخوة في بيت إلي أن يأذن لكم بعبور الحدود ليلا إلي بلدة جرابلس التابعة لدولة الخلافة الإسلامية إن الموضوع سهل وبسيط لا تهول واستعذ بالله وتوكل عليه .

أنا: بأذن الله ولاكني أحتاج إلي مهلة كي أفكر أنت تعلم أنه لقرار صعب.

هو: اعلم يا بني ولاكن عليك أن تعلم أن بين يديك فرصة لأن تنال رضا الله والجهاد دفاعا عن دينه لن تتكرر.

أذن المؤذن لصلاة العصر فذهب الشيخ ليصلي ركعتي سنة وجلست مع نفسي أفكر فيما قاله، إلي أن رأيت رجلا في الحقبة الثالثة من عمره مقبلا نحوي وجلس بجواري ليقول لي إني لأعلم أن ذالك الشيخ يدعو لماذا واقنعك به في حين أن هذا الموضوع لا يشغل عقلك اصلا ولاكن هذه هي وظيفة مثل هؤلاء أن يسحرو للشباب بغية الهجرة كما يقولون سأقول لك شيئا واحدا إن لي أبناء لا احب أن اراهم في مثل هذا الموقف فلا تسمع لقول هذا الرجل الذي لا يفقه في دينه شيئا ولولا ذالك لفتح الطريق امام ابنائه للهجرة لماذا ابنائه لا يهاجرون كما يقول ويدعو الشباب لفعل ذالك أنا الان اسمع صراخ والدتك واخوتك وبكائهم وأري أباك الذي استعوض الله فيك وأري حزن الحي الذي تسكن فيه وأصدقائك واحبائك كل هذا عندما يسمعو بخبر سفرك للمجهول كما اسمي.

إرجع من حيث أتيت…

أضف تعليقك هنا

حسن العربي

كاتب مصري شاب