أبواب شهرة أم إساءة؟

أحمد الله و أستعين به.
الرياء في حقيقته ضد الإخلاص، وهو أن تعمل عملاً ليراه الناس، والسمعة هو ما تعمله ليسمعه الناس، ومحبة الشهرة والظهور غير مشروع، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه)، وقال صلى الله عليه وسلم (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة)، ويقول ربنا عز وجل (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين).

ماهي الشهرة لأجل الشهرة؟

كم من إنسان في هذه الحياة أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره، لا يبحث عن الشهرة ولا الرياء، يعمل لله بإخلاص، وينفق على الفقراء في السر والخفاء، ويدعو إلى الله بحسن خُلقه.

ليس المقصود بترك وسائل الشهرة لمن ينفع بها الناس، ولكن المقصود هنا هو من أراد الشهرة لأجل الشهرة فقط، فلا علم يبتغي نشره، ولا دعوة هو يؤديها، ولا رسالة يهدف إليها الخير.

كانت وسائل الشهرة تقتصر على التليفزيون والصحف، فكان يصعب الحصول على المبتغى بسهولة، حتى ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي (يوتيوب، فيس، تويتر، انستغرام) وغيرها كثير، فأصبحت في متناول كل من يريد الشهرة وحب الظهور، ويا ليت أعمالهم كانت مفيدة لمجتمعهم ، وقبل ذلك لدينهم، فلا علم ينتفع به ولا رسالة هادفة، ويغلب عليها الكوميديا الساخرة والأعمال الهابطة والتقليد المسيء.

كبار السن هل يناسبكم اليوتيوب؟ الرياء هو أن تعمل عملاً ليراه الناس، ...والسمعة هو ما تعمله ليسمعه الناس، فماذا عن حب الشهرة والظهور؟

ما أزعجني ووافقني فيه الكثير من مجتمعنا العربي، هو خروج كبار السن في مشاهد (يوتيوب) يقصد فيها الكوميديا فيظهر بشكلٍ ساخر وقبيح لا يليق بكبر سنه ولا بتوقير واحترام الناس له، أو ينشر منشورات (فيس بوك) وتغريدات (تويتر) أو صور (انستغرام) لا تليق به أو بمجتمعه، أو ترى منه تأييداً وبثاً لفكر الغرب والشرق وتغافلٍ عن عقيدته وصحيح أفكار أمته.

وتبعهم في ذلك أو سبقهم، ظهور شباب الأمة في أعمال جنونية ومخالفة للأنظمة باعتقادهم أنهم يحققون بذلك سبقاً وتقدماً، كنشر مقاطع (التفحيط، التزلج على الأسفلت بأقدامهم، تبديل الإطارات لسيارات تسير بسرعة عالية على عجلتين)، وكذلك نشر المقاطع المخالفة لدين الله وعادات المجتمع، عوضاً عن المنشورات والتغريدات المسيئة وبلا احترام وتقيد لأدبيات الحوار والنقاش. ومثل ذلك تبعهم الأطفال.

وأصبح الكثير منشغلاً بزيادة عدد المشاهدات، وإعادة المنشورات والتغريدات والوصول للترند العالمي، أمله في ذلك تحقيق شهرة ولو كانت قبيحة، ولم يضع حسباناً لأجرٍ من الله أو عقوبه، كما لم يضع حسباناً لرضى المجتمع وقبوله.

كم من رجلٍ كبير سنٍ ومقام فقد هيبته، وكم من شابٍ أصبح يشار إليه بامتهانٍ واحتقار، وكم من طفلٍ تعاطفنا معه لضياع قيم أهله، وكل ذلك كان من أجل السعي وراء مبتغىٌ لم يجد منه خيراً.

آهٍ ثم آهٍ، من مجتمعٍ أصبح فيه السفهاء معروفون، والعلماء مغمورون، فكم من عالمٍ في الطب والهندسة والاجتماع وباقي العلوم لا يعلم عنهم مجتمعهم شيئاً ولم يجدوا فرصتهم، لأن الكثير انشغل وراء أولئك العابثين بوسائل التواصل الاجتماعي على هواهم، فلم نعلم بعد ذلك أتلك أبواب شهرة أم إساءة؟!.

فيديو مقال مشاهير الانترنت

أضف تعليقك هنا

علي سعيد آل عامر

متخصص في إدارة الموارد البشرية