حلب والموصل وحروب القتل الثقافي

مؤامرات الغرب والفرس على حلب والموصل

الغرب العدو اللا أخلاقي للشرق، يدفع العالم الإسلامي إلى حرب توقف النمو الثقافي ومساهمته في بناء الحضارة الإنسانية، فلقد أصبح معروفا أن تنظيم القاعدة قد بناه الأمريكان وتدعمه إيران، والتنظيم الذي خرج منه والمقصود هنا تنظيم الدولة الإسلامية والمشهورة بداعش تقوده المخابرات الغربية بالتعاون مع إيران ومؤخرا صرح بهذا كبير مستشاري الرئيس التركي أن هذا التنظيم تحت قيادة بريطانيا.

لقد مهد الغرب عبر أجهزة مخابراته وقواته العسكرية المنطقة للتغلل الإيراني واستباحتها عسكريا بقوات طائفية شيعية، ممهدة للإصطدام بين السنة والشيعة، فالخطة تعتمد أن تمثل داعش السنة والميليشيات الطائفية تحت السيطرة الايرانية تمثل الشيعة. اصطدام يقتل الثقافة والفكر الذي بدأت المنطقة الإسلامية في تطويره وإيجاد الحلول الإسلامية العصرية التي تعيد للمسلمين مكانتهم الحضارية. كيف يواجه العالم الإسلامي هذا الدهاء الغربي والإيراني؟

من المعروف أن أي احتكاك بين الأمم ولو عن طريق الحروب فأنه ينتج تبادلا ثقافيا ويساهم في نقل المعرفة والعلوم إن كان للمنتصر أو للمنهزم، فالمغول والتتار بعد أن انتصروا على العالم الإسلامي اعتنقوا الإسلام ومثل عنصر ثقافتهم في بناء دولهم وكذلك مثلت الحروب الصليبية عنصر تأثير ثقافي على الغرب حيث نقل الصليبيون الكثير من المعارف من العالم الإسلامي الذي ساهم في تطورهم يوم كانوا في عصور ظلامهم وهذا ما حصل أيضا لدى الاحتلال الأوروبي للوطن العربي في القرن التاسع عشر والعشرين وقبله ايضا ولا تغيب عنا الأندلس وتأثيرها على أوروبا.

لقد سجل التاريخ الإسلامي احتكاكات متعددة بين السنة والشيعة ولقد كان البعد الثقافي حاضرا بين الطرفين حيث مثلت المنافسة الحضارية والثقافية جزءا من هذا الاحتكاك، فلقد مثلت الدولة الفاطمية وعاصمتها القاهرة منافسا عسكريا وحضاريا للدولة العباسية وعاصمتها بغداد.

لقد اعتمد دهاء الغرب والإيرانيين وسقوطهم الأخلاقي على قتل البعد الثقافي في الإحتكاك القائم اليوم بين السنة والشيعة فهذه داعش تقدم نموذجا ثقافيا متدنيا إن كان على المستوى الفكري الذي يعتمد على احياء اجتهادات فقهية من عدة قرون وفرضها على أبناء هذا العصر أو على المستوى السلوكي الذي اعتمد قطع الرؤوس وتقطيع الأجساد البشرية. وإذا نظرنا إلى جانب المليشيات الشيعية فهي تقدم نموذجا أسوء من داعش فهي بالإضافة الى قطع الرؤوس وتقطيع الأجساد فإنها تقدم نموذجا ثقافيا شديد السوء يعتمد اللطم وإطلاق صيحات الانتقام للحسين عليه رضوان الله والحسين منهم براء، إنها ثقافة اللطم والحقد واللؤم والانتقام، لتحقيق فرض طبيعة المعركة هذه نجد اليوم الجهود الروسية منصبة بتكليف من الغرب بشكل هائل للقضاء على الفصائل الثورية السورية كما حصل في حلب بينما يتم توفير ظروف الاستمرار لداعش حيث أنها تستلم المدن والأسلحة من جيش الأسد والجيش الروسي كما حصل في تدمر مؤخرا.

استراتيجية مواجهةالعالم الإسلامي للدهاء الغربي والإيراني المغول والتتار بعد أن انتصروا على العالم الإسلامي اعتنقوا الإسلام ومثل عنصر ثقافتهم في بناء دولهم وكذلك مثلت الحروب الصليبية

السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف يواجه العالم الإسلامي هذا الدهاء الغربي والإيراني، وكيف يحبط المسلمون خطط هؤلاء الأعداء الماكرين ولا يسمحون بجرهم إلى هذا الإحتكاك القاتل لنمو التطور الثقافي، هي استراتيجية مبنية على ركنين أساسيين:

أولا: استمرار الإنتاج الثقافي، وتبني المقاومة المسلحة للمنجزات الثقافية والفكرية

الاستمرار في الإنتاج الثقافي وعقد المؤتمرات ودعوة المفكرين لطرح الأفكار التي تساهم في إنقاذ الامة وبناء مستقبلها الحضاري، وبدل أن تساهم هذه الأحداث في تباطؤ النمو الثقافي ينبغي ان تمثل دافعا لتسريعه والتركيز عليه، وينبغي أن تعبر القوة العسكرية بمختلف أشكالها التي تصطدم مع الشيعة اليوم عن تبنيها للمنجزات الثقافية للمفكرين العرب والمسلمين حتى تظهر الفارق بينها وبين داعش وتسحب تمثيل أهل السنة والجماعة (المسلمين) من يد هذا التنظيم المخابراتي الغربي الإيراني كما يخططون.

 

ثانيا: بناء جسور الصداقة والتعاون الثقافي مع المفكريين الغربيين والشيعة

والركن الثاني التواصل مع المثقفين المستقلين للطرف الغربي والإيراني، حيث يتم بناء جسور الصداقة والتعاون الثقافي مع المفكريين الغربيين المستقلين وكذلك الشيعة وخاصة العرب وهؤلاء يفصحون عن أنفسهم كل فترة مسلطين الأضواء على مخالفة الأنظمة السياسية الغربية وإيران لمبادئها وسقوطها الأخلاقي، بالإضافة الى توظيف كل وسائل التواصل مع الشعوب الغربية والشيعة العرب لشرح التناقضات بين المبادئ التي تُسوَّق لهم وبين سلوك أنظمتهم السياسية.

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

فيصل عثمان آغا

كاتب سوري مهتم بالشؤون السياسية والفكرية