سعر الصرف في مصر إلى أين؟

شهد سعر الصرف في مصر عدة ارتفاعات مؤخراً, فأصبح موضوع الساعة، خصوصاً بعد تصريحات مسؤلي البنك المركزي عن نيتهم تحرير سعر الصرف، مما أثار عدد من التساؤلات فيما يتعلق بأثر ذلك على ارتفاع الاسعار! وهل نحن مضطرون إلى اتباع تلك السياسة؟ واخيراً ما هي التجارب السابقة للدول الاخرى التي اتبعت تلك السياسة؟ وهذا ما سوف نجيب عليه في هذه المقالة.بالرغم من صعوبة تطبيق التعويم، الا ان معظم الدول التي طبقت هذه السياسة تحسنت مؤشرات ادائها في النهاية، وعبرت باقتصادها

انشئ صندوق النقد الدولي لتنظيم سياسات سعر الصرف يبن جميع دول العالم، وكان دائما أمام كل دولة عدد من السياسات لتحديد سعر الصرف. فهناك تسع سياسات مختلفة لتحديد سعر الصرف، تتدرج وفقاً لدرجة تحرير سعر الصرف. ويمكن تقسيم السياسات الى ثلاثة مجموعات.

سياسات سعر الصرف ضمن مجموعات عامة

المجموعة الأولى لسياسات سعر الصرف

 

الأكثر ثباتاً وهي مجموعة الترتيبات الثابتة ويندرج تحتها ثلاثة سياسات، منها عملة الاتحادات وسياسة مجالس العملة وأخيراً سياسة سعر الصف الثابت.

المجموعة الثانية لسياسات سعر الصرف

والتي يطلق عليها مجموعة الترتيبات الوسيطه ويندرج تحتها اربعة سياسات اكثر تحريرا لسعر الصرف عن المجموعة السابقه، الاولى سياسة الربط القابل للتعديل حيث يتم ربط سعر الصرف بعملة واحد وهي الدولار، والثانية سياسة الربط المتحرك والثالثة طريقة الربط بسلة عملات حيث يتم ربط سعر الصرف بسلة من العملات التي تثمل الدول التي تعكس التجارة الدولية، والرابعة طريقة المناطق المستهدفة حيث يتم وضع حدود قصوى ودنيا يتدخل البنك المركزي للحفاظ على سعر الصرف في تلك الحدود، وهذا الطرق الاربعة تشترك في أنها تسمح بتغير سعر الصرف على فترات طويلة نسبيا تتراوح بين خمس سنوات أو اكثر.

المجموعة الثالثة لسياسات سعر الصرف

ويطلق عليها مجموعة اسعار الصرف العائمة، وهي الاكثر تحريراً لسعر الصرف، ويندرج تحتها سياستين، ليكتمل مجموع السياسات بتسع سياسات مختلفة. الاولى هي سياسة سعر الصرف العائمة الموجه او كما يطلق عليه التعويم الموجه، والثانية سياسة سعر الصرف العائمة الحرة او كما يطلق عليه التعويم الحر. وهي السياسات صاحبة السمعة السيئة، لما لها من تأثير على اضطراب سعر الصرف وبالتالي الاسعار.

سياسة سعر صرف الجنيه”EGP” مقابل الدولار تاريخيا “USD”

خلال الثمانينات ومرحلة الاصلاح الاقتصادي طبق البنك المركزي المصري سياسة الربط المتحرك بالدولار.

ويبقا السؤال اي السياسات نتبع الان؟ وما هي السياسة التي ينوي البنك المركزي تطبيقها كما صرح؟. الحقيقة انه خلال الثمانينات ومرحلة الاصلاح الاقتصادي طبق البنك المركزي المصري سياسة الربط المتحرك بالدولار، حيث يقوم البنك المركزي بتعديلات منتظمة ودورية لسعر الصرف. وخلال هذه الفترة شهدت مصر استقرارا نسبا في سعر الصرف تلاه استقرار في معلات التضخم. وأستمر العمل بسياسة الربط مع بداية التسعينيات(1991-1998) وبرنامج الاصلاح الاقتصادي والتثبيت الهيكلي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. أما خلال الفترة من (1999-وحتى الان) اتجه البنك المركزي المصري إلى تطبيق سياسة التعويم المدار وهي السياسة التي تندرج تحت المجموعة الاكثر تحريرا لسعر الصرف. هذا تاريخ مصر مع سياسات سعر الصرف حتى الان. فماذا عن خطة البنك المركزي لمستقبل سعر الصرف في مصر؟

سعر الصرف بعد تعويم الجنيه

ينوي البنك المركزي المصري تطبيق سياسة التعويم الحر، وهي اقصى درجات تحرير سعر الصرف، حيث يترك للعرض والطلب دون اي قيود ولا حدود ولا تدخل من البنك المركزي. وذلك تحت الضغط من صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر هذا شرطاً لتقديم القرض الممثل في 12 مليار دولار.

الكثير من الدول التي مرت بازمات اقتصادية مشابه لما نمر به الان، لجأت هي ايضا لصندوق النقد الدولي، الذي يتبنى تطبيق سياسات الاقتصاد المفتوح مع تطبيق سياسات تحرير سعر الصرف. وقد أدت موجة الازمات في التسعينات إلى توجيه الانتباه إلى محنة الدول التي فتحت اسواقها المالية أو كما هو معروف تاريخيا بازمة الخطيئة الأولى، والمقصود بها ندمها بعد تطبق سياسة سعر الصرف العائم الحر، كما حدث في المكسيسك عام 1994 ودول شرق اسيا في التسعينيات وحدث في الارجنتين في عام 2001 وتسبب في عجزها عن دفع ديونها وحالات افلاس واسعة النطاق.

والحقيقة أنه بالرغم من صعوبة هذا الحل الا ان معظم الدول التي طبقت هذه السياسة تحسنت مؤشرات ادائها في النهاية، وعبرت باقتصادها من الأزمة التي مرت بها.

أضف تعليقك هنا

دكتور اسلام محمد محمد

أستاذ محاضر في مجال الإقتصاد