تعيين السلطة لبن دربال ،هل يرضى التيار الإسلامي سياسيًا ؟

تعيين بن دربال

بمُوجب المادة 194 قام بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية بتعيين السيد “عبد الوهاب دربال” “رئيسا للهيئة العليا المُستقلة – لمراقبة الانتخابات التشريعية” المُقبلة وذلك بعد استشارة 70 حزبا معتمدُا ،بموافقة حوالي 47 حزبًا مع تحفظ 9 أحزاب فيمَا اعترضت 7 أحزاب ،لأنها طالبت بوضع “هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات” تُشرف عليها الأحزاب وليس السلطة، بَيان رئاسةِ الجمهورية كان واضحًا ويحملُ عدةَ دلالات وقراءات سياسية، وخاصةً لدى النخب المحسوبة على التيار السياسي الإسلامي، والذي كانت له اعتراضات متكررة على طريقة إدارة كل الانتخابات التي جرت في الجزائر .سواءً كانت رئاسية أو برلمانية ،أو حتى محلية.

بن دربال والأحزاب الإسلامية قام الرئيس بوتفليقة بتعيين السيد "عبد الوهاب دربال" رئيسا للهيئة العليا المُستقلة، لمراقبة الانتخابات التشريعية المُقبلة

فالأحزاب الإسلامية التي حاولت السلطة إرضاءها بتعيين واحد منَ النُّخب الرسمية المحسوبة على التيار الإسلامي، وذلكَ رغبةً من النخب الحاكمة في إحداث شرخ وانقسامات واضحة في صفِ الإسلامي السياسي ،الذي يعانى الانقسام مُنذ سنوات طويلة أصلاً ،بين نخب إخوانية ،وسلفية ،وأخرى محسوبة على تيار الدعوة والتبليغ ،أو المحسوبة على تيار الوهابية السلفية…..الخ ،والذين لم يَستطيعوا لحدِّ الساعة الاتفاق على “مشروع نهضوي إسلامي وطني” ،يجتمع الكل تحت مظلته ،فهذه الانقسامات طالت حتى دواخل الأحزاب وبطونهَا ،وأبرزهَا ربما “حركة مجتمع السلم” أو “حمس” التي بقت 20سنة في السلطة ولم تستطع إحداث تَغيير حقيقي جذري في الحياة السياسية، أو الاقتراب من المواطنين من أجل تنفيذ برامجهَا الفكرية ،أو الثقافية ،أو الاقتصادية، التي طالما وعدت بتنفيذهَا ،وقد أتيحت لها فرصةٌ ذهبيةٌ ،يوم كان السيد “أبو جرة سلطاني” رئيسًا لحكومة ،والأمين العام لحركة ،ولكنه فضَّل تنفيذ برنامج الرئيس كاملا ،ولكنه فشل واضطرت الحركة لخروج منَ الحكومة مرغمةً ،وفك الارتباط مع التَحالف الثلاثي الذي ضمَّ أيضًا “الأفالان – والأرندى” وبعد مجيء السيد “عبد العزيز مقري” تغيَر الوضع وأصبح معارضًا إسلاميًا تقليديًا .يرى في الدخول إلى الحكومة خطيئةً كبرى لا تغتفر ربمَا مع أنهُ من أشدِّ المدافعين عن طرح الانتخابات البرلمانية ،والانضمام إلى سباقها بدعوى أنَ “مَجلس شورى الحركة” أراد ذلك وتطبيق مقرراته أمر واجب شرعًا تنفيذًا لقوله تعالى” وأمركم شورى بينكم”,إضافة إلى أحزاب مثل:” حزب الحرية والعدالة: لوزير السابق “مُحمد السعيد بلعيد” أحد المحسوبين على التيار والمقربين لدكتور ” أحمد طالب الإبراهيمي” أحد رموز التيار الإسلامي الفكري ،وأبرزُ الفاعلين في الساحة السياسية سنوات الثمانينات ،وبداية التسعينيات منَ القرن الماضي لينحصر دوره بعد قُدوم بوتفليقة إلى السلطة ،وينحصرَ نُفوذه وظهوره الإعلامي كذلك.

تكتل الجزائر الخضراء وبن دربال

أمَّا “أحزاب النهضة” وكذلك “حزب جبهة العدالة والَّتنمية” والتي كانت أي “حركة النهضة” جزءًا مما عُرف إعلاميًا “بتكتل الجزائر الخضراء” والذي أبصر النور في شهر مارس 2012 وضمَّ أحزاب “حركة الإصلاح الوطني” والتي أمينهَا العام الحالي والنائب بالبرلمان السيِّد “فيلالى غوينى” والتي تشهد حركة تصحيحيةً وانقسامات حادةً حاليا كان أبرزَ أسبابهَا ربمَا حسب ما يقول مُتابعون ، رَغبة قيادات الحركة الحالين المشاركة في الانتخابات التشريعية 2017، و أيضا ضمَّ هذا التحالف إلى جَنباته “حركة مُجتمع السلم” قبل أنْ ينفرط عِقده، نتيجة خلافات سياسية ،مَصلحيه ،إيديولوجية بالدرجة الأولى .

فرأت هذه الأحزاب الإسلامية: بأنَ ما قامت به السلطة، منْ تعيين السَيد دربال في المَنصب المذكور. ليس إلا ذرًا لرماد في العيون، ومحاولةَ مكشوفة لشقِّ التيار باعتبارهَا أحزابًا معارضةً ،ولا تثق في السلطة وما يصدر عنها منْ مُبادرات أي كان نوعها ،وأمَام حالة الشدِّ والجذب بين الأحزاب الإسلامية الكبرى في الجزائر، ومَواقفها المتضاربة من تعيين “السيد عبد الوهاب دربال -رئيسًا لهيئة العليا لمراقبة الانتخابات” ولكنها متفقةٌ على المُشاركة في الانتخابات التشريعية المُقبلة ،وإنْ لم يكن كلهَا فمعظمهَا . غنائم هذه الانتخابات الكبيرة ، رغم ما تقوله من وجود تزوير مُحتمل ،وبنسب كبيرة في نتائجهَا ،و حبُ السلطة، والنفوذ، تأْتي قبل المَبادئ والقيم السياسية دومًا ،وهكذا عودتنا الأحزاب السياسيَة الجزائرية ،وقادتها مُنذ إقرار التَعددية الحِزبية والسياسية باختلاف مشاربهَا ،ومنطلقاتهَا ومدارسهَا الفكرية ،أو السيَاسية ما دام أنَ المصلحة موحدةٌ لهم دومًا في نهاية المَطاف.

أضف تعليقك هنا

عميرة أيسر

كاتب جزائري