كم فرحت عندما أصابته مصيبة وتمنيت أن تحل به قارعة وان يمحى ذكره من سجلات الحياة

أنت شيطان؟ – الخصومة والعداوة والشيطنة – فقه الاختلاف

انه وحسب المعلوم من الحياة بالضرورة فان الناس اجناس مختلفة ونحل متناثرة مختلفة ولا بد ان تكون هناك نقاط اتفاق واخرى للاختلاف بين كل ونوع واخر حتى ان القران جعل اختلاف الناس من ايات الله المعجزات بل علل ان الاختلاف هو علة الخلق.

المهم انه في عصرنا هذا فان المذكور اعلاه لا قيمة له تقريبا ولا حتى اعتبار عند من ينظر له فان الناس قد اسقطوا التاء من الاختلاف وحوروا احرفه ليصبح خلافا حادا مؤذيا لا يمكن تحمله وتعمقت هوة الخلاف حتى صرنا امة من الف ملة ونحلة، فلك ان تتذكر انت نفسك عدوك الذي تسميه لدودا كم فرحت عندما اصابته مصيبة وتمنيت ان تحل به قارعة وان يمحى ذكره من سجلات الحياة وربما بالغت فحكمت عليه انه من اصحاب الدرك الاسفل، وكل ما في الامر انه مر بك متعبا محني القامة ممزق الاوصال من عمله ولم يطرح عليك السلام وعندما سالته لم يجب او ربما خاصمك حول منشور فيسبوكي فاستحق من ناحيتك الويل والثبور ؟

الخصومة والعداوة والشيطنة

لقد بالغنا في الخصومة واللدد حتى اننا اصبحنا نشيطن بعضنا البعض، وفي رايي ان المسالة تتعلق بعدة اسباب يمكن القول انها مرتكزات الشيطنة، واول هذه الاسباب غياب المنهج للتعامل المجتمعي السوي وهذا يعني ان في حياتنا اليومية تسود الفوضى المنظمة، حتى في عالم الافكار فنحن اذا تدينا راينا كل من يخالفنا كافرا زنديقا وصار حتى الفقه للمذهب المخالف عبارة عن هرطقات فكم من حدث الاسنان تطاول على القامات الفقهية الشامخة والمعتبرة عند كل المذاهب لانه عند متاخر ساذج ان فلان اشعري او ماتريدي وخذ من الاسماء التي يرددونها دون علم ما تشاء فانت كل المسميات منطبقة عليك فانت عند هذا مرجئ وعند اخر زنديق واخر يراك ناصبيا حلال الدم والعرض واخر يراك منطقيا فلسفيا لا يجوز الا ذبحك لتستقيم اما ان تكون مسلما فهذه دونها خرط القتاد.

ثقافة غير ثقافة الاسلام

هذا عن التدين اما اذا تثقفنا بثقافة غير ثقافة الاسلام فكل الناس غيرنا جهلة رجعيين متخلفين اهل للسب والشتم والاذلال لانهم لم يتذوقوا ولم يعرفوا قيمة ما نشرته الثورة الفرنسية من قيم وسخفاء لانهم لا يعرفون شيكسبير ولا فولتير وسيبقون متخلفين لانهم لم يأخذوا ترياق ديكارت ولم يحلوا مشاكلهم على طريقة نيتشه وفوق ذلك ليسوا اهلا للاستفادة من خبرة هذا المثقف المتغربن لانهم بعيدون عن ثقافته اليونانية العمق الممزوجة بعنفوان روما ومثالية الفلسفة، وهكذا ندفع جهدنا وكد ايدينا ليعود الينا مثقفونا بالتسخيف والتجهيل وهؤلاء تحديدا اصحاب غربنة الشرق لم نجد افشل منهم ولا اقبح عندما خلا لهم الميدان بعد الربيع العربي فلم يثمروا الا الهباء والغباء كما قالت العرب مع التحوير سمعنا جعجعة ولم نر طحينا

والمنهج المقصود والمطلوب ان قاعدتنا في التعامل مع بعضنا البعض هي قاعدة اللاقاعدة فكم من موظف طرد من عمله لان لم يعجب المدير او رب العمل وكم من انسان احببناه ثم فجأة قلبنا له ظهر المجن وشرعنا معه في عداوة لا تفسير لها الا الفصام المجتمعي الذي نحياه
السبب الثاني في عملية شيطنة الاخر هو اننا استسلمنا للاعلام فجعلناه يصوغ علاقاتنا كما يريد وبالطريقة التي يرغب فنحن تعجبنا البرامج الحوارية الصاخبة التي تنتهي بالضرب والسباب والتخوين والتكفير فبرنامج الاتجاه المعاكس الذي تبثه الجزيرة القطرية على سبيل المثال لا الحصر نتابعه بشغف وبعد البرنامج يكون حوارنا حول اي الفريقين كان انكى هجوما واشد خصومة لاننا تعودنا ان الحوار لا بد ان ينتهي بفائز ومتغلب واخر مكسور مهزوم وهذا يقول ان الحوار الذي نطلبه يشبه الاستتابة في احكام الفقه اما ان تتوب وتسلم لخصمك واما ان تكون هدفا مشروعا للسب والقذف والقياس مع الفارق

