خطر التقارب الجزائري الإيراني – التقارب الثقافي بين الجزائر وإيران

التقارب والتآخي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا يخفى على أحد منا قيمة التواصل الفردي والجماعي بين بني آدم ، ولا يحتجب على مسلم ما أعده الله من الثواب للتآخي البشري ، ولا تتوارى الحكمة والهدف من خلق البشر فقد قال تعالى في سورة الحجرات {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}.

وهو ما يدل عليه التآخي بين المهاجرين والأنصار من المسلمين في بداية تأسيس الدولة الإسلامية بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم وثيقة المدينة التي أسست لمبدأ المواطنة بين المسلمين وغيرهم ومنهم اليهود والنصارى.

إن العلاقات تفيد في التأثير والتأثر ، في الإفادة والاستفادة ، في الأخذ والعطاء ، وهي ما يخفف من لأواء التنافر بين الناس ، وغلواء الغلو ، ويجنب الحروب والفتن ، من خلال البحث عن المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.

شروط تحقيق المصالح المشتركة في التقارب

إن الأواصر تخضع لشروط ، منها : صدق النية في الاستفادة بما يؤخذ والإفادة بما يعطى، وإخلاص في تبادل محاسن الحياة ، والتعاون على تجنب مساوئها ، والاحترام المتبادل للخيارات ، والمقدسات ، وعدم السطو عليها طمعا في تغليب النفس وإضعاف الآخر ، كما يريده الغرب مع المسلمين ، فإن كثيرا من الكيانات والدول اليوم تمارس سياسة التأثير بما تملك من وسائل ، ولعل الجانب الفكري والثقافي أصبح سلاحا فتاكا للسيطرة على الشعوب ، لأنه يمهد لتبعية الضعيف ، وهيمنة القوي بداية من القريب وانتهاء بالبعيد ، مثلما يحدث لأهل السنة مع دولة إيران التي تحمل الآن لواء التشييع ، وتسخر كل مطية مبلغة إلى الهدف ، ولو على حساب حرمات الناس وقناعاتهم ، فتعمل على استبدالها بكل الذرائع ، الديبلوماسية ، المعارض ، الأيام الثقافية ، التبادل الفكري ، الاستقطاب ، الحاجة الاقتصادية ، الغلوالعاطفي ، دون مراعاة لما سبق ذكره من الضوابط ، بذكاء كبير في غفلة من أهل السنة المشتغلين بقضايا هامشية.

تقارب محضر له بين الجزائر وإيران

وبهذه المناسبة أذكر بما رأيته هذه الأيام ، وهو محضر له منذ مدة ، بمبرر الأيام الثقافية الإيرانية في الجزائر ، واللقاءات على أعلى المستويات بين رواد التشييع المذهبي الإيراني والمستهدف الجزائري من مثقفين وزوار المعارض وأكثرهم عوام ، لا ترقى معارفهم إلى تاريخ الشيعة ، مكرسة للتقارب مع الشعب والسلطة في الظاهر ، مجسدة لمشروع غزو أوعلى الأقل تعويم الفكرة في الجزائر ، تمهيدا لسطوة إيرانية على المدى المتوسط والبعيد.

لقد تعاملت دولة إيران بذكاء جلي مع مختلف الملفات والأوقات ، ومن أنماطه الدهاء الجيد مع الهرج الواقع في العالم ، والملف النووي شاهد.
لذلك أحذر الشعب الجزائري من هذا القالب الخطير الذي لا يحترم الشروط المتعارف عليها بين الشعوب وحكامها في التقارب.

أنبه إلى المدعو أمير الموسوي رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران المتواجد في السفارة الإيرانية بالجزائر ، هذا الرجل ما حل ببلد إلا دمره ، فالعراق يشهد ، واليمن يشهد ، وسوريا تشهد.

أنذر من استهداف الثورة الإيرانية استعادة أمجاد الإمبراطوية الفارسية كما صرح به الخميني في طائرته عائدا من فرنسا ، بعد التغلب على الشاه المخلوع.

أدق جرس الخطرمن الغزو العاطفي الإيراني تجاه أهل البيت الذي يتخذه مطية للعدوان على باقي رموز الإسلام ومنهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.

أرفع ناقوس التحذير من كل ذلك لأن الترابط الإيراني بشعوب أهل السنة على الأخص لا يحترم المقدسات ، ويتعامل بزغل بين الظاهر والباطن مع مستويات القربى.

كل ذلك قبل أن نلتهم ونصبح بلدا شيعيا بامتياز يسب فيه الصحابة ويلعن فيه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ويمكن فيه لدولة فارس على حساب التاريخ المحلي الغني بالآثار البطولية للشعب الجزائري ، وعلى حساب رصيد سني قد تذروه رياح التشييع.

من حق كل كيان التعريف بتاريخه وثقافاته ، ومن العلوم التعرف على تاريخ الشعوب وثقافاتها ، لكن أرفض في رأيي أن تصبح هذه المعالم وسيلة إلى الهيمنة.

لا أتوجس خيفة بقلب حاقد ، بل تكريسا لاحترام مقدسات الشعوب وقناعاتها أثناء تناغم العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية وغيرها ، حينها يمكن لنا تعاور كل شيء في إطار واضح.

تحصين الجزائر

فعلينا التفطن ، والتضييق على المبادلات المختلفة لتبقى في إطارها فقط ، مع التقليل منها ، والعمل على تحصين أمتنا للتمسك برصيدها الثقافي والتاريخي والقيمي.

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير