أنا أكبر منك سناً!

عندما كنت طفلا صغيرا كان والدي يغرس هذه القيم فينا فيقول لمن هو أكبر مني سناً احترم أخاك الأكبر، أترك هذا المكان فهو للكبار، قِبَّل رأس هذا الرجل الكبير.

قيمة كبير السن في مجتمعنا

وبقيت هذه القيمة التي عزّزها التعليم في أول يوم من الدراسة فكانوا يقولون الكبار بالخلف والصغار أمام الطابور فكنا نؤدي الطابور الصباحي بانتظام ونرى الكبار بالخلف كأنهم يقولون مشكورين خدمتوننا بأدائكم وفِي الحصة الرياضية الكبير هو من يختار ليلعب معه فهو الكبير جسدياً وبالسن ولذا لم نكن نقول لهم شئ ولم نعترض ولكن في الحصة كنّا الصغار بالأمام والكبار بالخلف وبعد أداء الواجب يأتي إليك الكبير ويقولون أعطني دفتر واجبك حتى أنقل منه وكنا نخاف من ردة غضب هؤلاء فبقينا على هذا الحال حتى جاء في عصرنا الحالي التعلّم النشط ومنها التعلّم التعاوني وأستطعنا أن نتغلّب على هذه المشكلة. تجد من هو أكبر منك سناً في نفسه يقول أنا أكبر منك لذا فأنا أعلم منك ويفترض أنك تقوم بهذا وتعمل هكذا

وبعد التخرّج من الثانوية هناك من عمل بالقطاع العسكري وهناك من عمل بالمؤسسات الحكومية والأهلية الأخرى المتعددة . وأستمرت ثقافة احترام الكبير في النفوس وحتى بعد تعيني في متوسطة بكر المزني بالرياض أعطاني مدير المدرسة 24 حصة وثلاث حصص احتياط وريادة الفصل الأول المتوسط ( أ) وفيه 27 طالباً ورائد جماعة التراث والثقافة تضم 30 طالباً، وكان زميلي بنفس التخصص مفرَّغ لكونه الكبير وقبلنا بهذا،  لإعتبار هذه الثقافة غرست وبنيت حياتنا عليها ولم نعترض ولم تكن لدينا ثقافة الحوار وأخذ الأراء ( التعلّم النشط) موجودة آنذاك. وبقيت على هذا الحال متنقلاً بين مدرسة وأخرى ومنطقة وأخرى وحتى بعد انتقالي للإشراف التربوي.

وحتى وإن لم تصرّح بالمعنى ولكن تجد من هو أكبر منك سناً في نفسه يقول أنا أكبر منك لذا فأنا أعلم منك ويفترض أنك تقوم بهذا وتعمل هكذا. وهذه الثقافة مستمرة بين كل الفئات كذلك في الإشراف التربوي موجوده حتى لو انظم حديثاً للإشراف التربوي.

فسؤالي هل هذه الثقافة أو القيمة الإسلامية صحيحة وهل طبقت بالمعنى الحقيقي لها أم إنها أستغلت لتنحى منحى آخر؟!

كبير السن وصغير السن في الإسلام

والجواب والله أعلم في قصة النبي كما في حديث انس رضي الله عنه في الصحيحين ، حيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم في الشرب الغلام الذي على يمينه على الكبار الذين كانوا موجودين.

فقد حرص الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على غرس هذه القيمة الإسلامية التربوية في نفوس الأطفال حتى أثناء تعامله اللطيف مع الأطفال فقد حرص على احترامه لنفوسهم وذواتهم، وحرصه على توصيل أفضل المفاهيم إليهم بأبسط الوسائل وأقومها، ولا يعنفهم، فيحكي لنا أحد الأطفال هذا الموقف له مع محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو عبد الله بن عامر فيقول: «دعتني أمي ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: هَا تعالَ أعطيك، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ما أردت أن تعطيه ؟ قالت: أعطيه تمرًا. فقال لها: «أما إنك لو لم تعطه شيئًا لكُتبت عليك كذبة».

إذاً يجب علينا أن نغرس هذه القيمة وهي احترام الكبير بالطريقة الصحيحة دون إفراط أو تفريط يجب أن يشاهدوننا أبنائنا ونحن نقوم بها تطبيقاً عملياً صحيحاً مع أخذ أراء الصغير والكبير وتقبّل وجهات النظر.

ولله الحمد بدأت وزارتنا الموقرة بتطبيق ذلك كما نشاهد في العديد من البرامج ومنها التعلّم النشط واستراتيجياته المتعددة وبرنامج رفق والبرنامج الوطني الوقائي ( فطن).

فنسأل الله العظيم أن يوفقنا وإياكم لكل ما يحبه ويرضاه.
ودمتم في خير.

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

جمعان عبد الله الشهراني

جمعان عبد الله الشهراني

مشرف تربوي - السعودية