كلام كتير جدا عن السنة الماضية 2016

سنة مرت

أسأل الله أن تمنحكم السنة المقبلة صفاءا في القلب و سكينة في النفس لم تُخطط، و لكنها تُمنح من الخالق بفرحة لا يخالطها وصف بشر …
أنا أكره تصنيف السنين، فليس هناك سنة سوداء و أخرى بيضاء، أو سنة كارثية و ثانية وردية.

هي مجرد سنة، رصيد منتقص من أعمارنا جميعا، و صفحة طويت من ذلك المصدر الذي مُنحناه بدون تميز بين البشر و هو الوقت. مازال هناك من يعتقدون أن حيارى العالم يجلسون في إنتظار قراءة ملخص حياة ركن الحكمة، و منبع الإلهام، و على قدم المساواة، يكتب آخرون بضع خواطر من باب التطهر و الإعتراف، بينما تنزوى مجموعة في تصنيف من يكتب لمجرد التأمل، و محاولة منح أكتاف يقف عليها من كان على وشك أن يخطئ نفس أخطائه، فيرى السائر في درب الحياة طريقا مغايرا يختصر من عمره ما فقده الكاتب في تعلم الخبرة، أو يحاول الكاتب أن ينتشل من وقع في فخ يأسه و إحباطه و الذي تجاوزه ليرى أفقا جديدا، لا يُعبر إليه إلا من خلال ذات اليأس و الإحباط. مازلت مقاطعا للسياسة ومن فيها ومن حولها ومقاطعا للنقاشات الدينية وتقيمات من وضعوا أنفسهم موضوع الحكيم

هؤلاء الذين ذكرو في الختام، حاولت في الأعوام الفائتة و في العام الحالي أن أكون منهم، صريحا بقدر ما أقدر، و مطأطئ الرأس من سرائر بيني و بين الله، و سقطات سجلتها، و أعلمها، و أعترف بها، و لا أدعي نجاة منها.

كلام كتير جدا عن السنة الماضية 2016

• كانت العام 2016 عاما حافلا لدرجة أنه لم يخل شهر فيه من حدث حياتيٌ هام. هو العام الثالث من قراري بالعودة النهائية إلي مصر، بعد سنوات عديدة خارج حدودها. قرار أخذته بإختياري تماما كقرار العيش فيها، و أعتبره ثالث أفضل قرار إتخذته في حياتي. لا للحظية تنفيذه، و لكن لتبعاته و نتائجه، مما رسخ داخلي فكرة أن التجريب – بعد دراسة على قدر نضوج الشخص – هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى نتيجة و طريق شبه دائم – لأنه لا يوجد طريق دائم – و من ثم إلى خبرة.

• رسخ تأملي في ذلك القرار كذلك فكرة أن تقييم القرارات – المصيرية فى الغالب – مرحلة لا تأتي بعد أيام أو شهور أو لربما سنوات من تنفيذ القرار.. كذلك فكرة أن كل قرار حياتيٌ له ثمن لابد من دفعه من متخذ القرار، و أن “القرار الوحيد الذي لا ثمن له هو القرار الذي لم تتخذه”. و عليه فأسوأ القرارات هي ما يُتٌخذ مع علم متخذه بعدم قدرته على تحمل تبعاته.

• بمناسبة الفقرة السابقة أول أفضل قرار في حياتي (حتى الآن) كان زواجي الثاني في العام 2016 و لهذا قصة، و ثاني أفضل قرار في حياتي هو إنهاء “مأساة” زواجي الأول في 2014 و لهذا قصة لن تروى.

• كان زواجي في 2016 كاسرا لكل التابوهات، كما كان العام هو عام كسر التابوهات (التابوه هو القالب الجامد الذي يقع محل الدين من فرط تعارف العامة عليه).

