الفكرة والثقة

عندما تولد الفكرة فإنها غالبا ما تستهوي رهطا من الناس يعجبهم الطرح وطريقته وأماله ومخططاته والحديث هنا عن الفكرة الكاملة نسبيا لا الفكرة التي تم استيرادها ولا قرينتها التي اوجدتها الحاجة لمال او تغول على حكم.

الفكرة كما كل كائن لها اركان تقوم عليها وتستند اليها والحديث هنا عن الفكرة ذات الاركان الراسخة التي تنشر مفهومها واضحا جليا لا غبار عليه او كما قالت العرب تنشره على علاته فمن اعجب بها كان قد اطلع على اركان فكرته وفهم جزءا كبيرا منها لذلك يبقى يدور مع رحى الفكرة ينال من سرائها ويصبر معها في ضرائها غير ان الفكر المنتشرة حاليا في غالبها تعاني من افرادها وأتباعها اضعاف ما تعانيه من خصومها او الساعين لزوالها واندثارها حيث لا يخلو الميدان من مستدرك على الفكرة التي يحملها يرى انها لو فعلت ما يراه لسلمت من اذى او حققت مكسب بعينه في مخالفة لقاعدة اولى يتعلمها كل من يراقب الافكار وانتشارها انه لا يمكن نقل تجربة من بلد لآخر على عواهنها وإنما يجب صياغتها بما يلائم ظرف المكان المنقولة اليه وطبيعته ومدى تقبل الناس لها.

حماية الفكرة من المشككين؟

وأول ما يجب على من يحمل فكرة ما ان يفهم اسها وأسلوبها ومخططها وما ترمي له في كل حركة لا ان يتبع اتباعا اعمى حتى اذا قيل له قد أسرجت لك الخيل ظن الامر مداعبة او متعة والفهم هو ركن كل فكرة يكتب لها البقاء وليس مطلوب منها ان تضع العلم والفهم في عقلك او تريك اياه راسخا في قلبك فان انتمائك لها بادئ الامر يعتبر عقد الزام والتزام وعليك انت ان تطور نفسك وان تدرس ادبياتها.

ونحن الان في عهد من التجاذب ما قبل اللحظة الحاسمة التي ستشهد اندثار افكار وزوالها حتى لا يبقى من اهلها نافخ نار وكذلك ستشهد علو افكارا اخرى ربما تفاجئ الجميع ذلك انه الى الان ما زال كل صاحب فكرة يقول باطلاقية صواب فكرة وأحقيتها في الظهور وإحداث التغيير غير ان الميادين على مختلف مشاربها هي المحك والزمن قُلب وهنا وجب التنويه ان كل فكرة فيها تلفيق او من ادبياتها ان تفرض نفسها على الناس دون اقناع او اقتناع تحمل جرثومة فنائها في ثناياها ويغذي ذلك مدى ايغال اعضائها في الفساد والانحلال ليكون السقوط مؤلما ومدويا ومرعبا

ان الوقت الذي نحياه قد الغى من عقول اتباع الفكر على اختلاف مشاربها ضرورة الفهم وأهميته لذلك نتجت اجيال من الاتباع ترى انها عبارة عن قمة ما وصلت اليه الفكرة من ابداع وتجل وهنا يتوغلون في مفاصل البناء الهيكلي للفكرة فلا يلتفت اليهم إلا وقد اوجدوا جسما جديا يشبه كل شيء إلا الفكرة التي قام عليها ولك ان تنظر حولك في مجتمعك الخاص لترى من يتبع الفكرة بشكل عام اليس هو نفسه الذي يعتبر قبلة السب واللعن في بلده وإذا لمح لغوي الى الفساد قالوا سلح عليه صراحة فهو المعني.

