القاصرات بين دمية جميلة وفارس أشيب – زواج القاصرات

يوم نشوفِك عروس

هناك تربية خاطئة تعج في مجتمعاتنا فمعظم العوائل في مجتمعنا تعلم فتياتها منذ الصغر بأن هدفها الرئيس في الحياة هو أن تُصبح عروس فقط، وهذا أقصى وأعظم دور لها في الحياة حتى وإن في ذكرى ميلاد تلك الصغيرة أو حتى عند نجاحها من مرحلة الى أخرى في أولى مراحلها الدراسية “الأبتدائية” جُل ماقد يهدوهُ لها هو دمية عروس ودعاء يخرج من القلب “يوم نشوفِك عروس ونفرح بكِ” بدلاً من ” يوم نفرح بتخرجك وحصولك على الشهادة العالية”.

فتنشأ تلك الصغيرة وهي تفكر باليوم الذي تصبح فيه عروسا وما أن تأتي أقرب فرصة لتحقيق دعاء قريباتها وجاراتها بأن تصبح عروسا جميلة حتى نراها تترك كل شيء خلفها دراستها وأحلامها راكضة خلف ذاك الفارس الذي لربما تحول بعد الزواج الى وحش يفترس طفولتها ويحطم أحلامها العفوية.

تربية خاطئة تؤدي إلى زواج القاصرات

إذن السبب الأساسي خلف تدهور أفكار الفتيات وأبتعادهن عن المحور المرجو وتخطيهُن لمرحلة الطفولة بعقود هو “تربية خاطئة” و”دعاء” سمعته تلك الصغيرة فتوهمت به حبا وإنه لصالحها ولم تعرف بأنه نهاية لطموح كبير وأحلام شامخة وذكريات عبقة كانت تزين سماءها الوردية وبالتأكيد فأن تلك الفتاة ستُورث أفكارها لذريتها من الفتيات..

من تناقضات مجتمعي الشرقي إنه يرغب في اللاعدل كثيرا ولكن يريده خلسة ويجد دائما الغطاء المناسب لجعل جميع الممارسات مباحة ومباركة.

العم أبو أحمد السبعيني وزوجته القاصر عادات ورثتها الفتيات عبر الزمن جعلتها تتقبل تلك المتاجرة بجسدها عن طيب خاطر فتتزوج كهلا ذا مال، وهي...

فمثلا العم أبو أحمد الذي كان يسكن في تلك العمارة السكنية وكان يعرف بين مجتمعه بالرجل الوقور ومما يؤسف حقا فقد كان شيخا كبيرا يتم اللجوء إليه في أي استشارة دينية في حين إنه تزوج تقريبا خلال حياته بحوالي العشرين بكرا , لم يكن يكترث مطلقا لتجاعيده المتناثرة في وجهه ولا لذاك الشعر الذي أخذ بالتساقط ليتركه أقرعا ، كان مثاليا في نظر ذاته لدرجة الغرور ، وقد يكون هذا الشعور لا يقتصر على أبي أحمد فحسب بل يمكن تعميمه ليشمل كثيرا من رجال المجتمع ، فالرجل هو هبة الله الى المراة ويكفي كونه رجلا ليتم التغاضي عن جميع عيوبه.

مما يثير السخرية حقا إن أبا أحمد كان قد شق السبعين من العمر ولازال يريد أن ينكح البكر من الفتيات وما الضير في زواجه من بكر جميلة ذات ستة أو سبعة عشر عاما ، ما الضير ما دام هو يملك المال ليشتري به فقيرة الحال ولم يقتصر الأمر على أبي احمد بالتاكيد.

كانت زيجات أبا أحمد تعتبر في نظر المجتمع زواجا شرعيا وليست عهرا تحت غطاء ديني فهو يتزوج بشابة فاتنة لمالهِ لا محبةٌ به ، فحتما تلك الزيجات ذات الفوارق العمرية الشاسعة ستؤدي بالمجتمع نحو الهاوية ..
لنكن متفقين بأن كثيرا من حالات الخيانة الزوجية حدثت في أشباه تلك الزيجات، فحتما تلك الشابة لن تصمد طويلا أمام رجل كهل خطه الشيب وملئت التضاريس وجهه، ستعتني به حتما وتعد له شراب عرق السوس ليقوي قدراته ويجعله شابا تحت غطاء كهل ، فقد سمعت تلك الصغيرة من والدتها أنه شرابٌ سحريٌ وفيه فوائد لاتحصى، ستكون زوجة بارة ولكن لن يلبث ألامر طويلا حتى تنتفض وتخرج من قوقعة المشيب تلك ما إن ترى في مراتها فرقا شاسعا بين نعومة وجهها وتجاعيد وجه زوجها الكهل.

ولم يكن الذنب يقع على عاتق ابا أحمد فحسب بل أن تربية وعادات ورثتها الفتيات عبر الزمن جعلتها تتقبل تلك المتاجرة بجسدها عن طيب خاطر فتتزوج كهلا ذا مال ، جعلتها تجد في ذاتها جمالا لابد من أن يمتلكه رجلا ، ترى في نفسها جسدا خاويا ولاعقلٌ ينضح ولافكرٌ ينير ولا مستقبل ينتظر لتؤسسه.

فلم يكن الامر يقتصر على زواج القاصرة من كهل فحتى لو تزوجت تلك القاصرة بملئ أرادتها من شاب بعمرها ” قاصر” فبالتأكيد سيكون الزواج فاشلا. وعند ذاك سنكون متفقين بأن تربية خاطئة اضافة لأتخاذ الدين حجة مكنت الكثير من أغتصاب الطفولة إغتصابا مباحا وقتلها تحت شعار ” الشرع حلل اربعة ”

” أنا أتزوج تلك الصغيرة حسب سنة الله ورسوله”، وغيرها من التعليلات اللامنطقية.

زواج القاصرات أفةٌ تفتك بالمجتمعات وتهدم أساسه البناء وتهز أركانه وبالتأكيد فأن المرأة هي أساس المجتمع فمتى ما هُدمت تلك المرأة حتى هدمت المجتمع معها لتُخلف مجتمعا جاهلا لايصبو من الحياة شيئا غير قوت يومه وفراش رثٌ يحتظنه لينام فيه ..
بالتاكيد أبو أحمد كان مثالا بسيطا لزواج القاصرات واردت في مقالي هذا التنويه لأكثر من نقطة الا وهي

نقطتين مهمتين عن زواج القاصرات

-رفض تلك الزيجات ذات الفوارق العمرية الشاسعة بحجة الهروب من فقر وعوز فغالبا ما تاتي بعد تلك الخطوة اي زواج القاصرات او البالغات الشابات ممن يكبروهن بعقود، غالبا ما تاتي بعدها أزمة كبيرة ألا وهي الخيانة المباحة في نظر تلك الشابة بحجة انها شابة وكهلا كزوهها لايستحقها.

– رفض زواج القاصرات بصورة عامة سواء وجدت فوارق عمرية او لا فحتما تلك الزيجات شتفشل وستخلف عنها أجيال مظلومة دون ادنى ذنب أرتكبته حتى وأن شذت عن تلك القاعدة نوادر.

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

مريم فؤاد

كاتبة مهتمة بشؤون المجتمع