نداء لمن يتعاطون حبوب العفة فى ثوب الزواج “من يقايضون الزواج بالعفة الظاهرية”

العفة الظاهرية

تخيل لو أنك بادرت بسؤال شخص قبل زواجه يريد ان يقبل على الزواج، وطلبت منه إعطائك دوافعة التى تدفعة الى إكتمال ما نقص منه او كما ندعوه بالنصف الآخر فبكل تأكيد سيخبرك بكلمة ناجزه وموجزه ألا وهي ” العفة ” وعندما تسمع هذه الكلمة من شبابنا وشاباتُنا اليوم وهى ممزوجة بلغة جسدية توحى إليك بأن من يرددها يرى برهان ربه كروءية يوسف عندما راودته إمرأة العزيز عن نفسه، وهمت به وعنده وعندها من القناعة ما يقودهما الى دخول الحياة الزواجية حتى ولو كانت السجن فى مقابل عدم إنتهاك عفته وترى من ترددها تحاول إقناعك بأن الزواج سيخمرها بقناع العفة المستوحاه من عذرية مريم البتول.

الطلاق العاطفي وعلاقات غير مشروعة

والحقيقة أن مؤشرات الحياة اليومية تعطينا النقيض لذلك، والدليل فيه ما نراه اليوم من إرتفاع حالات الطلاق بشكل غير مسبوق ولأسباب فى الغالب غير مُشَخِصَة لدقائق المشكلة، وإنتشار ظاهرات وعادات سميناها نحن ما أنزل الله بها من سلطان كالطلاق العاطفي الذى يبروز لنا زوج وزوجة يعيشا تحت سقف واحد جدرانه مرصوصة بلبنات الكراهية ومزينه بالمشاعر المشحونه بالبغضاء تجاه كلا منهم للآخر فى مقابل علاقات غير مشروعة مع أفراد آخرين، أو أمنيات تعززها رسائل مخفية فى مظاريف مواقع التواصل الإجتماعى ونظرات الإعجاب على بوستات هواتفنا الذكيه.

زميلي المتزوج اقتربت منه وهمست فى أُذُنِه متسائلًا عن العفة، فبماذا أجابني؟ إنتشار ظاهرة الطلاق العاطفي لزوج وزوجة يعيشا تحت سقف واحد مقابل علاقات غير مشروعة مع أفراد آخرين

أتعجب كثيرا من زميل لى إقتربت منه اليوم بعد زواجه وسط محفل تعلو فيه رائحة عطور النساء أكثر من هواءه النقى وهمست فى أُذُنِه متسائلًا عن العفة التى كان يرجوها من زواجه هل وجدها فى ذاته أم أنه يظهرها لنا وللناس عامة مخافة اللوم الإجتماعى، والعنفوانية التى قد يتلقاها من زوجته وأهلها إذا أظهر إعجابه بجسد إمرأة أخرى، والحقيقة أن إجابته لم أنتظرها كثيرا عندما رد على بأنه يشتم رائحة فاكهة غير التى يشمها فى بيته وكان حينها يشير الى وجود رغبة لديه فيمن حوله من النساء لأن من معه فى المنزل سئم من إشتمامها أو من إستلذاذها .

ومن الجمل البسيطة السابقة أحاول أن أرشف الى عقلك حالة التخلف الإجتماعى الذى نحن فيه فى فهمنا للزواج، فكم تمنيت أن ألتقى بمن إختاروا العفة مقابل الحرية او بمن إختاروا نزاهة أنفسهم وضبطها عن الإنسياق وراء الشهوات أو بمن يهجرون مضاجعة النساء فى المطلق مقابل الحصول على العفة الكاملة لا الحرية الفاسدة التى تدعوا الى الرذيلة والفحشاء أو على الأقل بمن إختاروا أن يتزوجوا مقابل أن يتعاطوا حبوب العفة فى صورة مضاجعة زوجاتهم وكفى، أو بعبارة أقصر تمنيت لو ألتقيت بمن يتعاطى زوجته وتتعاطى زوجها بدلا من أن يتعاطى نظرات تورث الحرمان والضياع وأحضان تبنى الخراب والتفكك الأسرى بين أفراد مجتمعنا وقبلات ملهوفة وملفوفة بقنابل الهجر الأسرى.

