صحافة الحزب الواحد، ما هكذا تؤكل الكتف

الصحافة في الجزائر: بين بعبعة الاعلام وبعبع السياسة

مما لا ريب فيه، أن الصحافة في الجزائر، أي جزائر التعددية، و التي خرجت من رحم المأساة في عهد التسعينيات من القرن الماضي قد كان لها يد فاعلة في التغيير حيث خاضت عهد التعددية بسجالاتها و مماحكاتها دون هوادة. فإذا قلنا أن الإعلام الجزائري قد لعب دورا هاما في عمليات التغيير الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي، صحافة و إذاعة و تلفزيونا.

إلا اننا مدركون بأن الصحافة في الجزائر كسلطة رابعة، كانت الفاعل الأكبر في ملحمة التغيير تلك، بحكم أنها كانت السباقة في الظهور عالميا ومحليا، مما مكنها من قيادة خطام التغيير منذ الفترة الاستعمارية، كما مكنها بعد ذلك من خوض غمار التعددية بشجاعة و جرأة، و دخول قفص الحرية الإعلامية بثوبها الأبيض لتنعم بعض الوقت بعصرها الذهبي الذي منحها الحرية و الانطلاقة السريعة و الزئبقية نحو البوح بالمحضور بعد أن سكتت عن الكلام المباح سنين طوال مضت.

1 / الصحافة الاستعمارية، ومن استرعى الذئب فقد ظلم !

لقد كان ولوج فرنسا الاستعمارية إلى الجزائر مدججا بترسانة من الوسائل الاتصالية و المعدات و القوى البشرية المؤهلة للعمل الصحفي ، و كان ذلك على يد المستعمرين ، فلقد كانت تعلم أن تحويل و تغيير شعب عن أصالته و هويته يستلزم جهدا مضن يتطلب حشد كل ما يمكن حشده من الآليات و الوسائل لتحقيق ذلك و كانت صحيفة (بريد الجزائر) الناطقة بالفرنسية هي أولى صحف الحملة الاستعمارية في الجزائر ، إذ كانت الصحافة الرهان الذي راهنت عليه .. و هنا و دون مغالطة نقول أن أول ظهور للصحافة المكتوبة في المغرب العربي كان في الجزائر. \

الاعلام التبشيري الفرنسي

ومع صدور قانون حرية الصحافة عام 1881 في فرنسا ، تم تطبيقه مباشرة في الجزائر ، لتواصل سيطرتها على الجزائر عبر الاعلام التبشيري والادماجي ، حيث أصدرت الحكومة الفرنسية صحفا ناطقة بالعربية و ذلك فقط من أجل الدعاية لها و التأثير على اتجاهات الرأي العام الجزائري لإقناعهم بالاشتراك في الحرب إلى جانب فرنسا ، و في ضَل هذا القانون كانت هناك مبادرة اولى لإنشاء صحيفة جزائرية كانت ( كوكب افريقيا ) . إلا أنه بعد الحرب العالمية الأولى نبعت الحاجة الحقيقية إلى خلق صحافة عربية وطنية جادة تعبر حقا عن المجتمع الجزائري و تطلعاته ، فرغم الإمكانيات البسيطة إلا أنها استطاعت أن تنشط بعيدا عن المدرسة الفرنسية و تؤدي دورها في درأ مخططات المستعمر و إفشال مشروعهم الاستدماري مثل ( البصائر ، النجاح ، الشهاب ) لعبد الحميد بن باديس ..و غيرها من الصحف ، إلا أن هذه الصحافة الجزائرية لم تكن تحض بما حضيت به الصحافة الفرنسية بالجزائر من إمكانات مادية و تسهيلات إدارية لاسيما حرية النشاط و التعبير.

ترسيخ فكرة الاستعمار

إذن ، لقد عرفت الصحافة في الجزائر إبان عهد الاستعمار حرية جعلتها تمارس مهمتها بدون قيود ولا رقابة ، ولكن حرية الصحافة في ذلك الوقت اقتصرت على الصحف التابعة للإدارة الفرنسية من أجل أغراضها الاستعمارية ، لذلك قيدت عمل الصحف الوطنية آنذاك ، ولطالما تابعتها بالمصادرة والإيقاف ومعاقبة الذين يحاولون ممارسة الحرية الإعلامية ضد المستعمر. وبهذا ندرك أن دور الصحافة الاستعمارية آنذاك قد اقتصر على ترسيخ فكرة الاستعمار و مبادئه الرامية إلى جعل الجزائر جزءا لا يتجزأ من فرنسا ، موجهة قلمها نحو إبادة الشعب الجزائري في أصالته و كينونته و سجيته الموحدة ، هكذا تم تسليم مشعل الحرية المزعومة لصحافة الاستعمار لخدمة غاياته الاستيطانية و تحقيق مطامحه التوسعية .. هكذا حينما يلعب الذئب دور الراعي …. لتقول العرب : و من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم !

2 / صحافة الثورة، هل يفتى ومالك في المدينة؟

لقد كانت الصحافة الجزائرية في بداية مرحلة الثورة التحريرية مضطهدة من طرف السلطات الفرنسية و ذلك خوفا منها أن تعمل هذه الصحف على نشر الوعي التحرري فاختفت معظم الصحف إلا تلك التي كانت تنشط بالسر كجريدة ( الجزائر الحرة ) الصادرة باللغتين و التي كانت رغم ضعف امكانياتها و حداثة تجربتها الصحفية إلا أنها تمكنت من مواجهة قوة استعمارية إمبريالية و تجييش مشاعر الشعب الجزائر و رفع مستويات الوعي نحو الثورة و التحرر و تقرير المصير ، دون أن نغفل أن الصحافة في الجزائر قد عرفت كذلك صحافة الحركة الوطنية و التي لعبت هي الأخرى دورا ملموسا في التغيير الاجتماعي آنذاك لا سيما ( البصائر ) لجمعية العلماء المسلمين .

و يعد مؤتمر الصومام 1956 منعرجا حاسما انبثق من رحمه صحيفة ( المجاهد ) التي أصبحت الناطق الرسمي للثورة التحريرية و لسان جبهة التحرير الوطني . و لعل أنه من المثير للانتباه أن صحافة الثورة لم تكتف بالتغيير على مستوى الجمهور المحلي ، و إنما فرضت عليها الظروف التي شوهت صورة الكفاح الجزائري بالخارج عبر الإعلام العالمي أن تمتد بنشاطها إلى خارج الوطن فأصدرت صحفا في الخارج اتسمت بالسرية للرد على تلك الدعايات ، كما دعت إلى إثارة الوعي التحرري من أجل جزائر مستقلة.

صحافة الثورة التحريرية

فرغم التضييق على الصحافة الجزائرية الموازية لتلك الصّحافة الاستعمارية ، إلا أنها لعبت الدور البارز في التغيير الاجتماعي و السياسي خاصة في مرحلة الثورة التحريرية ، حيث نشرت فكرة الثورة خارج الوطن ، وساعدت على زيادة الوعي الثوري وتوسيع صفوف الثورة ، وإسماع كل العالم الخارجي دوي الرصاص ، فقد كانت الصحافة في الجزائر آنذاك ، بحق هي لسان حال الثورة ، بيد أنها كانت تنشط في سرية تامة هذا لأن الاستعمار كان يقصقص أجنحة الصحافة التحررية مانعا إياها الوصول إلى أفق الحرية ، في حين كان هو يمارس الحرية الصحفية المطلقة في محاولاته لجعل الجزائر جزءا لا يتجزأ من فرنسا ! .

لقد شكلت الصحافة الاستعمارية في الجزائر و الصحافة الجزائرية التحررية قوتان متضاربتان إحداهما حاولت تغيير المجتمع الجزائري بتحويله عن هويته الأثيلة و تغريبه ، و الثانية قوة مضادة جاءت لتذب و تذود عنه ، محاولة إحداث التغيير الثوري ضد الوجود الكولونيالي الغاشم ، فكان لها ذلك ، إذ اعتلى قلمها قلم الصحافة الاستعمارية فكان أداة تغيير حقيقية لامست مطامح الشعب الجزائري و عبرت عن مطالبه التحررية و سارت بها نحو التحقيق ، فكانت بحق لسان حال القضية الجزائرية مما جعلنا نقول و بفخر .. و هل يفتى و مالك في المدينة !؟

3 / صحافة الحزب الواحد، ما هكذا تؤكل الكتف !

