هل أصبح التلاميذ أغناما في الجزائر؟

ما دفعني إلى إفراد هذا النَّوع المستفز لكثيرين هو أحد الفيديوهات التي شاهدتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتلاميذ جزائريين في الأطوار الابتدائية الأولى وهم يخرجون من سيَّارة مخصصة لنقل المواشي والأخص الأغنام، وكأنهم حيوانات ستساق إلى أسواق الجملة لبيع أو إلى المسالخ الآدمية التي لا ترحم.

الفيديو ربما كشف جزء من الحقائق التي غابت عنا أو غيَّبها الإعلام الذي أصبح يحترف الكذب والخداع والتزييف وفبركة الوقائع،هذا الإعلام الذي حارب ولا يزال في معظمه حتى لا نعمِّم نوابغ الجزائر وخيرة أبنائها كالباحث توفيق بن زغيبط يسكت عن فضائح فساد بالجملة،وبالتَّحديد في المنظومة التربوية التي تحصى عجزاً رهيباً في هياكلها ومؤسساتها التربوية وغياب أدنى شروط التمدرس المعترف بها دولياً في معظم مؤسساتنا التربوية وسط منظومة قطاعية تعليمية فاشلة أخرجت لنا أجيالاً من الشَّباب الضائع التائه في مضمار الحياة،الغائب عن ميادين التقدم التكنولوجي والعلمي،هذه البراعم الفتية التي عوملت بطريقة مستفزة في ظلِّ غياب النقل المدرسي المحترم والسِّرقات التي طالت حتى الوجبات المدرسية وبعد المدارس عن مقرات سكن التلاميذ والتي تصل أحياناً وفي بعض المناطق إلى عشرات الكيلومترات.

اصلاح المنظومة التربوية

-يحدث كل هذا والوزيرة التي صدَّعت رؤوسنا وقبلها وزراء كثر بتحديث المنظومة التربوية والإصلاحات التي أدخلت عليها والتي يرى عدُّة مراقبين أنها فارغة لا قيمة لها هدفها سلخ التلميذ عن قيمه المجتمعية والدينية وغرس الفرانكفونية في عقله وشخصيته بالقوة،وهذا ما سيحدث عندما تفرض لغة ميِّتة قد عافها التاريخ على المراحل التعليمية الأولى في مقابل الانجليزية لغة التطور والتقدم والصينية والاسبانية،ولأننا مجتمع متخلف ولا رأي لنا تأخذ به الحكومة لأنَّ كل شيء قد زوِّر في حياتنا بداية من تاريخنا وليس انتهاء ببرلماننا.فلا صوت مسموع وإذا سمع يوماً يؤخذ بربعه مع تعديلات تخدم إستراتيجية السيطرة على عقولنا والتي تعمل بها وزارة التربوية الوطنية منذ عشرات السِّنين،هؤلاء التلاميذ والذين لا ظهر لهم يحميهم فقط لأنهم أبناء طبقات فقيرة ومعدومة ويسكنون مناطق نائية ولو كانوا أبناء الذَّوات ممن يدرسون في ثانوية ديكارت أو بالمرادية لكانت سيَّارات المرسيدس والليموزين في انتظارهم عند البوابة الخارجية.

-هذه الوضعية الكارثية والتي تشبه كثيراً قصة النبي يونس مع قومه عندما آيس من هدايتهم فكان عقاب الله أن التقمه حوت عظيم ثم منَّ الله عليه بعد ذلك وآمن قومه قبل العذاب،فهل ستعود بن غبريط عن قراراتها اللامسؤولة لإنقاذ هؤلاء التلاميذ من الألم والمعاناة التي أضحت ملازمة لحياتهم اليومية قبل غرق أطلانطس والى الأبد؟أم أنَّ الأزمة التي تمر بها البلاد في كل القطاعات وعلى كافة المستويات ستجعلها تعيد حساباتها وخططها الفاشلة من أجل بناء منظومة تعلميه حضارية تكون فخراً لأجيال المستقبل وترصع تاريخها بأحجار لوليتا الماسية.

أضف تعليقك هنا

عميرة أيسر

كاتب جزائري