نيتشه والسيستاني .. شتان ما بين الثرى و الثُريّا ؟!

بقلم: أحمد الملا

كثيراً ما نسمع عبارة شتان ما بين الثرى والثريّا، في المقارنة بين أمرين أو شخصين لا تربط بينهما أية صفة مشتركة، وتأتي تلك العبارة لتؤكد بعد المسافة في عمل مقارنة لإستحالته، كبعد نجوم السماء والتي يقال لها مجازاً في تلك المقارنة ” الثريّا ” في الإشارة إلى العلو أو السمو أو العظمة, أما الثرى فهو تراب الأرض في الإشارة إلى الدونية كنوع من التحقير والاستخفاف في الأمر.

ومن هنا يأتي معنى الفرق بين الثرى والثريّا التي كثيراً ما يتداولها الناس في العديد من المقارنات التي تشير إلى العلو من جهة والدونية من جهة أخرى، وبعد الأشياء عن بعضها البعض.

البحوث والمؤلفات

ومحل الشاهد من هذه المقدمة البسيطة التي تكاد معروفة عند الجميع, هو مقارنة ما قدمه السيستاني للمجتمع الإسلامي كعالم دين وللبشرية كعالم بالفلك كما يدعي هو ومؤسسته, فما الذي قدمه السيستاني من بحوث تختص بالفقه والأصول والنظريات الدينية والفقهية والعقائدية ؟ وما هي ؟ وأين هي ؟ وما هي البحوث والمؤلفات التي تؤكد على أنه عالم بالفلك وله القدرة على معرفة الظواهر الفلكية ؟ فأين مؤلفاته وأين كتبه ؟ وكيف تخصص في هذا المجال وهو لا يملك حتى شهادة المرحلة الإبتدائية ؟!.

فهذه التساؤلات البسيطة تثبت لنا حقيقة خواء هذه المرجعية من كل ما نسب لها من عناوين علمية دينية وغيرها وبطلان كل ما تدعيه لعدم وجود ما يدل على ذلك, بل كل ما نسب لها هو عبارة عن أسماء وهمية من جهة ومن جهة أخرى هي بحوث لطلبة حوزة ” دين ” ولم يكن للسيستاني أي جهد فيها, فكيف تسمى عالم وهو ليس بعالم ؟! وكيف أخذ يفتي الناس في ما ليس له به علم ؟.

أليس الفتوى من غير علم كُفر ؟ أليس الفتوى من غير علم تؤدي إلى الهلاك هلاك المفتي وهلاك من يسير على هذه الفتوى ويطبقها كما حصل ويحصل في العراق بسبب فتاوى السيستاني من تحريم الجهاد ضد المحتل، ووجوب انتخاب المفسدين، ووجوب التصويت على الدستور بــ” نعم “، وفتوى القتل والطائفية والتهجير !!

حتى صار العراق بفعل فتاوى السيستاني ساحة صراع دولي ومستنقع فساد حكومي والشعب يخرج من فتنة ويقع بواحدة أخرى أشد وأمضى !!, هذا هو السيستاني المرجع والإمام وصمام الأمان والقائد والخليفة والنائب وهذه هي علميته وتلك هي منجزاته !!.

السيستاني ونيتشه

ولنقارن السيستاني وما قدمه للعراق وللإسلام وللإنسانية وبين ” فريدريش فيلهيلم نيتشه ” الذي قدم من العلوم والبحث العشرات في مجالات عدة في علم النفس والفلسفة واللغة والأدب والنقد وبعض المجالات الأخرى, فعندما يقال إن ” نيتشه” عالم في كذا مجال يُقدم الدليل على ذلك من كتب ومؤلفات خطها بيمينه, فعندما يقال مثلاً إن ” نيتشه ” فيلسوف فيطرح كتابه ” الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي ” كدليل على ذلك, وكذا الحال في باقي المجالات التي تقدم وأبدع فيها هذا الشخص الذي عرف بأنه ملحد.

هنا تكمن المفارقة العجيبة, فعندما أحس ” نيتشه “بقرب أجله طلب من شقيقته قائلاً (( أعطني وعدًا إذا متُ ألا يقف حول جثتي إلا الأصدقاء، ولا تسمحي لقسيس أو غيره أن ينطق الأباطيل بجانب قبري، في وقت لا أستطيع أن أدافع فيه عن نفسي, أنني أريد أن أهبط إلى قبري وثنيًّا شريفًاً )) فتمعنوا في قوله هذا ووصيته تلك, فإنه يريد أن يهبط إلى قبره وثنياً شريفاً !! أي إنه لا يريد أن تتغير صوره بعد موته.

