وليد المصري
وليد المصري مؤسس في حملة تمرد سابقا

التطرف الثوري

” لا تجعلوا الأشياء التي تمتلكونها تمتلككم ” هذا اهم درس تعلمته من تجربتي البسيطة في الحياة السياسية , وهكذا أعلم غيري.

إن أسمائكم واحزابكم ومصالح بعضكم هي أشياء انت تكتسبها وتصنعها ويجب ان تسيطر عليها . فاذا تطرفت مشاعرك وجاوزت الحد واصبح الشي يمتلكك ويسيطر عليك فاعلم انك تسير في الإتجاه الخاطئ بمقدار إبتعادك عن نقطة الإتزان .

التطرف لا يعني الإرهاب

تعريف التطرف لا يعني الإرهاب كما يتصور البعض خاصة بعد حرب الارهاب التي تقودها الدولة المصرية ضد المتطرفين , وهذه الحرب ربطت بين مصطلحين يجب أن نفرق بينهم جيداً .

تعريف التطرف هو : عَدَم اعْتدال ،والإفراط هو مجاوزة الحَدّ. مصطلح تطرف يصف حالة الشخص النفسية والتي يعبر عنها بأفكار وقناعات ولكن اذا تطرف أحد أي انه اصبح يعتنق فكر متطرف وتجاوز التطرف وبدأ في فعل يهدد سلامة المجتمع فهذا هو الإرهاب .

لذا فعندما نقول أن إسرائيل كيان مغتصب متطرف – هذا يعني ان فلسفة وجود الدولة الاسرائيلية هو ضد التعايش السلمي الذي تنشده اي دولة , فقناعة الفرد الاسرائلي انه هو وقبيلته من بني اسرائيل وحدهم شعب الله المختار دون الناس , وحلمهم في غزو الاخرين جعلهم يعلموا ابنائهم ان حدودهم من البحر للنهر , رغم ان الارض العربية التي احتلتها العصابات الصهيونية في الاساس جائت عن طريق الغزو ووعد من لا يملك وهو انجلترا الي من لا يستحق وهم اتباع المنظمة الصهيونية الذين حاربوا في صفوف الانجليز في الحرب العالمية .

ولعل تطرف وعنصرية الصهاينة يشبه سلوك الاخوان المسلمين فهم يؤمنون انهم عشيرة وحدهم دون المسلمين وان الفرد منهم مسلم بشرطة لانه المتحدث باسم ربنا – وقد رأينا كيف تحول اتباع التطرف الفكري الاسلامي الي ارهابيين عندما حملوا السلاح ضد الشعب المصري في الاتحادية , وضد الدولة المصرية في اعتصامي رابعة والنهضة .

هل الارهابيين هم وحدهم مسلمين؟

كلما ابتعدت عن نقطة المنتصف وبؤرة الاتزان في تقييم الاشخاص والاحداث والمواقف فانك ستفكر بشكل متطرف والتطرف هو المادة الخام للارهاب . لكن هل التطرف موجود في الاسلام فقط كدين , وهل الارهابيين هم وحدهم مسلمين؟

الاجابة بكل بساطة ان التطرف هو الخروج عن المألوف ونموذج “اسرائيل والاخوان ” يوضح ان المغالاة في اي دين تطرف وتمهد للارهاب حينها يصعب التعايش السلمي بين البشر علي الكرة الارضية . ولكن بعيدا عن فكرة الاديان وهي الطاقة الروحية التي تجيب بها عن اي سؤال وجودي سواء مسلم او مسيحي او يهودي – الاديان جميعها متفقين في الجوهر ومختلفين في المظهر فالجميع يصلي ويصوم للاله الواحد ولكن بطرق مختلفة , وفلسفة الاديان جائي لكي تنظم سلوك الافراد وفقا لتعليمات الاهية وضعها الله الذي خلق الانسان وأدري بتنظيم شئونه .

علي سبيل المثال الاديان لا تحرًم العلاقة مع النساء ولكن تطلب منك تنظيمها حتي لا تختلط الانساب لان الله كرم بني ادم عن سائر المخلوقات .

ومن ثم فإن مواجهة المجتمع بافكار وثقافات مختلفة هو اختراق , والترويج للشئ غير المألوف تطرف ودورنا هو مواجهة الارهاب في مراحله الفكرية أي في مرحلة التطرف – فظاهرة (single mother ) التي يتم الترويج لها مؤخرا هي تطرف ولكن ليس بمعني المغالاة في الدين لكن المغالاة في الخروج والابتعاد عن منظومة القيم التي دعت لها الاديان , وكذلك ظاهرة الالحاد في الوطن العربي وهو مهبط الاديان تطرف .
باعتباري ابن الحالة السياسية المصرية أستطيع أن أرصد نوع من التطرف الثوري , وهو ظهور نبرة الثورة بشكل يسمح لصاحبه ان يزايد علي الجميع … الطفح الثوري أو نشطاء ما بعد الثورات كما اطلق عليهم – تراهم تحسبهم مؤمنين بفكرة ومشروع من كتر ارتفاع حناجرهم وصوتهم العالي . نموذج الثورجي الذي لا يمتلك رؤية او مشروع او ايدلوجية سياسية فكل ما يربطه بالسياسة هو انه يحفظ عدد كبير من شعارات المظاهرات , ويمتلك صوت عالي يطالب بالتغيير . ولو سألت أحدهم عن نوع التغيير وكيفية تطبيقه لن يجيب .

