نهضة الشرق

امتاز الشرق على غيره من المناطق بجمال تنوعه النابع من إنتاجه الفكري المرتبط غالبا بوحي السماء، والشرق ككل المكونات البشرية الإجتماعية تصاب بالوهن والضعف، ومن سنن الله قانون الاستبدال الذي يفسح المجال لصعود مجموعة بشرية لتهيمن على مجموعة ضعفت بعد قوة وهذا ما لخصته نظرية البندول للانتقال الحضاري بين الشرق والغرب حسب نظريات فلسفة التاريخ.

حلم الشرق بالنهوض الحضاري

قد يطول النقاش حول تقييم الحضارة الغربية ودخولها حالة الأفول الحضاري، ولكن الشواهد لا تترك مجالا للإختلاف ان الشرق دخل مرحلة البحث عن النهوض الحضاري، ومن أعراض هذه المرحلة كثرة المشاريع ودخولها حالة الاصطدام والصراع في المجال الحيوي المشترك مما يفسح المجال للمنافس الحضاري الخبيث أن يؤجج الصراع بينها و يدخلها في حالة الصدامات المميتة وهذا ما يفعله الغرب اليوم في شرقنا الجميل.maqqal-00_00_20_17-still002

حلم وإرادة النهضة تتولد لدى الجماهير وتعبر عنها بلغة تخلو من تعقيدات التفاصيل فتتلخص أهدافها بكلمات وعبارات بسيطة، إعادة الأمجاد، التخلص من الظلم، إثبات الهوية، ولكن أحيانا بعض القيادات تصوغ مشاريعا خاصة بثقافتها والتي بنتها في أروقة ضيقة معزولة عن الناس وتطلعاتها، أروقة تتصل بأحلام ومشاريع تاريخية أنانية مريضة فتدفع الجماهير للتضحية من أجل أهداف لا يمكن لها أن تتحق.

يتطلب الخروج من هذه الأزمة المشرقية مشروعا ثقافيا يتواصل مباشرة مع جماهير الشرقفيزيد من وعيها وينقذها من براثن القيادات ذات الأحلام المريضة. مشروع ثقافي يعيد للمفكرين دورهم الذي افتقدته شعوب الشرق وقد استفرد بهم سياسيون ضيقوا الأفق نشروا أمراضهم ومؤامراتهم في حاضره ومستقبله.

الشرق ضحية الغرب

ينبغي أن تنفتح عقول أهل الشرق على حقيقة هامة أنهم ضحية لمفترس ماكر اسمه الغرب يخطط كي يبقى الشرق ضعيفا ينازع بعضه بعضا ويقتل بعضه بعضا، ومن يفرح اليوم لأنه حقق نصرا على جاره بمساعدة الغرب فإنه غدا سيكون مهزوما بمساعدة الغرب لجاره. إن كل المشاريع الأنانية إن كانت قومية أو عرقية أو طائفية لا يمكن أن تنجح وسينحصر دورها أبدا كورقة بيد الماكر الذي يستخدمها لزراعة الفتن وإدامة الصراعات والقتل بين مكونات الشرق العريقة، فمن المستحيل أن تنجح قومية أو طائفة في حمل مشروع يهمين على الشرق أو يحمل عبء نهوضه.

على أهل الشرق أن يتجاوزوا ربط الظلم بالقومية أو العرق فلا يمكن القول أن العرب ظلموا الكرد أو الترك ظلموا الأرمن

على أهل الشرق أن يتجاوزوا ربط الظلم بالقومية أو العرق فلا يمكن القول أن العرب ظلموا الكرد أو الترك ظلموا الأرمن، بل نتفق جميعا على نبذ الظلم والوقوف ضده وضد كل ظالم، فعندما وقع الكرد والارمن تحت براثن الظلم وقع تحته أيضا العرب والترك. على جماهير وشعوب الشرق أن تدرك أن الإتفاق على القيم السامية والتعايش بين مكوناته العريقة بكل ما تحمله من جمال التنوع القومي والعرقي والفكري والديني هي التي ستفتح علينا أبواب النهضة والرفاهية والتقدم والازدهار، فيسود التعاون والتبادل التجاري والثقافي والمشاريع الكبرى المشتركة العابرة للحدود السياسية فلا تقف حاجزا بين الشعوب فبدل بناء حدود جديدة لنذيب الجليد عن الحدود القائمة.maqqal-00_00_37_18-still004

الحل عند الشرق

  1. على مفكري الشرق ومثقفيه من كل الأطياف التواصل بعقول مفتوحة لوضع أسس الاستقرار ونزع كل أسباب الشعور بالتهميش والظلم بين أطيافه وشعوبه والعمل على بناء ثقافة مشرقية تستمد من تاريخ الشرق العظيم نبراسا ينقذ الشرق والبشرية مما وصلت له من ظلم وجريمة واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان. ينبغي وضع الأسس والمعايير حتى تنزع من الأنظمة السياسية أي إثارة لمشاعر سلبية قومية كانت أو عرقية أو دينية أو طائفية إن على مستوى المحلي أو على مستوى علاقات دول الشرق المتجاورة.
  2. ينبغي ان يطلق مثقفوا الشرق ثورة ثقافية تدفع الجماهير لتعزل القيادات التي روجت ونفذت المشاريع المدمرة للشرق كمشروع الخميني الطائفي أو المشروع عبدالناصر القومي أو المشاريع الدينية المذهبية الطائفية كداعش وحزب البعث الأسدي. إن عظمة الشرق وتاريخه المجيد بحاجة إلى رواد معرفة من طراز فريد يعملوا على تمهيد الطريق للنهضة والسمو.

المقال في فيديو قصير

 

أضف تعليقك هنا

فيصل عثمان آغا

كاتب سوري مهتم بالشؤون السياسية والفكرية