ومع الاستقلال أممت الجزائر صحفها ، وحاولت إعطائها الدور الذي يجب أن تلعبه في هذه المرحلة الجديدة مع التصريح بإقامة نظام اشتراكي في بدايات عهد الجزائر المستقلة تحت مضلة حكم الرئيس الراحل (احمد بن بلة) ، و خاصة بعد إنقلاب جوان 1965 حيث أضحت الصحافة في الجزائر تحت ملكية الدولة التامة، و استمرت جريدة المجاهد في تزعمها الصحف الاخرى فهي لسان الحزب والمعبرة عن الدولة ككل، إضافة ظهور صحف يومية جديدة مثل le peuple ، الشعب ، النصر ، الجمهورية .

صحافة خدمة النظام

فدور الصحافة في الجزائر خلال هذه المرحلة لم يتعدى نطاق خدمة النظام ، و الحديث عن السياسة الرسمية و الدفاع عن التوجه الثوري و الاشتراكي للدولة ، رافعة شعار”كل شيء على ما يرام ” ، فالصحفي آنذاك ما هو إلا مجرد مناضل يعمل من أجل تحقيق أهداف حزب جبهة التحرير الوطني . ! . و لكن ، دون إجحاف.

صحافة التنمية الوطنية

لا يمكننا المرور على رابية العهد الاشتراكي دون الاعتراف بالدور الملموس الذي لعبته الصحافة الحكومية في سبيل التنمية الوطنية والمساهمة في بناء الدولة الجزائرية الحديثة ، و هذا مع مرحلة حكم الرئيس الراحل (هواري بومدين) ،إذ نلمح وعي السلطة بتوجيه صحافتها نحو خدمة الوطن و محاولة الخروج به من وحل التخلف و المساهمة في التغيير الاجتماعي ،فجندتها الدولة من أجل أداء دور حاسم ساهم في دفع عجله التنمية ، وهذا من خلال بث سياستها التنموية وإيصالها للجمهور والتعريف بالمشاريع والأهداف المرجوة منها ، كما عملت الصحافة آنذاك على تجنيد الرأي العام نحو تنميه وطنه والمساهمة في بنائه و إصلاحه، و هذا أمر ايجابي لا يمكن إنكاره بأي حال من الأحوال على الرغم من الرقابة التامة المفروضة ، فقد تكون المرحلة فعلا تستدعي ذلك .

و استمر الحال على ما كان عليه ، في المرحلة التالية التي جسدها نظام الرئيس الراحل ( الشاذلي بن جديد ) ، صحافة تكرس العقيدة الاشتراكية ، وبالتالي بقيت الصحافة مقيدة تحت رقابة الدولة التامة ، و هذا ما عززه صدور قانون الإعلام الجديد 1982 الذي حمل بين طياته جحافل من العقوبات و المخالفات تكبل العمل الصحفي الحر ، فظل شعار “كل شيء على ما يرام” يسبح في الأفق إلى غاية الانفجار الاجتماعي الذي خلفته المرحلة.

فظهرت الأزمة الاقتصادية في الجزائر فتفاقمت المشكلات من بطالة و غلاء الأسعار، و الندرة التي خنقت الشعب البسيط و هذا بسبب سياسة الاستهلاك البذخي التي استفاد منها الأغنياء في الوقت الذي وضعت فيه عامة الشعب على حافة الفقر و الضياع.

صحافة اشتراكية خاضعة تماما لسلطة النظام

و غيرها من التبعات السلبية التي اجتمعت وانفجرت في الخامس من أكتوبر عام 1988 ‏فأضحت الجزائر قاب قوسين أو أدنى من الهلاك الحقيقي لولا رعاية الله و حفضه .. في هذه المرحلة لم تكن الصحافة حرة ، بل كانت صحافة اشتراكية خاضعة تماما لسلطة النظام و التي لا يحق لها البوح بما لا يتوافق و سياسته.

