عمرو بن العاص رضي الله عنه

“أسلم الناس وأمن عمرو بن العاص” صدق رسول الله “صلى الله عليه وسلم”.

يحتاج المسلمون إلي تذكيرهم بسير رجالاتهم واخبار سابقيهم، والوقوف علي صفاتهم وأفعالهم لكي نقتدي بهم لانهم استقوا من النبع الصافي وتربوا علي يد خير معلم في تاريخ البشرية. أسرد لمحات من حياة داهية العرب، وفذ من أفذاذ قريش، يُضرب به المثل بالفطنة والذكاء.

والان نجد الشباب المسلم يلهث وراء تقليد كل ماهو غربي وشرقي ونسوا أن اجدادهم هم من قادوا العالم يوم أن تمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله “صلي الله عليه وسلم” تجد الشباب المسلم يقلد كل رمز من رموز الغرب دون تفكير.

فسيرة اصحاب رسول هي النبع الذي يجب أن يُستقي منه ويربي عليه المسلمون إذا كانوا يريدون اصلاحا وعزاً، وإذا ذكرت سيرة الصحابة تجد المنافقين والمستشرقين يجلون بخيلهم ورجلهم لتشويه تلك الصورة الناصع عن أصحاب رسول الله، وغرضهم من الطعن في الصحابة لكي يتسني لهم الطعن في القرآن والسنة، لأن الطعن في الناقل هو طعن في المنقول، نعوذ بالله من الخذلان.

وأنا أمسك قلمي لكي أدافع عن ابائي من صحابه رسول الله “صلي الله عليه وسلم”، ونحن بصدد الكتابة عن صحابي شوّهت سيره كثيرا في التاريخ إنه عمرو بن العاص “رضي الله عنه”.

عمرو بن العاص “رضي الله عنه”

ويكفيه قول رسول الله “صلي الله عليه وسلم” عنه : “أسلم الناس وأمن عمرو بن العاص” وها هي لمحات من حياه داهية من دهاة العرب ‘وفذ من افذاذ قريش يضرب به المثل في الفطنه والذكاء.

إسلام عمرو بن العاص

وندع عمرو بن العاص يحدثنا عن إسلامه: قال كنت للإسلام مجانبا معاندا، حضرت بدرا مع المشركين فنجوت، ثم حضرت أحدا والخندق فنجوت، فقلت في نفسي: كم أوضع، والله ليظهرن محمد على قريش. فلحقت بمالي بالوهط. فلما كان صلح الحديبية، جعلت أقول: يدخل محمد قابلا مكة بأصحابه، ما مكة بمنزل ولا الطائف، وما شيء خير من الخروج. فقدمت مكة فجمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، فقلت: تعلمون -والله- إني لأرى أمر محمد يعلو علوا منكرا، وإني قد رأيت رأيا. قالوا: وما هو؟ قلت: نلحق بالنجاشي فنكون معه، فإن يظهر محمد كنا عند النَّجَاشِيِّ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُوْنَ تَحْتَ يد محمد. وإن تظهر قريش فنحن من قد عرفوا.

قالوا: هذا الرأي. قلت: فاجمعوا ما تهدونه له، وكان أحب مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِنَا الأَدَمُ.

فَجَمَعْنَا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى أتيناه، فإنا لعنده؛ إذ جاء عمرو بن أمية الضمري بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ليزوجه بأم حبيبة بنت أبي سفيان فدخل عليه ثم خرج من عنده، فقلت لأصحابي: لو دخلت على النجاشي، فسألته هذا فأعطانيه لقتلته لأسر بذلك قريشا.

فدخلت عليه فسجدت له فقال: مرحبا بصديقي، أهديت لي من بلادك شيئا؟ قلت:
نعم أيها الملك أهديت لك أدما، وقربته إليه، فأعجبه، ففرق منه أشياء بين بطارقته، ثم قلت: إني رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول عدو لنا قد وترنا وقتل أشرافنا، فأعطنيه فأقتله، فغضبب ورفع يده فضرب بها أنفي ضربة ظننت أنه كسره، فابتدر منخراي فجعلت أتلقى الدم يابي، فأصابني من ذلك الذل ما لو انشقت لي الأرض دخلت فيها فرقا منه.

ثم قلت: أيها الملك: لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتكه. قال: فاستحيا، وقال: يا عمرو، تسألني أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى -عليهما السلام- لتقتله؟ قال عمرو: وغير الله قلبي عما كنت عليه، وقلت في نفسي: عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت؟ قلت: أتشهد أيها الملك بهذا؟ قال: نعم، أشهد به عند الله يا عمرو، فأطعني واتبعه، فوالله إنه لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه، كما ظهر موسى على فرعون. قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعني على الإسلام، ثم دعا بطست، فغسل عني الدم، وكسانى ثيابا، وكانت ثيابي قد امتلأت بالدم فألقيتها.

وخرجت على أصحابي فلما رأوا كسوة النجاشي سروا بذلك، وقالوا: هل أدركت من صاحبك ما أردت؟ فقلت: كرهت أن أكلمه في أول مرة، وقلت: أعود إليه- ففارقتهم، وكأني أعمد لحاجة- فعمدت إلى موضع السفن فأجد سفينة قد شحنت تدفع. فركبت معهم، ودفعوها حتى انتهوا إلى الشعبية، وخرجت من الشعيبة ومعي نفقة، فابتعت بعيرا، فإذا رجلان قد سبقاني بغير كثير، يريدان منزلا، وأحدهما داخل في خيمة، والآخر قائم يمسك الراحلتين.

فنظرت فإذا خالد بن الوليد. فقلت: أبا سليمان؟ قال: نعم. قلت: أين تريد؟ قال: محمدًا، دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طعم، والله لو أقمت لأخذ برقابنا كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها. قلت: وأنا والله قد أردت محمدا وأردت الإسلام. فخرج عثمان بن طلحة، فرحب بي، فنزلنا جميعا ثم ترافقنا إلى المدينة، فما أنسى قول رجل لقينا بدير أبي عنبة يصيح: يا رباح، يا رباح. فتفاءلنا بقوله، وسرنا ثم نظر إلينا، فأسمعه يقول: قد أعطت مكة المقادة بعد هذين. فظننت أنه يعنيني وخالد بن الوليد. وولى مدبرا إلى المسجد سريعا فظننت أنه بشر النبي صلى الله عليه وسلم بقدومنا، فكان كما ظننت.

وأنخنا بالحرة فلبسنا من صالح ثيابنا، ونودي بالعصر، فانطلقنا حتى اطلعنا عليه، وإن لوجهه تهللا، والمسلمون حوله قد سروا بإسلامنا. وتقدم خالد فبايع، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع، ثم تقدمت فوالله ما هو إلا أن جلست بين يديه، فما استطعت أن أرفع طرفي إليه حياء منه، فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ يُغْفَرَ لِي مَا تَقدَّمَ من ذنبي، ولم يحضرني ما تأخر. فقال: “إن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها”. فوالله مَا عَدَلَ بِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبخالد أحدا في أمر حزبه منذ أسملنا، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بتلك الحال، وكان عمر على خالد كالعاتب.
“سير اعلام النبلاء”

وكان عمر بن الخطاب _رضي الله عنه _معجبا بدهائه ‘حتي ان عمر اذا استظعف رجلا في رأيه قال “أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد”،

ولم يدفعه دهائه وحنكته الي الغرور والتكبر ؛ بل كان حسن الخلق يقول قبيصه بن جابر :”صحبتُ عمرو بن العاص فمارايت رجلا أبين قرآنا ,ولا اكرم خلقا ,ولا اشبه سريره بعلانيه منه ”

الاصابة

فرضي الله عنه وارضاه وجعل دار الخلد مثواه
واخرج مسلم في صحيحه من حديث ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، يَبَكِي طَوِيلًا، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا؟ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي، وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، فَقَتَلْتُهُ، فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا، فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ، وَلَا نَارٌ، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي”.

وفي روايه عن عبدالله بن عمرو “أن أباه قال عند موته اللهم انك امرتنا فأضعنا ونهيتنا فركبنا، فلا بريء فاعتذر، ولا عزيز فانتصر، ولكن لا إله إلا أنت، ومازال يرددها حتى مات”، طبقات ابن سعد.

وفاة عمرو بن العاص

قال: اللهم إنك أمرتنا فأضعنا ونهيتنا فركبنا، فلا بريء فاعتذر ولا عزيز فانتصر، ولكن لا إله إلا أنت، ومازال يرددها حتى مات

وكانت وفاته ليله عيد الفطر سنه ثلاثه وأربعين ،وصلي عليه ابنه عبدالله ، ودفن يوم العيد
رضي الله عنه وارضاه وقارب التسعين
رضي الله عنك يا عمرو
فان حسنات أهل مصر كلاها في ميزان حسناتك
رضي الله عنك وارضاك وجعل الجنه مثواك
ونحن نعلم اننا لم نوفيك حقا فسامحنا يا صاحب رسول الله علي التقصير في حقك وما كان من صواب فمن الله وحده وما كان من خطاء ونسيان مني ومن الشيطان واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

جمع وترتيب العبد الفقير/
ابو سفيان احمد
ahmedadel_1992

أضف تعليقك هنا