حتى متى؟ – حتى متى يبقى الدين والتدين والعلم الشرعي حرما مباحا متاحا لكل لاعب؟

يمكن القول ان السنين الاخيرة تعتبر سنوات التعدي على العلم بشكل عام، وعلى العلم الشرعي بشكل خاص ذلك ان منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع منحت الكثير من الاشخاص منبرا حرا بلا رقيب للتعبير عما يجول في خاطرهم من اراء شخصية بحتة وارباع حقائق يظنونها الحق المطلق الذي لا يمكن الرد عليه، ولا حتى نقده وطبعا ليس بالامكان تصحيح اخطاءه الاملائية لان ذلك يعتبر في زمن الشعب العالم بكل شيء تعد على حرية التعبير ومحاربة للراي الاخر وكبت له.

مصدر المعلومة شخص موثوق

غير ان المطلوب من هذه الكليمات القادمة وضع تصور للاسباب التي جعلت الكثير من الناس يظن ان معرفة المعلومة من كتاب او موقع او منشور لشخص يثقون به اصح من النص نفسه، وان كل مدع للحداثة ونابذ لما يقول انه قد عفا عليه الزمن من اراء وتفاسير واجتهادات يجب ان يغير وبالحديث عن التغيير فان الكل مجمع على ان الحال الحالي للامة في جوانب شتى يرثى له وانه لا بد من انتفاضة علمية صحيحة ومضبوطة للخروج من الحالة الراهنة ومع ذلك يعتبر كثير من المفتاتين على العلم الشرعي انهم خارج متطلبات التغيير وانهم في عقد كاثوليكي مع العلم وان ارائهم وان كانت شاذة فمكتوب لها الاستمرار فقط لانهم يملكون النية الصادقة حسب.

الغرور العلمي

وكما كل الظواهر فان الحالة المتحدث عنها ترتكز على عدة اسباب ودوافع يمكن عزوها اليها وعل اول هذه الاسباب ما يمكن تسميته الغرور العلمي فكل من نال شهادة في تخصص ما ظن ان العلم الشرعي اصبح بمتناوله، وانه يمكن ان يرد حديثا او نصا قرانيا ان لم يوافق العلم الظني الذي بين يديه، وليست المشكلة في الغرور العلمي، بل الكارثة تكمن في الناتج عن هذا الغرور الا وهو الاستحسان والاستقباح العقلي المعتمد على موافقة الرغبة والهوى الشخصي لا غير، مما يستهلك وقتا كبيرا في الرد والاخذ والجدل شبه العقيم في مسائل قد بت الشرع فيها منذ قرون، بل وعدل عليها المتأخرون عندما لاحت مستجدات تتطلب تحديثا واجتهادا.

وهؤلاء يريدون ان تثبت لهم ان كل حرف ورد في العلم الشرعي فعلا ورد ولا يقبلون الاحالة الى مراجع لم يقفوا عليها بل المطلوب منك حسب زعمهم ان تأتي بدليلك مما يعرفونه وينسون القاعدة الشهيرة القائلة ان عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود او بالعبارة المشهورة ما غاب عنك ليس بالضرورة انه غير موجود وهذا السبب المذكور هو من اهم عوائق التغيير في واقعنا فبدل استهلاك الوقت واستثماره في محاولة ايجاد المخرج نحو التجديد والتغيير النافع يهدر الوقت في الجدال العقيم غير النافع يعني بدل ان نناقش نصا ومدى نفعه وواقعية طرحه علينا اولا اثبات صحته ووروده اصلا ونسبته لقائله ومن مرجع يقبله المغرور ومن ثم ان سمح لنا نناقش ما نريد من نفع او حاجة.