الإعلام والشيطنة كم من موظف طرد من عمله لان لم يعجب المدير او رب العمل وكم من انسان احببناه ثم فجأة قلبنا له ظهر المجن

هكذا مضى الاعلام في صياغة وعينا دون ان نشعر ودون ان ننتبه وكم عدل احدنا جلسته واستحلب ذاكرته ليستحضر ما قال فلان او فلان في برنامج حواري دون ان يفقه ماذا يقول

ودليل دور الاعلام في شيطنة الاخر ربما يتجلى في انتقائية الاعلام فهناك قنوات ات تبث الا ما يرغبه مالكها ويوافق هواه فهناك قناة تابعة لاحد امراء البادية كانت مفروضة علينا في سجون المحتل الصهيوني اذا تابعتها لفترة طويلة تظن ان مصر مثلا كوكب اخر لا علاقة لنا به وان ليبيا في مجرة اخرى لا يمكن الوصول اليها اما بلاد الاسلام الاخرى فهي اصلا لم توجد لتذكر في حين لو جاء المخاض ناقة فلان صار الخبر عاجلا يستحق التحليل والمتابعة الكثيفة وطول العهد ينسي

والاعلام في عالمنا العربي منقطع النسب مع الموضوعية ولم يثبت انه بريء من هذه التهمة فكل قناة وازنة على حدة لديها اجندة تخدم دولة او مجموع دول فمن يعادي الدولة التي تخدمها القناة مجرم ارهابي دنيء لا يعرف الحق وربما كافر يجب ان يصدر بحقه مجلس الامن قرارا بالابادة والازالة

وربما تتجلى صناعة شيطنة الاخر في الاعلام الحزبي الطائفي او الحزبي السياسي فالاخر ها هنا خارج عن الانسانية ولا يمكن قبوله لانه معاد للمصالح الوطنية العليا التي نسمع عنها دوما دون ان نعرف ما هي او ما تعريفها الدقيق ومن هو حاميها وهذا الاعلام هو اس البلاء في عملية شيطنة الاخر واقصائه حتى ان بعض القنوات الحزبية تجعل الصامت عن الحق حسب تصورها في الجحيم وقلب السعير لانه يصمت ولقد بلغ الامر منتهاه ولم يبق للسيل زبى يبلغها لانه تعداها وفاض

ان الاعلام الذي توسمنا فيه خيرا يوما ما قد بالغ في صناعة الخلاف بيننا وجعلنا شيعا واحزابا فبامكانك الان اثارة مسالة فقهية ما على منصات التواصل الاجتماعي ثم شاهد كيف يتحول النقاش الى خلاف ثم خصومة وربما انقسام تام حول المسالة ثم يذهب كل الى فراشه وهو يعتقد على الحق المطلق

ان الاخر المقصود في الكلام السابق هو الذي تراه في حياتك اليومية يحيك لك ثوبا او يبيعك طعام اولادك او لربما يسهل لك معاملة ما ويسرع من انجازها هذا الاخر ربما يختلف معك في مسالة اواثنتين ولكنه ليس عدوا محاربا نزل دارك فلا بد من دحره او قتله ومن العجيب ان الاخر الواجب المعاداة نتفاوض معه ونلين له في القول والتصرف والتنازل وابن جلدتنا ان خالفنا افنيناه

ان العدو المطلق للانسان هو الشيطان هذا الذي نعرفه والعدو الاخر الواجب العداوة والشيطنة هو من احتل ارضنا وزرع الموت في ربوعنا وجعلنا شلوا ممزق ومن شايعه منا له حكمه دون مواربة او مداراة اما من نختلف معه في الحوار او حول مسالة ما فليس شيطانا ولا غرضا للاقصاء والالغاء

فقه الاختلاف

وربما ما نحتاجه هو ان نتعلم فقه الاختلاف نعم فقه الاختلاف وان نتعلم اصول الاستدلال واداب المناظرة تخيل اسمها مناظرة اي حجة بحجة ودليل بدليل لا طاولة بكرسي او شتيمة باقذع منها

ما يجمعنا اكثر مما يفرقنا وكما قيل فلنجتمع على ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، والا فابشروا بتشرذم وتمزق وهوان

أضف تعليقك هنا

مروان محمد ابو فارة

مهتم بالحالة الفكرية للأمة
أبلغ من العمر 35 عاما
أمضيت في سجون المحتل الصهيوني عشرة أعوام
أحمل شهادة البكالوريوس في المهن الصحية تخصص تمريض
من فلسطين المحتلة