• في تصنيفي الشخصي الزواج نوعان – و ينطبق ذلك على الطرفين – زواج الحدب (الأتب) و هو الذي يتحول أحد “الطرفين” إلي حدبة في ظهر الآخر. و الحدبة لها خاصيتان أساسيتان: لا تفارق الأحدب و تشوه حياته، و الدخول في تلك التجربة – للعجب – محض إختيار من طرفين إختار أحدهما أو كلاهما التخلي عن هبة الله للبشر، و هي الإختيار، و إختيار أن تكون “أنت/أنتِ” فقط. النوع الأخر هو زواج “ليس كالحدبة” أي أنه ليس النوع الأول، و يحدده الزوجان بطريقتهما الخاصة بلا تابوهات أو قناعات مسبقة. يكون فيه لكل منهما حياة موازية مستقلة يحقق فيها تجاربه و خبراته دون أن تتعارض مع طريق الحياة الإختيارية الأخري مع شخص ما.

• بدايو من مرحلة أخذ قرار الزواج، مرورا بتنفيذه مروا بملابساته، كان زواجا خاصا له نوع لن يفهمه إلانا، نوع أبعد ما يكون عن تصنيف الأطفال – حلو أو وحش- لكنه حالة أرتضيناها و سعدنا بها بدون مبالغة. زواج تقبلت فيها زوجتي أن أعمل اليوم السابق لزفافنا و يوم زفافنا حتى ما قبل الزفاف بثلاث ساعات و اليوم التالي لزفافنا دون غضاضة. و دون تفاصيل أكثر هو زواج كاسر لكن للتابوهات و تشمل النيش.

• في 2016 إثنا عشر شهرا، يناير كان عرض مسرحية دوريان في ثوبها الجديد، و صدور كتابي الذي أدين به بعد الله إلي أكثر شخص أحمل له في قلبي ودا على وجه الأرض، ثم حفل توقيعه، فبراير كانت دوريان مرة أخري على ساقية الصاوي، و عروض قصيرة في مركز بدروم الثقافي، مارس كانت محاضرتي في Western Winter Workshop في الولايات المتحدة و أصعب رحلة من عشرات الرحلات إلي هناك، أبريل كانت بداية الإرتباط و القرار المرعب الكاسر للتابوهات، مايو كانت محاضرتي في PM – Global Congress EMEA في برشلونة و ردود أفعال سلبية جدا أثبت لي إختلاف الأوربيين تماما عن الأمريكيين، و وتقصيري في دراسة الحضور. يونيو كان كتب الكتاب، يوليو كان مراحل تجهيز البيت سريعا، أغسطس كان الزاواج و كان أكثر شهر في حياتي ألقي فيه محاضرات حيث أديت 6 دورات تدريبية كان بعضها في نفس اليوم، حتى وصل بي الأمر إلى تدريس أكثر من 14 ساعة يوميا، سبتمبر كانت رحلة أوروبا و مقابلتي للعديد من الأصدقاء هناك و لأول مرة لم أكن وحيدا في سفر فكانت معي زوجتي، أكتوبر كانت نهاية المشروع الذي كنت أعمل فيه “مطار القاهرة”، و زيارة لاهاي تلك المدينة الهولندية الرائعة، نوفمبر كانت محاضرتي في Big 5 للعام الثاني على التوالي و ردود أفعال عوضت الكثير من ردود أفعالPMI-Congress خصوصا أنها كانت نفس المحاضرة، و أخيرا ديسمبر كانت فيه زيارة المغرب و التي تلتها خطة ستؤدي إلى أطول بعد لي عن مصر منذ يناير 2014 خلال العام القادم 2017 ثم تكريمي و محاضرتي داخل السفارة الأمريكية.

