النُكات اللئيمة من أسباب الهزيمة

تأتي كلمة نُكتة بعدة معاني, ولكن الذي يعنينا هو المعنى التالي, نكَّت الشَّخص أي أتى بطرفةٍ أو مُلحةٍ في كلامه تُضحِك الآخرين, لذلك نقول نكَّتَ ينكِّت تنكيتًا فهو مُنكِّت, وأنا من محبي النكات ومن مشجعيها, ولكني سأتحدث في السطور التالية عن بعض الأمور السلبيّة التي تتخذ من النُكتة قناعاً لها, لتكون معوّل هدمٍ ثقافي, أو شرارة صراعٍ طائفي, أو مُحرّشٍ قبائلي, أو مُخربٍ مناطقي, لذا وجب التحذير والتنبيه على كل عاقلٍ نبيه, أن التحدي يكمن في التصدي لتلك النكات اللئيمة.

الكاتب(محمود السعدني) وخطورة النكتة

وأنا أوافق وبشدّة على رأي الكاتب الساخر الكبير (محمود السعدني) عندما قال في احدى أمسياته كلاماً فيما معناه : أن غالبية النكت التي تُقال على أهل الصعيد إنما هي من صُنع العدو الصهيوني, وذلك لأن الصعيدي معروف بالقوة والشجاعة والجَلَد والشهامة, ويتمتع بصحة ممتازة وبُنيّة جسدية مثالية, تؤهله على العطاء بكفاءة في الزراعة والجيش والصناعة, وبما أن أهل الصعيد يشكّلون تقريباً نصف المكون المصري, فكان من دهاء الصهاينة الأعداء, اظهارهم بمظهر البُسطاء الأغبياء, حتى يتم احتقارهم والسخرية منهم من بقية الشعب المصري, وبذلك يكون هدف العدو قد تحقق في بثّ الفُرقة بين أفراد المجتمع, واشغال كل طرف بالتنكيت على الطرف الآخر, ومن هنا تأتي خطورة النكتة المُستوردة من الأعداء.

كيف تُستخدم (النكات اللئيمة) في حياتنا اليوميّة؟

ولذلك لا أستبعد أن تُحاك مثل هذه المؤامرات على بلادنا, بحكم أننا نواجه أعداءً مُختلفين, لا تحكُمُهُم مبادئ ولا دين, وقد ساعدهم في ذلك تعدُد وسائل نقل الإشاعات والأكاذيب والنكات, عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي المُختلفة والمُنتشرة, فلا تستطيع أن تعلم ما هو مصدر (النكتة اللئيمة), إنما هي عمليّة تدوير أحمق وغشيم, مُستغلين في ذلك التنوع القبلي و(المناطقي) في المملكة, ثم يأتي بعض الصِغار والجُهّال فيدافعوا ويعتدوا على الطرف الآخر, ولا يعلموا أنهم بذلك حققوا أهداف أعدائنا المُتربصين.

خطورة النكات على المجتمعات

وكذلك هو الحال بالنسبة للتنكيت على بعض الجنسيات والجاليات, فهم إخواننا وجيراننا, ولكن (النكتة اللئيمة) وضعت بعض الحواجز بيننا, فأصبحنا نسخر منهم وهم أيضا بنا يسخرون, ثم نأتي ونقول هذه الجالية عدائية والأخرى بدائية وتلك همجيّة, وننسى أن التعميم خطأٌ فادح, والتنكيت على الآخرين فعلٌ جارح, وأن ما أرسلناه ارتد علينا, فنغضب ويغضبون, ونكره ويحقدون, وأعداؤنا بذلك يفرحون, يجمعنا دينٌ واحد ولغةٌ واحدة, وتُفرقنا إشاعةٌ مُغرضة ونكتةٌ مُجحفة.

النكات والحشيش

وبالنسبة للتنكيت والحشيش واظهار الحشّاشين بمظهر الظُرفاء, من خلال النكات التي تروى على ألسن الناس, أو من خلال المشاهد المحبوكة في الأفلام, حتى أنك لم تعد تستغرب إذا سمعت شيخاً كبيراً يروي نكتة مبتدئاً بعبارة (في محشش), أو أن تجد طفلاً صغيراً يفعل ذات الفعل, فالحمقى الصغار امتدادٌ لأولئك الحمقى الكبار, والنتيجة ارتباط الحشيش المُخدِّر في أذهان الغالبية العظمى من الناس بالفرفشة والفرح والانبساط, وهذه النقطة يطول فيها الحديث, وسأفرد لها مقالاً مُستقلاً.

النكات التي نُريد

وفي الخِتام ليس في الفرح البريء والضحك اللطيف ما يُخالف الإسلام, قيل لابن عيينة : المزَاح سُبَّة. فقال: ( بل سُنَّة، ولكن مَن يُحْسِنه. وإنَّما كان يمزح صلى الله عليه وسلم لأنَّ النَّاس مأمورون بالتَّأسِّي به، والاقتداء بهديه، فلو ترك اللَّطافة والبشاشة، ولزم العُبُوس والقُطُوب، لأخذ النَّاس مِن أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من الشَّفَقة والعناء، فمَزح ليمزحوا ), وإنما الحذر كل الحذر من النُكات اللئيمة لأنها من أسباب الهزيمة.

أضف تعليقك هنا