ليست الجاذبية قوة حقيقية ولكنها تشوه في الفضاء!

ليست الجاذبية قوة حقيقية ولكنها تشوه في الفضاء!

لا تستغرب قارئي الفاضل مما قرأته للتو, فالفيزياء لازلت تبحث في هذا الكون ليخرج لنا ما في جعبته من أسرار, فلعلنا نعرف ما يدور به.
حيث افترض أينشتين ذلك من خلال نظريته النسبية العامة (والتي توضح العلاقة الشديدة بين الزمان والمكان), والتي ظلت لأكثر من قرن مجرد فرضيات نظريه لم تثبت إلا من خلال المعادلات الرياضية, إلا أن تمكن العلماء من رصد الأمواج الثقالية بواسطة مرصد الليزر (لايغو) والتي سنتطرق إليها فيما بعد.

الجاذبية, هل هي قوة حقيقة؟ وكيف فسرها أينشتاين؟

ولكن دعنا الآن نتعرف علي الجاذبية, وهل هي قوة حقيقة أم ماذا؟ وكيف فسرها أينشتاين؟
فحينما اكتشف نيوتن الجاذبية فإنه كثًف جهوده علي تفسير تأثير هذه القوة علي الأجسام, ولكنه لم يتطرق الي تفسير نشأة هذه القوة ومعرفة أصلها, وهذا ما شغل اينشتاين وحاول تفسيره في نظريته النسبية.

أينشتاين وحقيقة قوة الجذب: حيث قام أينشتاين بتفسير قوة الجاذبية بأنها ليس إلا انحناءات أو تشوهات في الفضاء والزمن(الزمكان), فعند غياب المادة فإن هذا الفضاء سيكون مستوٍ تماماً, أما عند وجود جسم مادى له كتلته الخاصة مثل الشمس فانه سيسبب تقعر او انحناء في الفضاء.

“الزمكان”

فكل شيء له كتلة وطاقة يسبب تشوه أو انحناء في الفضاء وبالتالي يولد قوة جذب! حيث افترض أينشتاين أن تحرك كتلة ما بسرعة يجعلها تشع موجات ثقالية (الممثلة في انحناء الزمكان), بنفس الطريقة التي نسرع بها الشحنات الكهربائية لتشع موجات كهرومغناطيسية, ولكنه لم يتمكن من إثبات ذلك عملياً.

وبهذا فإنه فسر دوران الأرض حول الشمس كالآتي، حيث أن كتلة الشمس كبيرة لدرجة أنها تسبب تشوه أو تقوس في الفضاء حولها, وبذلك فإنه أي جسم يقترب منها فإن هذا التشوه يجعله يتحرك في مسار دائري.

أي أن الأرض تسير في خط مستقيم, ولكنه النسيج الفضائي(الزمكان) نفسه عند الشمس به انحراف ناتج عن كتلتها الضخمة فيجبر الأرض وباقي الكواكب التي تتحرك فيه على الانحراف في مساره, تماما مثل سيرك بالعربية في طريق منحني, فأنت مجبر علي الانحناء للسير به.

حسناً، لتقريب هذه الفرضية إليك قارئي وايجاد تصور لها, فلتتخيل معي أن الفضاء عبارة عن سطح مطاط , فعند سقوط جسم ذو كتلة ما فأنه تتسبب بحني هذا المطاط مما يؤدي لتشوه الفضاء, وبذلك فأنه أي جسم يمر بجانب هذه الكتلة فأنه تؤثر عليه ليدور حولها في مسار دائري نتيجة هذا التشوه الحادث حولها.

كيف توصل أينشتين لفرضية “الزمكان”؟

حيث لاحظ اينشتين عند سقوطنا الحر لا نشعر بأوزاننا الخاصة, مما دفعه إلي افتراض أنه أثناء سقوطنا الحر فإنه ينتج عنه سقوط كل ما هو قريب منا بنفس السرعة التي نسقط بها، وذلك السبب في جعلنا لا نشعر بالجاذبية في محيطنا. فكل جسم يقعر الفضاء وتدور حوله الأشياء التي تتحرك بجانبه نتيجة هذا التقعر, ورغم كل ما توصل اليه أينشتاين, فإنه لم يستطع تأكيد صحة هذه الفرضية عملياً, وظلت حيرة العلماء قائمة الي ان تم رصد الموجات الجاذبية.

اثبات صحة هذه الفرضية

حيث أخيراً في يوم11 فبراير 2016، أُعُلن ولأول مرة عن رصد الأمواج الثقالية بصورة مباشرة ومعرفة مصدرها، وذلك إثر تصادم ثقبين أسودين معًا منذ أكثر من مليار سنه ضوئية, فنتيجة تصادمهما معا نتجت طاقة هائلة انتشرت بسرعة الضوء علي هيئة موجات زلزالية مرت علي الأرض فتم تسجيلها من خلال مرصد الليزر لايغو(LIGO). وسنسرد فيما بعد طبيعة هذه الأمواج وعلاقتها بقوة الجذب.

الموجات الجاذبية (Gravitational waves)

هي تموجات في انحناء الفضاء والزمن تنتشر على شكل أمواج، نتيجة الاهتزازات الناشئة عن تحرك الأجسام الثقيلة خلال الزمكان. فهي عبارة عن طاقة معينة تنتقل عبر الزمكان, حيث أنها تشبه التموجات التي تظهر على سطح بركة عند تحريك سطحها, فهي تتحرك من المصدر إلى الخارج, وبذلك فهي تفسر قوة الجاذبية.

وبذلك فإنه لا توجد قوة جذب حقيقية ولكنها مجرد انحناء أو تشوه في الفضاء!!!

أهمية هذه الموجات في مسيرة العلم

حيث تنشأ هذه الموجات من الأحداث الكونية العنيفة كانهيار النجوم أو الثقوب السوداء فائقة الكتل, كما قد تصدر عن الانفجار العظيم, فهي تنتشر بسرعة تناسب سرعة الضوء مسببة اهتزازات في الفضاء, أي أنها تنشأ من الكتل المتسارعة في الكون مكونة اهتزازات في الزمكان.
وبذلك فهذه الموجات تمدنا بمعلومات عن بدايات الكون وتفسير نشأته, كما أنها تبحث عن كثب في تفسير طبيعة الأجسام الكونية القادمة منها كالثقوب السوداء, كما تستخدم ايضَا لجمع بيانات الرصد حول الانفجار العظيم وطبيعته.

لذا باكتشاف هذه الموجات التي أيدت نظرية أينشتين, فإننا سندخل عصر جديد للعلم, ربما نتعرف فيه المزيد عن الكون وطبيعة نشأته.

أضف تعليقك هنا