قانون التقاعد النسبي وتداعياته على الطبقة العمالية

قانون التقاعد النسبي

في خضم الإجراءات التقشفية التي هي عنوان المستقبل الاقتصادي كما نَظرت له الحكومة، وفق رؤية قانون المالية التكميلي 2016-2017 وما انجر عنه من مشاريع قوانين قاسية وغير منصفة البَتة. ومنها إقرار قانون التقاعد النسبي وتعديل شروطه بما يرفع سن التقاعد بالنسبة للرجل إلى 60 سنة، والمرأة في حدود 50 سنة، وإلغاء التقاعد المبكر لمن أراد ذلك قبل تلك المدة، حتى ولو قضى 3 0سنة في مهنته كما كان معمولا به سابقا وفق قانون 1997، الذى أعطى حق التقاعد النسبي، وكان بأوامر من صندوق النقد الدولي في حينه، الذي فرض منظومة من الإصلاحات الاقتصادية الصعبة جدًا راح ضحيتها الآلاف من العمال الذين تم توقيفهم من العمل بعد غلق مؤسساتهم وبيعها بالدينار الرمزي. الطبقة العمالية الكَادحة التي ترزح تحت ظروف مأساوية تطرح جملة من التساؤلات المحقة

ورغم كل هذا اعتبر العمال هذا القانون مكسبًا لهم منذ ذلك الوقت وحقا طبيعيًا مكتسبًا نتيجة نضالات طويلة قاموا بها منذ سنة 1983، وانشاء الصندوق الوطني للمتقاعدين والذي أضيف له الصندوق الوطني الخاص بإطارات الجيش المتقاعدين – وكذلك الخاص بإطارات الدولة المتقاعدين كالمسئولين الكبار والسفراء وحتى النواب وغيرهم، ومنذ الخطوات الأولى التي اتخذتها الحكومة لجعله أمرًا واقعا وبقوانين تنضم عمل الصندوق من جديد حتى بدأت النقابات العمالية المختلفة. ومنها المنضوية تحت سلك النقابة الوطنية لأسلاك المشتركة وغيرهَا، في شن موجة من الإضرابات العمالية لضغط على الحكومة من اجل إلغاءه. وفي قطاعات كالصحة والتربية وبلغ عددهَا 12نقابة أصابت حوالي 5 قطاعات بشبه شللا تام.

ورغم كل ما قامت به تلك النقابات من احتجاجات ووقفات وقدمت العديد من التظلمات إلى الحكومة والى الوزير محمد الغازي وزير العمل والتشغيل والتضامن الاجتماعي من اجل فتح باب الحوار وقبل 5 أشهر، ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل رغم أنهم قدموا إشعارًا بالإضراب المفتوح وفق القانون رقم 90-02 وكان لزامًا على الوزير الممثل لحكومة وقتها، أن يترك كل شيء جانبًا ويجلس مع ممثلي النقابات من أجل التَفاوض لإيجاد مَخرج يرضى العمال بالدرجة الأولى وهذا ما لم يحدث وسط كيل سيل منَ التهم وإلقاءهَا جزافاً وهذا ما تقوم به للأسف الوزارة في كل مَرة ومنذ عهد الوزير السابق الطيب لوح.

قانون التقاعد النسبي بالأرقام

لماذا تلجأ الحكومة إلى الأخذ من أموال الصندوق الوطني لتَقاعد دون المساس بالصناديق الخاصة بالمؤسسة العسكرية؟

فالحكومة تقول بأنَ هناك حوالي 2.5مليون متقاعد يستفيدون من رواتب التقاعد منهم حوالي 700الف متقاعد يستفيدون من رواتب التقاعد النسبي وهُناك أكثر من 800الف متقاعد يستفيدون من رواتبهم باعتبارهم كانوا ضمنَ موظفي القطاع العمومي، وبالتالي فان الصندوق الوطني لتقاعد يصرف أكثر من 1000 مليار دينار لتغطية تكاليفهم والزيادة السنوية على الراتب التقاعدي والتي تقدر بحوالي 2.5 بالمئة وهى ربمَا الأضعف عالميًا، وبالتالي فيجب على الدولة في ظل ما تمر به من أزمات خانقة أن تلجأً إلى إعادة التوازن بما يخدم المصلحة العليَا للدولة.

ولكن في المقابل فإنَ إحصاءات صندوق النقد الدولي الرسمية تقول: بأنَ الحكومة تخسر حوالي 10مليار دولار من أموالها نتيجة الفساد المالي والاقتصادي، الذي ينخر قطاعات كثيرة وبدل الطمَع في رواتب من افنوا حَياتهم في خدمة دولتهم ،فإن عليها القضاء على الفساد وبالتالي ووفقا لنفس إحصاءات الصندوق سيرتفع الدخل بنسبة 400 في المائة وستكون هناك أموالٌ إضافية لتمويل الخزينة دون عناء لمدة 3سنوات قادمة .

فالطبقة العمالية الكَادحة التي ترزح تحت ظروف مأساوية تطرح جملة من التساؤلات المحقة؟ وعلى رأسهَا لماذا تلجأ الحكومة إلى الأخذ من أموال الصندوق الوطني لتَقاعد دون المساس بالصناديق الخاصة بالمؤسسة العسكرية ،أو بالصندوق المخصص للإطارات ،ولمَاذا يجب عليهم أن يتحملوا المسؤولية كاملة ولوحدهم رغم أنَ معظمهم لم يَستفد من البحبوحة المالية للدولة طوال سنوات ولم يتغير عليهم شيء في حياتهم بالمقارنة مع الفئات الاجتمَاعية الأخرى. والتي استفاد بَعضهم حد التخمة منها؟أسئلة ربما ستبقى بدون إجابات ما دامَ أن سياسة الكيل بمكيالين ونظام الولاء والقرابة،هو من يحكم عمل الحكومة وقوانينها في المَقام الأول.

أضف تعليقك هنا

عميرة أيسر

كاتب جزائري