حزبُ النور .. فكرٌ شاذٌ و مالٌ حرام!(1-2)

مما لا شك فيه أنه كما أن الأعمال بخواتيمها ، فإن الأفكار بآثارها و نتائجها ، فإذا كان الفكر يثمر تدينًا حقيقيًا و عملًا و بناءً و إعمارًا للأرض و سلوكًا خُلقيًا و اجتماعيًا منضبطًا ، و نفسيات سوية ، فلا شك أنه فكرٌ جيد ، موافق للحق متسق مع الفطر السليمة .

و إذا كان الفكر ينتج تدينًا مغشوشًا يهتم بالظاهر دون الباطن و بالشكل لا بالمضمون ، و بالعَرَض لا بالجوهر ، و ينتج الخراب و الدمار و القتل و سفك الدم الحرام ، و يخرِّجَ أُناسًا مُشَوَّهِين نفسيًا و منحرفين خُلقيًا و اجتماعيًا فلا شك أنه فكرٌ سيءٌ مجافٍ للحق ، شاذٌ عن الفطرة السوية .

و مما لا شك فيه أيضًا أن الفكر الذي ينتمي إليه حزب النور السلفي هو من النوع الثاني لا النوع الأول … و الواقع خير شاهد .

ذلك أنه حادثة اكتشاف أن عضوًا منتميًا للحزب السلفي (و الذي يعمل على الحصول على أكثرية البرلمان القادم) هو أحد المتهمين الذين يحاكموا بارتكاب أعمال إرهابية عديدة لصالح تنظيم أنصار بيت المقدس .

هذه الحادثة في الحقيقة ليست الأولى و لن تكون الأخيرة ، ذلك أن الطريق واحد ، و أن المراحل متعددة ، و أن الفكر واحد بمراتب مختلفة .

و قد يقول قائل :إن الحزب سارع –كالعادة- و تبرأ من هذا الشخص و زعم أنه مفصول منذ عامين .

و نقول : إن القضية ليست في الانتساب للحزب بالعضوية بقدر ما هي في الانتساب للفكر ، فالشخص الذي انتسب لحزب النور السلفي ثم تركه – إن كان بالفعل تركه- ثم انتسب لتنظيم أنصار بيت المقدس لم ير تناقضًا بين الطرفين ، و لم يجد شيئًا مما تعلمه أو درسه أثناء انتسابه للحزب و للدعوة السلفية يحرم عليه الانتماء لأنصار بيت المقدس أو لغيرهم ، و لم يسمع يومًا من أحد من قادة الحزب أو الدعوة تجريمًا للانتماء لهذه التنظيمات ، بل في الحقيقة إن الموجود في الكتب و ما يقال في الندوات و المحاضرات هو الثناء على هؤلاء و مدحهم !

إن الذي ترك الحزب السلفي و انتمى لتنظيم بيت المقدس هو في الحقيقة رأى أنه يترقى في مدارج المجاهدين و أنه انتقل من مرحلة أدنى إلى مرحلة أعلى منها و أفضل !

لقد كتبتُ هنا منذ خمسة أشهر عن أن “الطريق إلى داعش يمر بحزب النور” ، و كنت أعني ما أقول ، فالطريق واحد و المراحل فيها متعاقبة .

نعم … هذه هي المسألة ، و هذا هو لب القضية و جوهرها ، أن الفكر الشاذ لا ينتج أسوياء بحال ، و أن العود الأعوج لا يستقيم ظله أبدًا .

لن أحدثك أيها القارئ المكرم ، و لكي تكون على بينة من أمرك ، عن أعداد المصريين المنتمين لحزب النور السلفي و الدعوة السلفية بالإسكندرية و الذين أرسلهم

الحزب و الدعوة للقتال في صفوف داعش و النصرة في سوريا و غيرها ، و هم أعداد كثيرة بلا شك .

لن أحدثك عن التعاون البنَّاء بين الحزب السلفي و الدعوة السلفية و تنظيم داعش في سوريا و العراق .

و لن أحدثك أيضًا عن الثناء و المديح المتبادل بين قادة الإرهاب المعاصر كــ “أسامة بن لادن” و “أيمن الظواهري” و قادة الدعوة السلفية بالإسكندرية و الحزب السلفي .

لن أحدثك عن مدائح “الظواهري” لــ “محمد المقدم” و “أحمد فريد” و غيرهم و أنه في انتظارهم في ساحة القتال !

لن أحدثك أيها القارئ المكرم عن ما سطره قادة الدعوة السلفية من كتب و رسائل فيها الثناء البديع على أصل الإرهاب في العصر الحديث “حسن البنا” و “سيد قطب” .

فإن لذلك موضع آخر ، و لكنني سأضرب مثالًا عمليًا واضحًا لا يحتمل اللبس ، ليدل على أن الفكر الذي تنتهجه الدعوة السلفية بالإسكندرية و من ورائها ولده الصغير : حزب النور السلفي ، ليس إلا فكرًا شاذًا منحرفًا ، و أنه محض فكر خارجي ينتج الإرهاب و التطرف و العنف و القتل .

إنه “عبد اللطيف موسى” أو “أبو النور المقدسي” كما كان يحب أن يناديه أتباعه .

و هو شخص فلسطيني جاء ليدرس الطب في جامعة الإسكندرية ، فالتقطته الدعوة السلفية ليكون لهم تبعًا و خلفًا في قطاع غزة .

واظب “موسى” على حضور ندوات و محاضرات مشايخ الدعوة السلفية طوال فترة إقامته بالإسكندرية ، و تتلمذ على أيدي كبار شيوخها كــ “د/سعيد عبد العظيم” و “د/محمد إسماعيل المقدم” و “د/ أحمد فريد” و غيرهم ، ثم لما أتم دراسته و حان أوان عودته إلى بلدته في قطاع غزة ، زكاه المشايخ ، و دفعوه للعمل في جمعية تابعة للتنظيم الدولي للسلفيين في القطاع تدعى : جمعية دار الكتاب و السنة ، فأصبح عضوًا كبيرًا في الجمعية و ناشطًا مهمًا في أعمالها .

و ظل يُدَرِّس في معهد شرعي تابع لها خمس سنوات كاملات .

كما عمل –بتزكية من مشايخ الإسكندرية- خطيبًا في مسجد أهل السنة! في خان يونس لمدة خمسة عشر عامًا ، ثم خطيبًا لمسجد النور! على الحدود المصرية الفلسطينية لمدة عام و نصف العام .

ليستقل بعد ذلك بنفسه و يبني لنفسه مسجدًا خاصًا سماه “مسجد ابن تيمية” في حي البرازيل جنوب مدينة رفح الفلسطينية ، و يخطب فيه وحده ، و من ثَمَّ يعلن في خطبة الجمعة الموافق 14 أغسطس سنة 2009 م عن قيام ما أسماه : “الإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس” في وسط حشد من أتباعه مدججين بالسلاح في صحن المسجد !

فهذا الشخص مثال حي على ما نبغي الإشارة إليه و التنبيه عليه ، من أن هذا الفكر الشاذ المنحرف الذي ينتهجه حزب النور السلفي و الذي هو بالأساس فكر الدعوة السلفية بالإسكندرية لا ينتج إلا خرابًا و دمارًا و قتلًا أو باختصار … هو فكرٌ ينتج إرهابًا ، ذلك أنه فكر شاذٌ و منحرفٌ .

أما المال الحرام فله حديثٌ آخر في الأسبوع القادم إن شاء الله .

و …

في المقالِ القادمِ … للحديثِ بقية … إنْ شاءَ ربُّ البرية .

أضف تعليقك هنا