وتشذ عما يعقتد به, إذ إنه شخص ملحد ولا يريد أن يقف على جثته قس وهذا يجعله يظهر بمظهر المتدين, وهنا نلاحظ كيف يبدي ” نيتشه ” تمسكه بما يعتقد به ويحمل له هماً حتى وهو ميت !! فهو يريد أن يموت مرتاحاً وشريفاً وغير ملوث الكنية والسيرة !!

إرث السيستاني ونيتشه

هنا الفرق بيننيتشه وبين السيستاني الذي هو الآن ربما في أحدى قبور النجف ولا يعلم به أحد, هذا هو الفرق بين ” نيتشه ” والسيستاني الذي لم نسمع منه ولو كلمة ندم على كل ما فعله من مفاسد وجرائم وفتن وشبهات فعلها هو بشخصه وبشحمه وبلحمه أو من استغل إسم السيستاني.

وهنا أود أن استذكر ما تناوله المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الثامنة عشرة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” حيث بين المرجع الصرخي في تلك المحاضرة العديد من الحقائق في معرض قراءته لرسالة الإمام السجاد “عليه السلام ” التي وجهها للزهري وأكدها المرجع الصرخي بكونها تنطبق على السيستاني وتشمله بكل ما جاء فيها باستثناء الجانب والوصف العلمي، كون السيستاني لا يمتلك العلم على خلاف ابن شهاب الزهري مفتي البلاط الأموي، لما له من حظ في العلم وبحسب وصف الإمام السجاد “عليه السلام “.

ومما ورد في تلك الرسالة والتي قرأها المرجع في بحثه ضمن عنوان (رسالة للسيستاني بوساطة الزهري جاء فيها للإمام السجاد عليه السلام مخاطباً الزهري)، ((أمّا بعد فأعرض عن كلّ ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم ( أي في ثياب قديمة بالية) لاصقة بطونهم بظهورهم ليس بينهم وبين اللّه حجاب ولا تفتنهم الدنيا ولا يفتنون بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا، فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنّك ورسوخ علمك وحضور أجلك; فكيف يسلم الحدث في سنّه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه)).

خطاب للسيستاني

وعلق المرجع الصرخي موجها خطابه للسيستاني ومن يعتقد ببقائه حياً بقوله : {{… ( إذًا يقول: فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ أنت الذي الآن وضعت قدمًا بل وضعت القدمين في القبر، جسدك كله في القبر إذا لم تكن أنت بكلك وبجسدك وبكل ما يلتحق بالجسد في القبر، لا يُتعامل ولا يُحكى الآن إلّا مع خرافة متجسدة، خرافة لا حقيقة لا انطباق لا جسد لها، خرافة بمعنى الخرافة خيال وهم لا نعلم يتعاملون مع اسم مع عنوان فقط أما الجسد الروح ذهبت إلى حيث دفنت وانتهت، لا نعلم ربما يكون هذا الأمر، هو مشروع تابع لمنظمة،تابع لجهة،أُسس من جهة، صُرف عليه يراد من الاستمرار لأنّه أتى بثمار كثيرة غير متوقعة.

فأنت الذي قدمك في القبر، جسدك في القبر وتفعل هذه الأفاعيل وتتمسك بالدنيا وتطلب الرشا وتضل الناس وتفتي بقتل الناس فما بال الشباب، فما بال حديثي السن؟!!) المدخول في عقله؟!إنّا للّه وإنّا إليه راجعون على من المعول؟ وعند من المستعتب؟ نشكو إلى اللّه بثّنا وما نرى فيك، ونحتسب عند اللّه مصيبتنا بك….}}.

فبعد هذه المقارنة بين ” نيتشه ” وبين السيستاني ومع تلك الرسالة الموجهة إلى السيستاني والتي ذكرها المرجع العراقي الصرخي, فالفرق يكون لنا واضح جداً ويتضح لنا جلياً الفرق بين الثرى والثريّا, بين نيتشه الملحد والسيستاني المرجع !!.

بقلم: أحمد الملا

أضف تعليقك هنا