الإسلام وعلاج الإنتحار

قال تعال: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) “سورة النساء 29-30 “.

جاء الإسلام وتميز عن باقي الديانات بحكمته ومنظوره فهو صالح ومواكب لكل الأزمان، فكان هو ملجأ الكثيرين الذين داهمتهم المشاكل وتفاقمت بتفاقم أثرها الذي تركته في النفس البشرية، فنذكر من بين كل تلك المشاكل النفسية الإنتحار الذي أكدت الكثير من المصادر والإحصاءات العالمية على تزايد نسبته على المستوى العالمي وبخاصة العالم المتقدم. فهل كان للإسلام دور جدير في رعاية هذا المشكل الإنساني؟

وضعية الإنتحارفما هو دور الإسلام في علاج مشكلة الإنتحار؟

يعتبر الفرد الذي يتمتع في الدول المتقدمة بمستوى معيشي مرتفع من أكثر الأفراد عرضة للإكتئاب والمشاكل النفسية التي تطرح نفسها وتحول حياته إلى جحيم مستمر لا يترك مجالا للتخمين لإزاحة ذلك الإضطراب وإنما يبقى لفظ الإنتحار يجول في خاطره إلى أن يفعل ذلك وينهي حياته، اما من يحاول الإنتحار ثم يؤدي به هذا الفعل إلى الموت، يعتبر شخصا يحتاج إلى عناية طبية ونفسية كذا تأهيل إجتماعي له من جديد ليكون قادرا على مواجهة الضغوط التي أدت به إلى التفكير والشروع بإيذاء نفسه.

وكان الإعتقاد السائد أن أناسا محددين يقدمون على هذا الفعل، لكن تظهر الدراسات ان أي إنسان بإمكانه الإقدام على الإنتحار بكل بساطه إذا توافرت الظروف لذلك. وعلى الرغم من تطور العلم وتقدمه وكثرة إنتاج الأدوية التي قد تأوول إلى تخطي وضعية الإنتحار، إلا أن العلم لم يفلح في ذلك أبدا، فقد تزايدت النسبة إلى نحو 60% خلال القرن الماضي، وهذا حسب إحصائيات دقيقة جرت في الولايات المتحدة. فلا ينفع العلم في موضوع الإنتحار بسبب عدم ثبوتية التشخيص الذي قد يؤدي بفرد سليم إلى الإقدام على قتل نفسه، وفي هذه المجتمعات طغت الكآبة واليأس وبعض المشاعر المتخبطه التي تجعل الإنسان يختفي عن الوجود، ويقبع في بوتقة النفس الوحيدة، وهنا الوحده تصنع به تخبطات عظمى ومشاعر عدوانية، وحالات من الإدمان سواء على الكحول، أو إدمان التفكير في عملية الإنتحار وتزداد بفقد شيء غال.

الإنتحار في الغرب

تظهر الدراسات أن أي إنسان بإمكانه الإقدام على الإنتحار بكل بساطة إذا توافرت الظروف لذلك...

هذا ما يأتي في عقل الفرد الغربي خصوصا، إذا كان للمعتقد الديني دافع قوي لتقبل هذه الفكرة، فحين يعمى الإنسان عن حقيقة أن الدين الحق يدعو للحفاظ على النفس، فإنه يفقد الكثير ويتخبط في هذه الدنيا، خاصة أنهم غير متمسكين بالإيمان الحق، فسيعتقد المقدم على الإنتحار أن أي خطأ في حياته او أي خسارة توجب عليه الإستسلام للأمر النبيل، وتخليص نفسه من الثقل الذي يحمله، وهنا نأتي إلى ديانتنا الإسلامية ونقول بأن الإنتحار محرمٌ قطعا ولا نقاش فيه، وأن الإنسان سيعود يوم البعث ويحاسب، فيجمع مع خالقه.