• كل ما سبق يتحول إلى تراب تذروه الرايح لو لم يرتبط ليس فقط بهدف، و إنما محاولة إضافة قيمة و محاولة خلق نموذج بشري محدود الذكاء يحمل الكثير من العيوب و الأخطاء، لكنه يقاتل كي يجعل عالمه أفضل. مسؤولية تأثر بشر بأفعال شخص مسؤلية لا يدركها إلا من يختبرها، و هي للألم مسؤولية أخطر من مسؤولية الأنبياء، الذين عصموا بأمر الله من الخطأ بينما لم نمنح نحن البشر إلا محاولة تجنب ثم التوبة ثم التعلم من الخطأ. كذلك صدمة من يعتبر شخصا مثلا أعلى له ذنبها أعظم بكثير مما يتخيله أحدهم. و من هنا كان القرار المستقبلي بالإنزواء و الإختفاء من أي عمل عام متى بدا مني تأثير سلبي أو فقدان للسيطرة على تصرفاتي العامة نتيجة عشرارت الإختلالات التى أعاني منها و أسيطر عليها حتى الآن.

• منحت شرف المساهمة في أهم الحركات الدافعة للمجتمع و الأمل الوحيد الباقي – إلم تتدخل جهة ما و تضع لمستها – في جيل محترم قادم يعوضنا الأجيال السابقة، و هي النشاطات الطلابية. فشعرب بضآلة ما أفعل عندما رأيت ما يقوم به أمثال4P , Eng. Break and Learni Academy من أجل خلق وعي إحترافي عام غير مسيس أو مؤدلج لطلبة مصر.

• لفتت نظري مبادرة كاسرة للتابوهات و هي “المرض النفسي ليس عيبا” و من باب المساهمة المختصرة في هذه المبادرة، أعترف أنني تعرض لثلاثة أمراض نفسية عنيفة أولها كان “اللعثمة” و إستمرت لعامين و لم أحتج مساعدة للنجاة الجزئية منها لكنها حولتني لإنسان قليل الكلام و التفاعل إجتماعيا و لا يزال لها بقايا في حديثي أحاول التغلب عليه، و كان المسرح هو أهم المساهمين في علاج هذا الأمر. الثاني كان ضلالات و تهيؤات الحديث مع شخصيات مسرحياتي و شخصيات أخرى و زال تلقائيا بشكل جزئي، و الثالث لجأت فيه في العام المنصرم 2016 بناءا على نصيحة أحد القلائل الذي أثق فيهم لمساعدة طبيب نفسي و مازلت أحاربه..

• كان العام الفائت 2016 أكثر عام رأيت فيه بلادا فقد زرت أمركيا، فرنسا، إيطاليا، أسبانيا، هولندا (مرتين)، الإمارات، و أخيرا المغرب.. و كان الأثر الجانبي الرائع لذلك أن السنة أعادتني لعادة القراءة بنهم – في الطائرات غالبا – فقرأت تحديدا 43 كتابا و شاهدت خلال السنة 6 عروض مسرحية و 18 فيلما أمريكيا و 3 أفلام عربية و 7 مواسم من لعبة العروش Game of Thrones.

• داء التنظيم توحش و أصبحت أسجل عدد مرات دخولي إلى الحمام ، و عدد الكتب و مرات دخول السينما، و لا أستطيع الكتابة إلا مع وجود ألوان خشبية أظلل بها ما أكتب بإيقاع منتظم، و لازلت أكتب اليوميات و وصل إدماني لشراء دفاتر اليوميات (notes) لحد فلكي.

• سجلت 2411 ساعة تدريس هذا العام، و لا أدري ما إن كان ذلك حسنا أو سيئا، لكنني إكتشفت أن عدم التجديد في أساليب المحاضرة و تنويع طرق إيصال المعلومات العلمية البحتة هو إنتحار للماة العلمية قبل أن يكون إنتحارا للمحاضر. كذلك دراسة الحاضرين و الحديث معهم لا “لهم” أساس لإيصال المعلومة. تعلمت ذلك بالطريقة الصعبة من كم الإنتقادات اللاذعة التي تعرضت لها عن محاضرة برشلونة و بعض المحاضرات الأخرى لأنني أهملت ذلك الجانب.