ولكن بكل أسف وجدت من حولى ممن إدعى العفة فى الزواج وقايضه عليها أصبح يمارسها وأحيانا يظهرها فقط ولا يمارسها لا من أجل عزة النفس وعفتها، بل مخافة إهتزاز الصورة المثالية والنفس العفيفة التى يظهرها لزوجته ومجتمعه ولو إتيحت له / لها الفرصة فى أى زمان ومكان لخيانة زوجته وخيانة زوجها لفعل وفعلت بشرط أن تتدارى عن سهام اللوم المجتمعي.

هل هذه عفة؟

ولا مجال للخوض فى تبعات العفة الجسدية من عفة كسب المال وعفة باقى الجوارح عن البطش والظلم وعفة القناعة والترفع عما فى إيدى الناس إلخ، وهى التى ينالها من طلب / وطلبت العفاف بصدق لا مخافة المجتمع الذى/ التى يعيش وتعيش فيه، ولكن ضوءنا مسلط هنا على عفة تمنع من الوقوع فى الفاحشة وخداع الزوج والزوجة من خلال بناء علاقات ملاطها إطلاق سهام النظر الى أجساد النساء فى الشوراع، ولبناتها التحرش بأعين ومفاتن الفتيات فى أوساط العمل، وجدرانها التحلى والتلذذ بالحديث مع من إختلست هذه المساحة الحوارية من زوجتك التى هى عفتك الحقيقة فى مقاعد وسائل المواصلات وعلى كافيهات وسط البلد ومراسى الكورنيش.

العفة الحقيقية

فلو كنت باحثا عن حريتك ومكلمتك مع فلانه وعلانه وإستحسان كلامها على كلام من أدعيت أنك ستتعاطى كلامها وحديثها ونظراتها وقبلاتها وأحضانها وأنفاسها فكان من الأحرى بِكِ وبِكِ أن لا تبحث ولا تبحثِ عن العفة فى ثوب الزواج ما دمتَ وما دمتِ حيه لأنك / ولأنكِ بذلك تهدم وتهدمى البناء الحقيقى الذى فرضه رب السموات والأرض، وتأخذه وتأخذيه وصلة فى حياتكما من وصلات الأدمان لأجساد النساء والرجال من كل الأشكال والألوان الذى تبحثا عن تعاطيه بالفعل لا أن تتعاطيا زوجًا وزوجة يمثلا لكما العفة فى حقيقتها التى حثتُنا عليها شرائِعُنا السماوية جميعها،

فرجاءًا شديدًا لا نريد منكم العفة فى ثوب الزواج ولا نريد منكم المكوث فى غرف العفة خوفا ورهبة من اللوم المجتمعى نريد منكم الحديث عما فى دواخلكم بكل الصدق لا نريد منكم صمتًا تكن فيه الأنفس شتى ألوان الوجع وتتورم فيه القلوب بما يستجدى الشفقة عليها.

عزيزي كن عزيز النفس ولا تدعى العفة ذات يوم فى ثوب الزواج، لكى تتلذذ بجسد إمرأة سيأتى يوما وتسأم جسدها لا مفر من ذلك وتبقى لك عفة نفسك وطهارتها من شهوات الجسد وحينها ستتلذذ بما هو أجدى من مفاتن زوجتك الجسدية وتنعم بثمار شجرة مفاتنها الحسية ترعاها العشرة الطيبة بينكما والعهود والأسرار المحفوظة على جدران القلب وترويها مواقف الشهامة والنبل والمساندة كلا منكم الآخر فى أحلك سراديب الحياة المظلمة .

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

عوض بديني

معيد بكلية الآداب - جامعة المنيا