وبالرغم من أنها كانت تقوم بمحاولات جريئة أحيانا ، لكنها تبقي مبادرات فرديه وأحيانا اخرى تظهر آراء سطحية و ناقصة لأنها لا تملك الأخبار الصحيحة ، فمصادر الخبر ليست في المتناول ، وإنما كالعادة فهي تنشر ما يملى عليها من طرف النظام و فقط .إذ ظهر دور الصحافة ها هنا مهمشا وبعيدا عن الواقع الأليم، و مغيبا عن الحقائق ، ذلك لأن الدولة هي التي كانت تصيغ الأخبار و تنشر الأحداث بما يخدم مصالحها متجاهلة بوادر تلك التغيرات و التحولات المحسوسة التي تجسدت في جمة من المشكلات الاجتماعية التي تراكمت و ازدحمت إلىأن طفت عوراتها على السطح ، ما سرع من الانفجار الاجتماعي 1988 وعقبه خطاب رئيس الجمهورية بعد ايام معلنا فيه عن اتّخاذ إجراءات و تدابير تسمح بالتعددية السياسيَّة . كل هذا ، و الصحافة في الجزائر آنذاك غائبة مغيبة عن واقعها دائبة مستمرة على رفع نفس الشعار “من أجل حياة أفضل” رغم المفارقات تلك .. إلى أن زمجرت و زجرت بها صحافة العهد الذهبي قائلة : ما هكذا تؤكل الكتف !

4/ صحافة التعددية .. لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها !

التعديدية الإعلامية، الصح آفة

بعد تعديل الدستور في 1989 ، و منه الإقرار بالتعددية السياسية جاء قانون الاعلام الجديد 1990 ليكرس هو الآخر التعددية الإعلامية ، لتنعم الصحافة في الجزائر بنفس جديد لعلها تستدرك ما فاتها من البوح الطويل ! ، ومع هذه التعددية السياسية برزت صحف حزبية ناطقه باسم الحزب مثل: المحقق ( FFS ‏) ، النبأ ( حمس ) ، النهضة ( النهضة ) المنقذ ( FIS ‏) ، كما ظهرت صحيفة تُدعم حزب جبهة التحرير وهى (صوت الأحرار)، كما ظهرت كذلك صحف حرة مستقلة كالخبر، الوطن، كما ظهرت صحف حرة آنذاك عرفت بشدة تهكمها و انتقادها للسلطة مثل ( الصح آفة ) إلا أنه تم وأدها في مهدها.

‏فمنذ إقرار دستور 1989 ‏ تم رفع احتكار الدولة لملكية الصحافة التامة في إطار حرية التعبير و الاعلام ، فظهرت توجهات عديدة واختلفت الآراء وتعددت التحاليل وأصبح للفرد حرية اختيار الصحيفة التي تتناسب مع توجهه . لَقَد عرفت هذه الفترة من تاريخ الصحافة في الجزائر حركيّة إعلامية لا مثيل لها في تاريخها حيث مارست الصحافة الحق في الاعلام بحرية قصوى لدرجة أن البعض وصف المرحلة بالذهبية ، رافعه شعار ” من أين لك هذا ” ، فوصفت العشرية السابقة بأنها عشرية سوداء طغى عليها الفقر و البطالة و الفساد ، كاشفة عن خبايا النظام السابق وما خلفه من آثار سلبية على المجتمع ، و المناداة ببديل جديد في ضل هذه الديمقراطية المزعومة يكفل للجميع حياة كريمة . إلا أن هذه الفترة الذهبية للصحافة الحرة لم تدم طويلا بحيث تم إيقاف الصحف الحزبية في معظمها مع زوال أحزابها ، أما الصحف المستقلة فقد تم التضييق عليها ، وهذا بسبب حريتها التي أزعجت النظام ، ومن هنا وضعت قوانين جديدة تنص على الحد من هذه الحرية.