هذا المتحدث عنه في المثال ما الذي جعله يرتقي هذا المرتقى الصعب في بناء الفكرة الهيكلي مع انه لا يفهم من فكرته إلا مبادئ عامة تنثر على قارعة الطريق كلما تحدثنا عن الفكرة ؟

تمحيص المؤمن بالفكرة من المنتفع

ان هذا النوع مما اصطلح على تسميته المواطن الجديد قد زهد في الفهم فصار منتفعا حال السراء الضار ومدبرا حال الضراء وصار كل ما يتعلق بالمبادئ والثوابت والقيم العامة عبارة عن اجتهادات بلاغية تردد في المناسبات العامة والعلنية ولك ان تستدل بآلاف الساعات من التسريبات لمسئولين عرب عندما يتحدثون في العلن تظنهم يدبجون الكلام من دمائهم ومن نسيج اجسادهم ومن ثم اذا خلوا مع شياطينهم من الاعوان والأسياد انهالوا على الشعب والأمة بكل قبيح وقاذع من الاوصاف والكلمات

والفكرة عامة لا بد ان تدخل محك عمليا ليكون هناك مقياس يرجع اليه في بحث ملائمتها للواقع وهو ما يسميه البعض الابتلاء او التمحيص وهنا وفي هذه المراحل لا بد من ان يكون الفرد المتبع للفكرة اول من يسجر به تنور التمحيص ليحمي فكرته ويثبت للناس اجمع ان فكرته ولدت لتقود ولتكون في الريادة والسيادة

غير ان بعض الاتباع تسلحوا بكليمات من السياسة الغربية تدور حول الواقعية والبراغماتية وغيره من كليمات التلطيف المتعلق بالتخلي عن الفكرة ورهط اتباعها خلال البلاء وهنا يكون الامر بداية بالتشكيك في تحرك للفكرة وتحديدا تلك التحركات التي تكون ما قبل وقوع الابتلاء في لقطة مكررة لابن ابي سلول عندما نضبت حججه في تأليب اتباعه فما كان منه إلا ان قال “اطاع الفتيان وعصاني ” فاحرنجم قافلا مع رهط من ذيوله والتي تتكرر صورتها الان في صورة متبع لفكرة ما ان سلمت منه اساسيات الفكرة نقدا او تفنيدا هاجم كل تصرف تقوم به من باب انه اللوذعي الذي يجب اتباعه او الالمعي الذي اقفلت الارحام بعد ولادته لأنه فريد عصره وهؤلاء تحديدا هم اصحاب الانشقاقات في أي فكرة حطوا رحالهم ولا زلت اذكر نقاشا حول واحد من هذا النوع كان قد رأى انه بمفرده ايقونة الفكرة وعودها المحكك واحتدم النقاش الى ان اختصمنا وتدابرنا وعندما احتكمنا الى ذي سبق ويد طولى وأولى قال ان الشخص المختلف عليه لم يسلك مسلك الفرد التابع للفكرة وإنما كانت هناك ظروف معينة جعلته يدخل الى الصف الثاني او المتقدم دون تربية او فهم فما كان منه حين ان حوصرت الفكرة إلا ان قام بالحركة السلولية المشهورة منقيا الصف من اشكاله ومن هم على شاكلته ممن المتملقين والمتسلقين النفعيين على مذهب الطفيليات.

الفكرة والثقة الأفكار المنتشرة حاليا في غالبها تعاني من أفرادها وأتباعها أضعاف ما تعانيه من خصومها

ان الثقة ليس المقصود بها هو التقبل لكل ما يمر على هامش الوعي او في عمق اللاوعي وإنما ان تكف لسانك واجتهاداتك في مرحلة البلاء وليكن توجيهك او نقدك في محله ولأهله وتأكد ان من طلب العزة والشهرة بإهانة اهله وقومه وإخوانه هان على الجميع حتى يكون كأنه اصابته دعوة سعد
ان الفكرة التي يتنافس مغتلمي اتباعها من مبتسري الفهم في رميها بكل نقيصة حرية ان ترمى بالبلاء وتدخل اتونه لان القادم لا يقبل فكرة بدخن او متملقين بل فكرة نقية داخلا وخارجا ومن لا يثق بفكرته لا يمكن ان يستمر معها وان احتلها بهيلمانه فانه سيذوي يوما وتبقى الفكرة برونقها وصفائها.

فيديو الفكرة والثقة


  • احْرَنْجَمَ فلانٌ : أَراد أَمرًا ثُمَّ رجَع عنه . – المعجم: المعجم الوسيط
أضف تعليقك هنا

مروان محمد ابو فارة

مهتم بالحالة الفكرية للأمة
أبلغ من العمر 35 عاما
أمضيت في سجون المحتل الصهيوني عشرة أعوام
أحمل شهادة البكالوريوس في المهن الصحية تخصص تمريض
من فلسطين المحتلة