• على المستوى الشخصي، كسرت في العام 2016 أحد حلقات الكراهية التي تحكمت في حياتي لسنوات عديدة – نعم أنا إنسان طبيعي يمكن أن يكره. لأكتشف أن الكراهية هي النتيجة الطبيعية للبغض، بل هي بغض لكنه يحمل معه رغبة في الأذى، إذا فالأمر يبدأ بالبغض ثم يتحول للكراهية ثم تدخل إلى الحلقة على مدار سنوات، لتتألم بلا نهاية لأننا في حلقة زمنية – كما أسلفت – قد تستمر لسنوات، حتي تملك الجرأة لكسرها، أو تُكسر من خارجها، أو يساعدك أحدهم على كسرها، و قد تكون حلقة لحظية تحدث يوميا ثم تنكسر تلقائيا. المهم أنها كسرت.

• الحلقات ليست حلقات كراهية فقط، لكنها يمكن أن تكون حلقات حيرة، حب قديم، خوف من الإقدام، إحساس بالدنيوية نتيجة مجتمع مشوه أو دائرة أشخاص معتوهة، و غيرها لكنها تشترك كلها في أنها حلقة، يمكن أن تستمر للأبد و تدمر حياة آدمي لو لم تكسر.

• على المستوى الشخصى أيضا، فقدت بعض الأصدقاء فى هذا العام 2016، و زرعت عتبا و ربما بغضا او كرها في نفوس البعض ممن أحب جدا، و لست سعيدا بذلك بالتأكيد، و لم أقصد به أذى، لكنه حدث كثمن لتصرفات و سلوك مني أنا – و هذه حقيقة. و تمنيت يوميا أن يكون هناك على الكفة الأخرى من الميزان من زرعت في قلوبهم ودا.

• شهد لي أحد من أثق في رأيهم و أحترمهم بصفتين سعيت طويلا و بثمن فادح لأكتسبهما، و هما على حد تعبيرها Patient and Tolerant و تعني صبور و قادر على التحمل “ثابت إنفعاليا”. و هما صفتان كانا أبعد ما يكونا عن شخصيتي في مرحلة عمرية قريبة. و أحمد الله على ذلك.

• إنتهيت من كتابة مسرحيتين هذا العام “فصام” و هي من تأليفي الخالص و “حديث الملوك” و هي عن فيلم خطبة الملك، و شاركت في 4 مسابقات للكاتبة المسرحية و لم أربح في أي منها مما جعلني أشك في وجود موهبة من الأصل، لكن ما هو مؤكد هو أنني لن أتوقف عن الكتابة، و كتبت أيضا عشرات العبارات التي خرجت بدون رابط إلا أنها خرجت مني، ففهمها من فهم، و تاهت عن آخرين، لكنها بقيت مرآة لما يُلقي في نفسي..

• ” دعك من الحب و متاهاته.. أنا أؤمن بالروابط اللاشعورية التي تنشاء بين البشر. أتعلم ما هي أقوي تلك الروابط..؟ تلك التي إن تحدث فيها طرف لملايين بينما هو يعنيك .. علمت” كانت هذه العبارة أحب ما كتبت في العام الفائت إلى نفسي..

• كانت رواية “باب الخروج” للمبدع د. عز الدين شكري فشير أفضل ما قرأت في العام المنصرم – و في العشر سنوات الأخيرة في الواقع- و كانت رواية “سامري” و رواية “إبتسم فأنت ميت” الأسوأ بالنسبة لي في العام المنصرم 2016 – و في العشر سنوات الأخيرة.

• فيلم Dr. Strange كان الأفضل فيما شاهدت العام الفائت و فيلم The Passengers هو الأسوأ.

• مازلت مقاطعا للسياسة و ما بها و ما فيها و من فيها و من حولها، و مقاطعا كذلك للنقاشات الدينية و تقيمات من وضعوا أنفسهم موضوع الحكيم الذي أجلس نفسه على شجرة قمة المعرفة ليحكم عى البشر و الدول و الجماعات على أساس حكمته التي كشفت مقاييس دينهم.

• لازلت مجنونا كفاية لأستمر..
و يبقي الحديث مادام في العمر بقية،،،

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

حسام قنديل

استشاري تخطيط وإدارة