هذه الكائنات الطافية تجدهم فجأة وبدون مقدمات نجوم توك شو وقادة مظاهرات ولو نظرت لأي منهم لتتبع تاريخه السياسي ومشواره النضالي فلن تجد له قديم كما انه لا يمتلك جديد – لكنه مبرمج هو يسعي للهدم والاصطدام بالواقع بكل أركانه هو عبارة , وهنا أستطيع أن أصف هذه النماذج بأنها فكرة متطرفة مؤقته اي قابلة للانفجار اذا توفرت لهم الظروف والامكانيات لممارسة هوايتاهم المفضلة وهي هدم الدولة وليس معارضة النظام السياسي بطرح رؤي وافكار موازية , وخطاب واضح للجماهير – تستطيع ان تلمح هؤلاء في أزقة وسط البلد فهم ينتمون الي أي شئ ظاهر ويعشقون الجحور لأنه يعلمون أنهم يحملون فكرة يرفضها المجتمع لانها دخيلة عليه . ورغم انهم يتعمدون اثارة انتباه الاخرين لانهم فارغين من اي افكار حقيقية يعملون علي قصة شعر ملفتة او خلق فلسفة خاصة لتبرير كل سلوك سئ يفعلوه ويقنعوا انفسهم ان الشعب جاهل لا يرتقي وعيه لفهم تصرفات حفنة الفلاسفة .

كل من يتطرف بحبه لثورة 25 يناير وحدها فينفي دور ثورة يوليو المجيدة وثورة 30 يونيو التي خرج فيها المصريون ليطيحوا بجماعة الشر فهو متطرف يري أنه وحده هو وجماعته الثورة ويكفر كل من حوله من عوامل الشعب ومؤسسات الدولة والجيش – هم يرفعون شعار – يسقط كل من خان – عسكر فلول اخوان – هؤلاء ليسوا ثوار وليسوا احرار بل هم يخوضون حرب المصطلحات . كل من يري ان مصر تعرضت لمؤامرة في يناير وان الثورة فقط في 30 يونيو لمجرد انها التحرك الثوري الوحيد الذي شارك فيه فهو متطرف يسرف في به لشئ وعنصري لانه يري ان هذا تمييز له وحده دون الناس , وكذلك كل من ينكر تاريخ مصر ليس بوطني فجمال عبد الناصر والظباط الاحرار ابناء الطبقة المتوسطة الذين قادوا التغيير في 23 يوليو 1952 – طردوا الاستعمار واسقطوا النظام الملكي واسسوا النظام الجمهوري . تحول المواطن من عبد وأجير في أرضه الي مالك الأرض بفضل الثورة ورفعت الجماهير قيادات ثورة يوليو علي الاعناق رداً للجميل ورفعتهم الي مصاف القادة والزعماء وخاضوا معهم فترة حكم انتقالي في عهد ناصر واسسوا أولي خطوات الانتصار والديمقراطية مع الرئيس السادات ليتحقق اخر اهداف ثورة يوليو وهو اقامة حياة ديمقراطية سليمة , ثم دخلنا في مرحلة جديدة لا نعلم توجهها الوطني والاقتصادي والاجتماعي حتي الأن .

التطرف الثوري هو المغالاة في تقديس حراك بعينه او جماعة بعينها او فكرة بعينها تجعلها متحمس ومتصادم مع الشخصية المصرية بما يسهم في هدم وتفتيت المجتمع واستقراره . التطرف الثوري بالقياس هو الانحياز للثورة فتصبح غاية وليست وسيلة أي ان كل مواطن يسعي لتغيير الوطن للافضل من اجل مصلحته وقد تكون الثورة في بعض الاحيان هي الوسيلة ولكن عندما تصبح الثورة في حد ذاتها هدف لن يشهد الوطن فترات استقرار تسمح بالبناء وإعادة إنتاج الحضارة علي هذه الارض ونقوم بخلق الكيان التوافقي السياسي الذي تذوب فيه أفكار الجميع في بوتقة واحدة يتم ترجمتها كفعل وطني لمصلحة المجموع .

أو كما علمنا جمال عبد الناصر ” نحن نريد القتال وليس الاقتتال ” .

أضف تعليقك هنا

وليد المصري

مؤسس في حملة تمرد سابقا

عضو اللجنة التنسيقية لحركة كفاية

مؤسس حركة الجماهير حاليا