التذرع بالاختلاف بين العلماء

الامر الثاني الذي يمكن القول انه من اسباب ما نحن فيه من تجن على العلم والعلم الشرعي خاصة هو التذرع بالاختلاف بين العلماء في كل مسألة تذكر، وهو امر صحيح بصورة نسبية للانصاف ولكنه غير مطلق فلا يمكن ان يكون الاختلاف ذريعة لكل نقاش يتحول الى خلاف ولكن انصاف المتعلمين يستعملون هذا الاختلاف لاثبات صحة ما يقولون لا لوجود ادلة او اراء مخالفة وعندما تطلب ذكر الاراء الاخرى التي احالك اليها المتمعلم تجد انه يحفظ نصا واحدا وقف عليه ولا يدري اصلا اسماء اصحاب الاراء الاخرى ومذاهبهم ولا حتى مناط الاختلاف وسببه ومدى الاختلاف وعمقه وهنا لا بد من التذكير ان الاختلاف كان ولا زال موجودا ولكنه ليس الاصل فكل العلماء وبالاستقراء التاريخي قالوا ان ارائهم ليست مطلقة بل وطالبوا بضرب عرض الحائط بها ان خالفت حديثا لم يقفوا عليه او نصا اسناده اقوى مما عندهم من نصوص وكم من متأخر استدرك على شيوخه ورد ارائهم واجتهاداتهم وعدل المذهب بناء على رأي المتأخر فغريب ذلك التذرع بالاختلاف فقط للخروج من نقاش بصورة المنتصر الفذ الذي يعلم كل شيء والقاعدة تقول من قال علمت فقد جهل.

مصدر المعلومة

والامر الثالث الذي يدعم تشخيصنا لهذا الافتيات على العلم الشرعي هو اتخاذ كل معلومة واردة في الكتب نصا صحيحا مطلقا والكل يعلم انه من كان شيخه الكتاب فخطؤه كثير والغريب ان كثير من المفتاتين ينهلون من اي كتاب وكل موقع دون ان يعلموا عن مرجع ذلك الكتاب او الموقع وهدف من كتب او نشر فمثلا هناك من ينهل من كتب نشرها المستشرقون دون ان يعلم ان هذه الكتب انما تم تأليفها لاثارة مسائل خلافية وربما تمس العقيدة وتغير الصورة المعروفة عن امور واشخاص اثبت التاريخ انهم كانوا وبالا واذى شبه مطلق على الامة والدين وهنا يمكن القول ان بعضا من هذه الكتب يتعلق بعقائد وادبيات فرق باطنية اندثرت وافل نجمها واتباعها فما الفائدة المرجوة من اتخاذ هذه الاراء الدفينة والمندثرة غير الجدل العقيم غير النافع ؟

وقبل ان نختم مقالنا هذا يمكن القول ان المحرك الخفي لهذه الحالة المتحدث عنها يكمن في حب الظهور والشهرة فكل من يريد ان يبزغ نجمه يتخذ الدين والعلم الشرعي غرضا وهدفا للوصول الى مبتغاه فكم من مجهول مغمور تعدى على القران والحديث الشريف ورد صحيح البخاري وشكك الناس في عقائدهم ليشار اليه بالبنان ثم بعد ان تسلط عليه الاضواء يعتذر ويتسلل لواذا بين الحجج وينتقل الى امر اخر خارج اطار الشبهات التي اثارها ذلك انه حقق مبتغاه عبر التهجم على الشرع وتهكم على احكامه ثم صار مشهورا ومضى ليحصد ما يريد من دنياه بعد ان افسد على الناس دينهم.

وهنا نعود الى السؤال الذي عنونا به مقالنا هذا فحتى متى يبقى الدين والتدين والعلم الشرعي حرما مباحا متاحا لكل لاعب؟

والان اليك تفكرا وتدبرا وجوابا

فيديو حتى متى يبقى الدين والتدين والعلم الشرعي حرما مباحا متاحا لكل لاعب؟

أضف تعليقك هنا

مروان محمد ابو فارة

مهتم بالحالة الفكرية للأمة
أبلغ من العمر 35 عاما
أمضيت في سجون المحتل الصهيوني عشرة أعوام
أحمل شهادة البكالوريوس في المهن الصحية تخصص تمريض
من فلسطين المحتلة