صحافة تصفية الحسابات

إذ رغم أن الصحافة في الجزائر خلال هذه الحقبة قد شهدت حركيّة في هذه المرحلة ميزتها حرية الممارسة و هو الأمر الذي تفتخر به تلك المرحلة ، إلا أنها أحيانا كثيرة كانت تخرج عن أهدافها النبيلة في خدمة مجتمعها نحو استخدامها كوسيلة لتصفية الحسابات و شن الهجمات و رعاية الصراعات المحتدمة بين الجهات المختلفة و بينها و بين السلطة ، و جريها خلف نشر الأراجيف و الفتن .. و هو ما نعيبه عليها في تلك الحقبة لإفراطها في ذلك ، رغم إدراكنا تمام الإدراك أنها كانت بين المطرقة و السندان ، أحلاهما مر ، خاصة مع تدهور الوضع الأمني و دخول البلاد عشرية حمراء لسان حالها الحديد و النار و الدم ! ، ما أدخل الصحافة من جديد عالم الرقابة الشديدة حيث فرضت عليها العقوبات و منعت عنها مصادر الخبر ، بل و المتابعات القضائية و الحبس كذلك ، و قصقصت أجنحتها و شلت حركتها … إلى أن بات لِسَان حالها : لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها !

صحافة الجزائر التعددية

و أخيراً ، هل يمكننا القول ، أن الصحافة في جزائر التعددية بعد أن بعبعت سنوات الفقر و الجمر ، قد سكتت عن الكلام المباح و الغير مباح ! فاستكانت و خنعت لواقعها المكلوم ذاك ، أم أنها في ضل ظروف مستجدة تمكنت من خلق انطلاقة جديدة أنارت لها سبل النجاح و فجاج التميز وسط كومة المنافسة الإعلامية الخارجية الشرسة ؟ . فعلا ، إن دورها قد اتضح جليا مع مرحلة الاستقرار التي ميزها قانون الوئام المدني و المصالحة الوطنية الذي جاء به رئيس المرحلة الراهنة ( عبد العزيز بوتفليقة ) ، فبعد اكتوائها بنار العشرية الحمراء مما أضعف دورها في تنمية المجتمع و مجابهة التحولات السياسية الخطيرة و مجاكرة بعبع الإرهاب و السياسة معا ، نجدها بعد الاستقرار السياسي هذا ، قد ركنت إلى رشدها شيئا فشيئا و عرفت من أين تؤكل الكتف ( أي الحرية ) ، بعد أن بالغت في حريتها ( و هذا من فرط حماسها الزائد بعد خروجها من سجن الدوغمائية الإعلامية و الرأي الأوحد ) لدرجة المساس بكرامة المجتمع.

وهي اليوم ، في كنف الاعلام الالكتروني دخلت عصر الصحافة الرقمية لتواكب التطور العولمي ، مؤدية دورها في هدوء ، لا يستشعر هدوئها إلا من عاش تِلْك الحقبة التي كنا ننام فيها على صورة الصحفي و هو يتلو أخبار الثامنة لننهض صباحا فيتلى علينا خبر قتله عبر أيادي الغدر ، صحافة دفعت ثمن حريتها دما لا لشيء سوى أنها أرادت أن تمارَس حقها في الاعلام و الوصول الى مصادر الخبر متحدية بعبع الاٍرهاب من جهة، و رقابة السلطة من جهة أخرى .. لتبعبع تارة ضد السرب ، و تارة أخرى تهملج واجمة خلف السرب! هكذا بعبعت الصحافة في الجزائر بين براثن بعبع السياسة و مخالب بعبع الاٍرهاب ، مُذ أن كانت في قبضة الاستعمار حتى اليوم ، تهدهدت فيه لسنين و ترنحت بين تلك الحرية الاستعمارية البغيضة و تلك الرقابة الوطنية السلطوية، بعبعة ، خنقتها عبرات اليأس و الخنوع أحيانا ، و أحيانا أخرى عبرات التفاؤل و الإقدام.

أضف تعليقك هنا

د. لبنى لطيف

باحثة متخصصة في علم الإجتماع