تُنسى، كأنَّهاَ لم تَثُر : سيدي بوزيد : من ميلاد ثورة إلى “بؤرة إحباط” – تونس

منذ ستة سنوات ، و مدينة سيدي بوزيد تحي ذكرى الثورة دون أن تجني منها سوى مزيدا من الألم. الثورة التي سرت عاتية عنيفة في جسد البلاد ذات شتاء ، حين أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار يوم 17 ديسمبر 2010 في جسده النحيل عند بوابة مقر الولاية ، و لازالت متعثرة إلى يومنا هذا ، معطلة مؤجلة ، ناكرة للجميل.

ماذا جنت سيدي بوزيد بعد 6 سنوات من الثورة ؟

إن إصلاح الواقع ، يبدأ بخطوة بسيطة : أن تكون واقعيا :

تحتل ولاية سيدي بوزيد المراتب الأخيرة في سلم التنمية ، المرتبة 20 من جملة 24 ولاية ، و تتجاوز نسبة الفقر بها 30%. وضعية كارثية دون مبالغة.

تصريحات مفزعة :

بداية السنة الجارية , صرح الكاتب العام لاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد محمد لزهر القمودي انه “لا وجود لمؤشرات تنموية في سيدي بوزيد، 6 سنوات بعد الثورة، رغم الوعود الكثيرة من الحكومات المتعاقبة.

مضيفا ان الجهة لم تتقدم ولم تتطور، وانما ازداد الوضع سوءا وتأزما، ولم يتحقق أي انجاز رغم المطالب المتكررة والمتعددة التي وجهها ابناء سيدي بوزيد للسلط الجهوية والوطنية”

في فترة وجيزة ، تلاشى الأمل الذي كان يميز سكان الولاية المتفاخرين بولايتهم كمهد للثورة التونسية و رمز الثورة البوعزيزي ، ليتحول إلى إحباط و حقد على الأوضاع التنموية و الإنسانية المتراكمة.

الأمر الذي تلحظه بسهولة من خلال إختفاء مظاهر الإحتفال التي كانت تكسو المدينة في الذكرى الأولى و الثانية للثورة. أما عائلة البوعزيزي فقد غادرت البلاد نحو كندا لما لقيه أفرادها من غضب و هجمات و لوم غير مفهوم ، فخيروا الهجرة النهائية !

تتراكم مشاعر الإحباط و الخيبة جراء البطالة و التهميش و الإقصاء التي جنته الولاية و ماجنت على أحد.

امكانيات واعدة تشوهها المركزية :

إن سيدي بوزيد ، كسائر المناطق الداخلية للبلاد تتحمل نتيجة عقود من المركزية رغم ماتزخر به من ثروات بشرية و طبيعية.

مساحات فلاحية شاسعة ، مساحات عقارية ممتدة قادرة على إحتضان المشاريع ، تنوع المنتوج الفلاحي ..

هذا الكم الهائل من الإمكانات ، و ذلك الرقم المفزع من الفقر : حصيلة عدم التكافؤ و الفساد و الإقصاء.

إن القطاع الفلاحي هو مصدر رزق أغلبية السكان لكن امام غياب إستراتجية واضحة لفتح أفاق التشغيل و النهوض بالقطاع لإمتصاص البطالة. إضافة إلى الفلاحة ، فإمكانية اللجوء إلى التصنيع مطروحة منذ عقود لكنها مؤجلة : معمل الآجر الغير مؤهل بمنزل بوزيان و منجم الفسفاط بالمكناسي مثالا.

مشاريع بإمكانها وضع حد لمشكلة البطالة ، لكن في ظل غياب إرادة فعلية فهي مجرد برامج مؤجلة إلى مانهاية.

بين تردي قطاع التعليم الذي يشهد زيادة في نسب الإنقطاع عن الدراسة و واقع إحتلال الولاية المرتبة الثانية وطنيا في (تصدير الإرهابيين) ، إن شباب الجهة أمام مستقبل غامض و مجهول.

فهل من سبيل لاستكمال الحلم في وطن يحكمه جلادو الامس ?

أضف تعليقك هنا

عبير قاسمي

عبير قاسمي

من تونس

في يدي قصفة زيتون و على كتفي نعشي.