العودة الى الذات

غربة النفس

أيحدث للمرء أن يشعر بغربة نفسه عن نفسه أحيانا !؟ فيجلس يتصفح صفحات ذاكرته المبعثرة عله يجد شيئا يزيل عنه غبار السواد العتيم، الذي أعمى بصيرته فاضحى لايرى مقام ذاته ولا يدرك لها معنى و لا صورة.

لحظة الغربة هاته* لا تعير الزمكانيات  اهتماما و هي من أقسى اللحظات التي قد يستشعرها المرء في حياته ، فتجده اما وسط الملأ أو في غرفته وحيدا يروم حول نفسه تائها ، غاب وعيه عن محيطه وكينونته… تختلف مسببات الغربة النفسية وأشكالها باختلاف فرد عن اخر ، لكن يظل مقر انبتاقها هي الحياة -نعم الحياة- بتنوعاتها وأشكالها المتعددة ومجالاتها المختلفة التي يعيشها الفرد وينتقل فيها عبر  أطوار من ولادته لشيخوخته ، هذه الحياة التي تدفعك ظروفها لعيش مواقف عديدة تتمايز بين الأفراح والأقراح ، والتي تتيه فيها عن نفسك عن نفسك يوما أثناء تسلقك لسلم النجاح ، وبحثك عن غايات توصلك لمبتغاك دون أن تدرك أنه وخلال ذلك قد تفقد المعنى الحقيقي لوجودك ، فتضيع منك موسوعة القيم والمبادئ وشريط الأحلام البريئة، وتذيب بذلك موروث الهوية المثالية.

الصدمة 

الغربة النفسية تأتيك بعد تلقيك الصدمة الفجائية الكبرى التي تعي على اثرها ما فقدته أو على وشك فقدانه ، فيقل وميض الضوء في عينيك ، ويتخشب جسدك وتبدأ اذناك بسماع صيحات داخلية ، وهاته الصيحات ماهي الا صوت الضمير الذي ينهال عليك بالأسئلة – من أنت؟ ماذا فعلت ؟ اين هويتك وكيانك؟ لقد تخليت عن كل شيء مقابل بلوغ الهدف عبر طريق سهل وقصير، متجاهلا لحقيقة أن من بلغ شيئا في سرعة البرق أضاعه في رمشة عين ، فلن يدوم الا الحق  وللحق طريق وعر من اعتمده مرشدا أثمر جهده بتدوق المعنى الحقيقي للسعادة والنجاح .

هذه فقط بضع كلمات من ما قد يخبرك به ضميرك ، ليبتليك بعد ذلك الندم والحسرة على ما اقترفت في حق نفسك وغيرك، ما قد يسقطك لحضيض الضعف واليأس أو يشحن طاقتك من جديد وتستعيد رابطة جأشك لانطلاقة جديدة مفعمة بالنقاء والشفافية والرضا والقناعة والايمان بقضاء الله وقدره خيره وشره.

  •  فيا من  ترضي زوجتك بتخليك عن رضا والدتك ، تذكر؛ الجنة تحت أقدام الأمهات.
  • و يا من تبحث عن الثروة على حساب اليتامى ، تذكر ؛ قول الله تعالى <إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]..>.
  • و يا من تجلس بأريحية على كرسي السلطة، تذكر ؛ ثقة شعب راهن على مصيره باختيارك نائبا عن معاناته .
  • و يا من تخاطرين بشرفك من أجل ارتداء أبهى الحلل….. تذكري ماال سابقاتك.
  • و يا من تلهو بالفتايات وبمشاعرهن ، تذكر ؛  انه كما تدين تدان وأن لك أختا وأما وابنة قد تبتلى فيهما…
  • و يا من يسعى للنجاح في حياته ، تذكر ؛ أن الفشل من خطوات النجاح فلا تيأس ، واستعن بالله وركز في قدراتك ولا تتخلى عن منشأاتك من قيم ومبادئ.

في اعتقادي أن لحظة الغربة النفسية بمثابة منقذ للذات من مخالب الجانب الوحشي للحياة بالنسبة لكل شخص أضاع سبيله للسعادة الحقة. فدعونا نحرص الحفاظ على موروث هويتنا من الضياع.


*هاته: اسم اشارة فصيح للمفرد المؤنث – قليل الاستخدام-

فيديو العودة الى الذات

أضف تعليقك هنا

شتوش فاطمة الزهرة

شتوش فاطمة الزهرة