فـالنبي صل الله عليه وسلم كان أكثر دعائه: “اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك”. وفي هذا مراحل فقد دعا الإسلام إلى الإعتناء بالنفس والجسم على سواء، أما النفس فقد خصها الله في كتابه بعد صنوف وهي جزء من مكونات النفس فسبحانه كان يدري بما خلق، وأوصى الله بتقوية هذه الصفات الأساسية: ربط الصلة بالله والإيمان به يبعث في النفس الطمأنينة والثبات، والصبر عند الشدائد { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سورة البقرة-177].

فكل شيء من عند الله خير، ولن يلطف الإنسان بالإنسان أبدا كما هو لطف الخالق، كذلك حث على التقارب والتوافق بين المسلم ونفسه فإن حمل أسسا نفسية سليمة، فهنا يستطيع التغلب عن كل شيء بفضل الإيمان وتقوية صلته بالله، وبتعاونه مع أفراد مجتمعه تنشأ المودة والتسامح وتبعد البغضاء، وهذا يوضّح قوة التوازن النفسي، فيملك الدنيا كلها.

حفظ النفس في الإسلام

أما عن الصحة الجسمية فمن المعروف أننا مخلوقات الله المفضلة والمكرمة، فلا يجوز التفريط فيها والصحة في القرآن ضرورة، وقد سطر تعاليم للمحافظة عليها، فقد وجهنا الإسلام للإهتمام بالجسم وتقوية بنيته إهتماما فائقا بمختلف أنواع الألعاب المعروفه في عصرنا، بالمقابل كانت عنايته سبحانه بنا في خفضه للفروض على المسافر والمريض ونهى تماما عن إتعاب الجسم أو إهماله فجعل الصلاه لا تصح إلا بطهارة وحرم شرب كل ما قد يؤذي البدن وما قد يذهب العقل وما يسبب المرض بأي طريقة كانت.

لا ينفع العلم في موضوع الإنتحار بسبب عدم ثبوتية التشخيص الذي قد يؤدي بفرد سليم إلى الإقدام على قتل نفسه.

لذلك عملت الشريعة الإسلامية على حفظ النفس وإعتبرتها اكرم المخلوقات عند الله، وهيأت كل أسباب صونها ونهت عن كل أسباب التفريط بها، سواء عن طريق إتلافها بما يضر أويسيء إلى صحتها أو إزهاق الروح. حيث أنزلت أشد العقوبات على من يهددها لينهيها لأنه تحدٍ لله عز وجل. فالله هو الذي يهب الحياة في النفس البشرية وهو من يقرر مسارها، فلا تخالف أحكامه عليها وبالتالي فالإنسان المنتحر نصَّب نفسه مكان الله الذي هو سلطان على كل ما خلق وهذا لا يجوز.

الإنتحار في الإسلام وسرّ الله

ففي العقوبة اللآخروية سيلحق بالمنتحر أشد العقوبات جراء حكمه على روحه التي هي سرّ الله. وأجزمت ان الإنتحار ما هو إلا عدة الملفس الذي لا يملك إرادة حرة في النهوض إلى حياة أفضل، وينبغي عليه البحث عن حلول جديدة فالدين والحياة كفيلان بتعليم الإنسان ما يحتاجه، فاليأس ليس من شيمة المؤمن الحقيقي والتمسك بالإيمان بالله واليوم الآخر ومشيئته سبحانه هما الأقوى في إستمرارية الحياة وذهاب الهم والغم، فعلينا المحافظة على تطبيق ما تعلمناه من الإسلام ومن خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام وبخاصة من الكتاب العظيم الذي حمل لنا وعمل على تصحيح النفس والإعتناء بها.

كيف يمكن أن نقول لا والجدارة العظمى والشامله كانت لديننا الإسلامي في حل جميع المشاكل التي وجدت بهذا الكون متماشيا مع كل ما هو مستمر، فالقرآن أقوى دليل لعلاج الامراض، والأنفس المرهقة وحل النزاعات فيها. مما يبين عنايته سبحانه بمخلوقه المفضل الذي مكنه على الأرض.

أضف تعليقك هنا

رقية علي

مذيعة لدى | @SaawtApp #على_ناصية_حلم ☝?️