اللعنة – كان العريس يكبرني بـ٢٨ عاما وأنا العروس ١٧ عاما – هل يدفع المجتمع الفتيات إلى زواج كبار السن؟

وأنا في السابعة عشر من العمر أنتكست حالة والدتي الصحية ،كانت والدتي أمراة قوية جسديا ولاتبالي بالوعكات الصحية او نزلات البرد ،خلنا جميعا آنذاك إن والدتي تشكو من أمر يسير سرعان مايزول.

لكن حالة والدتي أزدادت سوءا ،ها هو الحال يزداد سوءا ومرضها إزداد ضراوة،أشتد ألأمر وكان لا بد من إجراء تشخيصا لحالتها .

ها هي الصدمة المؤلمة تأتي لتهز أركان منزلنا وتزعزع بناءا واهنا أنهكته الحياة وبؤسها .

كان والدي يعمل عملا بسيطا يكفي كي يسد حاجياتنا البسيطة لكن اصابة والدتي بمرض السرطان كان سببا في الحرمان من أبسط تلك الحاجيات.

لم تكن عائلتي تملك تلك المبالغ المالية التي يستلزمها علاج والدتي ،، أخذ والدي بالاقتراض من هذا وذاك وزاد حالنا ضيقة وها نحن ننتقل من حال بسيط الى سيء ومن ثم من سيء الى أسوء. ها هو المرض ينهش بصحة والدتي وها هو جسد والدتي أخذ يتآكل إعياءا.

البحث عن عريس خلال وقت الأزمة

في ظل تلك الظروف البائسة أخذ الاقارب بالبحث لي عن عريس ما وكأن وجودي في منزل عائلتي هو سبب الأزمة ،، لم أكترث لمطالبهم وإلحاحهم فكان مرض والدتي كفيلا بجعلي أعتكف الحياة .

بعد مدة وجيزة جاء العريس المنتظر ،، خطواته لا زالت تدق مسامعي بقوة وتقتحم عظام القحف فتزعزع تراصها. كانت خطواته مرعبة بالنسبة لي.

قدوم العريس

كان رجل يكبرني بثمانية وعشرين عاما ، كان على مقربة من سن والدي، كنت واثقة حتما بأن والدي سيرفض تلك الزيجة البائسة فالعريس حتما ليس مناسبا لفتاته ذات السبعة عشر ربيعا .

جاء والدي مباركا ” مبروك عزيزتي لقد تمت الخطبة “، ماذا ؟ كيف ذاك ! لكن لم تسالوني فيما إذا كنت موافقة أم رافضة !! لكنه يا والدي يكبرني بثمانية وعشرين عاما !

“عزيزتي لقد أتخذت القرار عنك وبشرتهم بالموافقة “

لم أكن منتفضة من قبل ولم اعرف المطالبة بالحقوق مسبقا لكن اليوم كنت على غير عادتي ،جادلت والدي كثيرا ،اخبرته بأني لن أوافق ،، أليس ألله من أخبرنا بأن من بين أهم شروط الزواج موافقة الطرفين ! سيكون الزواج باطلا حتما ،، لقد ناقشنا ذاك الأمر في درس الدين .

ها هو والدي يصرخ بوجهي صرخة مدوية جعل بدني يرتعش خوفا من الآن ومن ذاك المستقبل الذي ينتظرني.

والدتي هي أملي للتخلص من العريسانتكست حالة والدتي الصحية، فأخذ الاقارب بالبحث لي عن عريس

كنت أظن بأن والدتي المريضة ستقف معي وستخبرهم بمعارضتها ،،فهي مريضة وحتما سيأخذون بكلامها خوفا من أن تزداد حالتها سوءا.
ذهبت الى غرفة والدتي،كنت على وشك مفاتحتها في الأمر لكنها بادرت بقولها” مبروك صغيرتي”.

ها هي الخيبة تجتاح كياني ،كانت والدتي ملاذي الوحيد ،كنت أرى فيها المنقذ ،، لعل أحلامي بوالدتي كانت كبيرة ،، فكرت في المستحيل فلعل والدتي ليست تلك المراة القوية التي تخاطب زوجها رافضة أمرا سبق وأن وعد به ،ليست تلك المرأة التي تطالب بحق لها فكيف بحق فتاتها ،، كانت ضعيفة للغاية وجاء المرض فأجتاحها الوهن كاملة.

كل من حولي أشعروني بأن وجودي في هذا المنزل عالة على الجميع ،، كأن مرض والدتي وفقر حالنا يعزى لوجودي في المنزل .. كنت اشعر بأن وجودي في منزل عائلتي يجلب البؤس والنحس للعائلة..

ها هي أيام زواجي أقتربت لم أكن أكترث بما يحصل وكيف هو فستان الزفاق ،لم اكترث حتى إن كنت سأرتديه أم أذهب لبيت زوجي بملابس بالية ،، كان زواجي كأنتحار بطيئ بالنسبة لي وليس لي بأن استغيث أو أطلب النجدة .

العروس في منزل الزوج

تم الزواج السعيد بالنسبة لعائلتي وزوجي والبائس التعيس بالنسبة لي. في ليلة وضحاها وجدت نفسي في كنف رجل لم أعرفه مطلقا ،أعترف بأني لم اكن مطيعة لزوجي ولكنه كان يقابل ذاك العناد بالضرب المبرح ،،

في فترة ماضية كنت أبغض عائلتي كثيرا فهم من قذفوا بي لهذا الجحيم الذي احيا به ، لكن بعد أن نظرت وتمحصت في الأمر وجدت إن قدري البائس الملعون هو من يجب أن أبغضه لا عائلتي ،، فلولا ذاك القدر لما كانت عائلتي بذاك الفقر والعوز ومؤكدا لو لم تكن حالتهم بائسة لما ادخلوني جهنم بايديهم المباركة.

مر على زواجي ثلاثة أشهر وأنا أحيا في جحيم محتم ،، خلال تلك الأشهر أزدادت ديون والدي وتفاقم البؤس وأخذ يتمادى، لا انكر إني في لحظات كنت أشعر بسعادة في قرارة نفسي لكون ذاك البؤس لا زال ملازما لعائلتي حتى بعد أن أبتعدت عنهم ،، كنت أجد في ذلك إثباتا لذاتي بأني لم أكن أنا مصدر البؤس والشقاء كما اوهموني.

مضت عدة أشهر فتوفيت والدتي بعد أن صارعت المرض وأخذ من جسدها ما أخذ. هنا شعرت بتلك الخيبة وبذاك الحزن الذي يفطر فؤادي ،، شيئا فشيئا تلاشت مشاعري وأصبحت كائنا بلا مشاعر ،، شخص يتدحرج البؤس من عينيه.

لم يدم زواجي فلم يكن زوجي المتعجرف المتسلط ليصبر على فتاة عنيدة ،،لعله مل كثيرا من ضربي ولعل كفيه الغليظتين يأست من تأديبي ،،فلم يكن هناك أسهل عليه من ان يطلقني فيرميني ككلبة متمردة .

ها أنا أعود ببؤسي ولعنتي لبيت والدي ،، اشعروني جميعا بأني أنا من جلبت البؤس واللعنة . مما يضحكني بأن اقاربي اخذوا بالبحث لي عن عريس آخر كي يبعدوا لعنتي عنهم .

كم أبغض ذاك القدر الذي جعلني كالاموات الأحياء .

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

مريم فؤاد

كاتبة مهتمة بشؤون المجتمع