وللولاء أولوية – حب الوطن و الولاء

أحمد الله و أستعين به.

أرضٌ نولد فيها وننشأ على ترابها، ونشرب من مائها ونأكل من خيراتها ونتنفس هواءها، هي التي ننتمي لها، ويكون ولاءنا لأهلها، وتلك فطرة الله التي فطرنا عليها، وأمرٌ غريزي في الطبيعة البشرية.

هذه الأرض هي وطننا، والمحبة له في وجداننا، نسعى جاهدين لرقيه وتطوره، ونشقى لرفعته وتقدمه، ونشتاق له في غربتنا ونحن إليه، ونتمنى العودة والبقاء فيه ليضمنا في كنفه، وفقدان الوطن صعبٌ وقاسٍ، وكم من فاقدٍ لوطنه ولم يتبق له إلا الحنين إليه والانتماء من بعيدٍ إليه والولاء لأهله، وهذا رسولنا الله صلى الله عليه وسلم يفارق وطنه مكة المكرمة ويهاجر منها فيقول عنها: (إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله).

لمن الولاء؟

للمسلم في طبيعته محبة وولاء وانتماء لأسرته وعشيرته وقبيلته ، وأهل قريته ومدينته ودولته، ولا ينسيه هذا انتمائه لأمته الإسلامية باتساعها واختلاف لونهم وأعراقهم أو يتعارض لديه أولوية الولاء.

هذا هو مفهوم الوطنية من انتماءٍ وولاءٍ، ولم يأت الإسلام ليغير انتماء الناس لأرضهم ولا ليغير ولاءهم لشعوبهم وقبائلهم ودولتهم كما يروج له البعض أو يريد إيهامنا به.

هناك أولوية في الولاء، وكما تعلمناها في بلادنا حفظها الله (الله ثم الملك والوطن)، والتي تجعل من الولاء أولاً للدين في عقيدته وتعاليمه، وهو لا يتعارض مع قيم وطننا لأن دستوره القرآن والسنة، ولا مع قيم مجتمعنا وتقاليده التي يستقي قيمه من تعاليم الدين وينبذ كل عاداتٍ تخالف الدين، ولا مع قيم الأسرة التي تعيش ضمن هذا المجتمع وتتربي بقيم المجتمع ووفق تعاليم الدين.

انتماؤنا للوطن يتطلب منا ويتوجب علينا محبته والفخر به وحمايته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراده وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره، ومن المقتضيات القيام بالواجبات والمسئوليات بأمانة وصدق وإخلاص، واحترام أنظمته وثقافته ومرافقه وموارده ومكتسباته وعوامل بنائه.

صنفان لمن يدّعي الوطنية هناك من يرفع شعار الوطنية وهو مخادع، وخطره على وطنه عظيم

هناك من يرفع شعار الوطنية وهو مخادع، وخطره على وطنه عظيم، وهم صنفان:

مدّعي نصرة الإسلام

الأول: من يرفع شعار نصرة الإسلام ويغلو في الدين بفهمٍ عقيمٍ وخاطئ، ويظهر علينا باسم الغيرة على الوطن، فأخطأوا الفهم والعمل، وحصل منهم الأذى والشرور لأهليهم ووطنهم.

رافع شعار الوطنية

الثاني: من يرفع شعار الوطنية ويرغب في تطويع الدين لأجل الوطن، وتطويع قيم المجتمع كليةً لأجل الوطن، وهو في الحقيقة يسعى ليطوع الوطن لفكره الذي جلبه من الغرب أو الشرق واستحسن قيمه وسلوكه، فقام فانتقص من تعاليم دينه وقيم مجتمعه وعادات أسرته وعشيرته، فلم يسلم وطنه من التجريح في ثقافته وسياسته وقيمه، ولم تسلم أسرته وعشيرته من التجريح في عاداته وتقاليده، وصور لنا أن التمسك بتفاصيل الشريعة والتقيد بقيم المجتمع مصدر تخلفٍ وتراجع، وأن هذا يتصادم مع مطالب الوطن، فكانوا بذلك للأعداء باباً للدخول إلينا لأنهم أصبحوا رهينة القيم التي استوردوها وآمنوا بها.

حب الوطن

الوطن، وحب الوطن، إنما هو بالالتزام بهذا الدين العظيم، ومن ثم السمع والطاعة لولاة أمر هذا الوطن وسياساته وأنظمته ودستوره (كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم) والعمل بقيم هذا المجتمع بعاداته وتقاليده، وعلينا أن لا نسمح لمن يغالي في الوطنية فيرفع شعارها ويجعلها نداً للدين الإسلامي أو أولى منه كما لا يجب أن نسمح بالعكس فنسمح لمن يتجاهل حقوق الوطن ويتساهل فيه، (وإن هذه أمتكم أمة واحدة).

فيديو مقال للولاء أولوية

أضف تعليقك هنا

علي سعيد آل عامر

متخصص في إدارة الموارد البشرية