مسجد مصر صلاة

سعد الهلالي وأمانة الفتوى

قصة وعبرة

ماذا تفعل لو ذهبت الى طبيب لتشكو له صداعا ألم براسك فإذا بالطبيب يخبرك بأن الصداع له أسباب عدة منها التهابات الجيوب الانفيه أوارتفاع بضغط الدم او ألم بالأسنان او نقص فيتامين كذا الخ، ثم أخرج الروشته وكتب عليها جميع الإحتمالات التي ذكرها وأمام كل احتمال مجموعه من العقاقير الخاصه به فكانت الروشته مكونه من عشرين ورقه لا من ورقة واحده كجميع الروشتات وكان بها ستون تشخيصا لا تشخيص واحد، ثم نظر لك بكل براءه ووداعه وقال أوصيك أن تذهب الى معامل الأشعه والتحاليل وتجري فحصوصات كذا وكذا وكذا وتسأل اخصائي الأشعه والتحاليل عن النتائج ثم تقارن ذلك بالاحتمالات الوارده الذكر بالروشته العظيمه المبجله ثم تتخير أي العقاقير تناسبك ولا مانع من فتح النقاش مع الصيدلي في ذلك ان اردت وان لم ترد فلك أن تختار ما يناسبك وما تشعر به ملائما لك فأنت أدرى الناس بجسدك وألمه ولا وصاية لطبيب عليك !! .. إنك ولا شك ستتهم الطبيب بأحد أمرين إما أنه اصيب بالخبل في عقله أو أنه خان أمانته الطبيه والعلميه لسبب غير معلوم فانتهج نهجا يؤدي لإلغاء مهنة الطب والرجوع إلى عصر حلاق الصحة!

سعد الهلالي

هذا بالضبط مايفعله سعد الهلالي بالفقه وعلوم الشريعة، فالرجل كلما سألته عن أمر أتى لك بكل الأراء الفقهيه. شهيرها وشاذها. صحيحها وفاسدها .قديمها وحديثها. مايناسبك ومالا يناسبك بحجة أنه لا يريد أن يفرض عليك وصايته وأن الفقهاء لا وصاية لهم على الأمة؟

وأنا هنا لا ادري عن أي وصاية يتحدث صاحب الفضيله؟ فلا أحد يجبر احدا على الذهاب للفقيه كما أن الفقيه بعد أن يفتي لا يجبر المستفتي على اتباع فتواه.ثم إننا في زمن نعاني فيه من تصدر غير المختصين للفتوى بغير علم ونبحث عن المختصين كالباحث عن إبرة في أكوام من القش.

فإذا بفضيلة الدكتور سعد الهلالي يطالب الفقيه المختص بأن يتحول إلى ما يشبه أمين مكتبه تذهب اليه لتسأله فيخبرك عن المراجع الفقهيه وكتب التفسير والحديث التي تناقش القضية التي تسأل عنها لتبحث عنها وتتخير منها ماشئت لما شئت! وحجة سعد الهلالي الواهيه هي أن واجب الفقيه أالا يكتم علما أو رأيا مهما بلغ شذوذه وغرابته وإلا صار وصيا على الناس أو كاتما للعلم!

إن الصحابي الجليل سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عندما جاءه شاب يسأله عن حكم تقبيل الزوج لزوجه في نهار رمضان فأفتى له بحرمته. ثم جاءه شيخ يسأله عن نفس الحكم فأفتى له بإباحته. لم يكن وقتها الصحابي الجليل يفرض وصاية على أحدهما ولم يكن يكتم علما عن هذا ليخبر به ذاك لكنه فقط أفتى لكل واحد بما يناسبه وهذا هو دور الفقيه فالشاب قد يتطور الأمر معه إلى ما هو أبعد من القبله فيفسد صومه أما الشيخ فسيكتفي بالقبلة فقط.

وفي حديث أنس – رضي الله عنه -قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلاَّ حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ» قَالَ معاذ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إِذا يَتَّكِلُوا» فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ، تَأَثُّما*
فهنا ينهى النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ أن يخبر الناس بحديث كهذا وهم حديثي عهد بالاسلام حتى لا يتكلو ا فيتركو العمل والجهاد حتى إذا ماتمكن دين الله من أفئدتهم صارإخبارهم بالحديث نافعا لهم فأخبرهم سيدنا معاذ بما علمه عن النبى صلى الله عليه وسلم خشية أن يتأثم بكتم العلم عنهم .

وخلاصة القول أن أمانة الفقه والعلم تقتضي ألا يكتم العالم علما نافعا عن سائله وألا يطلعه من العلم بما قد يفسد عليه حياته أو دينه وإلا صار خائنا لأمانة العلم وهذا ما درج عليه الصحابة ومن بعدهم التابعون والفقهاء عبر العصور والأزمنة. والأمثله على ذلك شهيره وكثيره وهي أمثلة لا تخفى عن طالب علم في بداية الطلب.

فما بالنا بأستاذ للفقه بحجم سعد الهلالي لكن الرجل يأتي بمنهج يخالف السلف والخلف مخالفة تصل الى حد عدم الأمانة العلميه في توجيه الناس لماينفعهم والبعد بهم عما يثير البلبلة في عقولهم. وهنا يطل علينا سؤال متبوع بالكثير من علامات الإستفهام والتعجب. أين أمانة الفتوى؟

-انتهى-

*تَأَثُّما: تأثم الرجل إذافعل فعلا يخرج به من الإثم

أضف تعليقك هنا