المنسوب الأخلاقي

هل تعرف الرذيلة من الفضيلة؟

تمثل الاخلاق الانعكاس الفعلي لما يعتقده ويمارسه المرء فلن يكون صادقا من لم يعرف ان الكذب رذيلة لا تليق بالانسان وعليه يمكن القياس والانطلاق في حديث مقتضب عن الاخلاق العامة والخاصة ولكن قبلا لا بد من تقرير مهم الا وهو ان الاخلاق العامة من ناحية العلو والاستفال* بصورة جمعية او جماعية هي انعكاس لمجموع التصرف الاخلاقي الفردي اي ان تصرف الافراد وممارستهم الاخلاقية اليومية يشكل القياس الفعلي والحقيقي لما عليه حالة الاخلاق العامة.

مصدران للأخلاق عند العرب

التراث العربي والإسلامي

يمتاز العرب بان مصادرهم ونماذجهم الاخلاقية غزيرة ودقيقة ولها مصدران مصدر عام على عواهنه وهو التراث العربي بشكل عام او ما اصطلحنا على معرفته بعصر ما قبل الاسلام وهو عصر كانت فيه مكارم الاخلاق مظنة مدح ورفع لصاحب تلك المكارم، ولا يمكن الخوض في محيط الامثلة لان المقام لا يتسع والامثلة كثيرة، ثم جاء رسول الهدى عليه السلام برسالة الاسلام التي جائت لتكمل ما كان صحيحا من الاخلاق وتصحح ما كان معوجا او خالطه شيء من شوائب الاهواء وكذلك لتلغي مثالب الاخلاق العامة والخاصة الم يقل عليه السلام “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق”؟.

وعل الحديث الذي يجمع بين العصرين هو قول الرسول عن حلف الفضول الذي عقد في بيت ابن جدعان “لو دعيت به الان لاجبت” وكانت الرسالة كلها تهدف في احد جوانبها المهمة لترتقي بالناس في كل حين اخلاقيا وجعل الاسلام المجالس المقربة والدرجات العلى والثقل في الميزان لحسن الخلق.

إلى أين وصلت حالتنا الأخلاقية؟انظر إلى حال بلدك أو حيك وقس ما كنت عليه قبلا من أخلاق وما عليه القوم الان ثم بعدها قرر ما أنت فاعل

كان لا بد من التقدمة السابقة للولوج الى الحال الاخلاقي الذي وصلنا اليه وجعلها اساسا للقياس والمقارنة وعل الدافع للكتابة صار قويا بعد الجدال والمواقف المتناثرة كحالنا بعد حظر الرواية التي يعرف المعظم اسمها وبعضا من صفحاتها الفجة وليست الكتابة هنا دعما لموقف النظام الرسمي بكل مؤسساته بل ربما استغلال لللحظة الراهنة حول الرواية والنقاش حول مجمل حالنا الاخلاقية.

نحن اصحاب حشمة واخلاق وحمية

طبعا لا ينكر منصف اننا في حالة ضعف يشوبها مستنقعات ذل هنا وهناك وحالة الضعف موجبة للتشتت والاختلاف بل الخلاف في الراي ولدينا اساليبنا في تكريس ذلك الخلاف وكلنا يستريح الى وصف المحافظين في العالم باصحاب العقول الشرقية ونجعل ذلك علامة مسجلة لنا باننا اصحاب حشمة واخلاق وحمية، مما يولد راحة ضميرية كافية للغط في نوم عميق لنتابع في اليوم التالي نفس الدوامة.

لا تشكل الرواية المحظورة باكورة الانحدار الاخلاقي والحديث عن سفاسف الامور الهامشية غير المهمة وجعلها ظواهر ومن ثم التعميم بناء على خيال الكاتب بل هي جزء صغير من سلسلة اخرى لها دور في الوصول الى هذا النوع من تسويد الصحف بالغرائب والعجائب المفتراة والمقرفة لنيل الشهرة والظهور السريع، ويمكنك الاطلاع على الروايات العربية لترى كم الفساد والاستفال الاخلاقي الذي كان الناس يعدونه تقدما وجراة، فغدت التلميحات تصريحا، ثم صار التصريح وصفا دقيقا، ثم صار الوصف لا بد ان يرافقه تسجيل صوتي وخيال جامح، وكل ما سبق باسم الادب وحرية التعبير ووصف الواقع.

الحالة الأخلاقية العربية على انستجرام كمثال

ان الحالة الاخلاقية يرثى لها وربما جولة على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا تطبيق الانستقرام تريك مدى الانحدار الذي وصلنا اليه وهذا ما يراد لنا بعيدا عن تهمة المؤامرة لكن من كان يجرؤ ان يقول قبل عقد من الزمان انه ذو شذوذ ؟ والسؤال الان من يستطيع ان يقول لشاذ انه مريض بحاجة لعلاج ؟ ما بين السؤالين تكمن المشكلة ففي الاول كنا لا نتقبل اي انحدار ونعده تعديا على الاعراف والتقاليد والدين وخرقا للاجماع الاخلاقي العام ثم بدات الخروقات وصرنا نهاب الحديث عن المسالة وماتت القضايا الكبرى وفتح الباب للاستنعاج الحالي فصار كل رويبضة يمكن ان يكون كاتبا او محللا او حتى مفتيا ان وافق هوى الحاكم من جهة او تغربن من جهة اخرى ودعمته المؤسسات التي تنفق على معظمنا دون ان نعلم او نعلم ونتجاهل.

وحتى لا نبحر وراء الحروف فيخل بنا التطويل انظر الى حال بلدك او حيك وقس ما كنت عليه قبلا من اخلاق وما عليه القوم الان ثم بعدها قرر ما انت فاعل قبل ان يعمنا البلاء ويصير افضلنا اخلاقا الميت او الاعمى الابكم.

-انتهى-

*الاستفال : الانخفاض

فيديو المنسوب الأخلاقي

أضف تعليقك هنا

مروان محمد ابو فارة

مهتم بالحالة الفكرية للأمة
أبلغ من العمر 35 عاما
أمضيت في سجون المحتل الصهيوني عشرة أعوام
أحمل شهادة البكالوريوس في المهن الصحية تخصص تمريض
من فلسطين المحتلة