كتابة عن ذكريات ليست بالبعيدة، عن مباراة انتهت بسيناريو اشبه بنهاية الأفلام السينمائية، عن اللحظة التي اطلق الكاميروني صاروخية برأسه فأسكت مدينةً بأكملها، عن نصف نهائي الدوري الأوروبي عام 2014 بين فالنسيا واشبيلية.

النتيجة تُشير الي تقدم الخفافيش بثلاثة اهداف مقابل لاشئ، ومع حلول الدقيقة 90 يبدو ان المباراة ستنتهي بهذه النتيجة ويصعد فالنسيا الي نهائي الدوري الأوروبي، ولكن ربما تحدث المفاجأة…

-البداية بين اشبيلية وفالنسيا

24 ابريل عام 2014 تقام مباراة الذهاب من الدور نصف النهائي للدوري الاوروبي بين اشبيلية وفالنسيا، يدخل اشبيلية المباراة مُتسلحاً بكامل نجومه في الدفاع والهجوم “فازيو، راكيتيتش، رييس، باكا” ويدخل فالنسيا ايضا بنجومه”ماتيو، فيغولي، الكاسير، باريخو، فارجاس” فقط يغيب الحارس البرازيلي دييجو الفيش.

تنطلق المباراة، تبادل الهجمات بين الفريقين، حتي تأتي الدقيقة 33…. ضربة ثابتة لاشبيلية، علي التنفيذ نجم الفريق حينها ايفان راكيتيتش ليلعب كُرة داخل منطقة الجزاء تصل للكاميروني ستيفان مبيا ليسجل الهدف الأول، لم يمر سوي ثلاث دقائق فقط كي يتوغل فيتولو بين دفاعات فالنسيا ليمرر الكرة للكولومبي كارلوس باكا، قبل ان يسجل ثاني اهداف الفريق الأندلسي لتنتهي المباراة بهذه النتيجة ليضع اشبيلية قدماً في نهائي البطولة.

– عودة لم يتوقعها احد.

الأول من مايو عام 2014… دخل فالنسيا مباراة الاياب وهو خاسر ذهاباً علي ملعب رامون سانشيز بيزخوان بهدفين للفريق الأندلسي مقابل لاشئ، يبدو ان اشبيلية قطع شوطاً كبيراً في الذهاب الي المباراة النهائية، اما فالنسيا فيحتاج للفوز بفارق 3 اهداف كي يتمكن من قلب الأمور، تبدو الأمور صعبة علي الخفافيش والتعويض ليس بهذه السهولة، ولكن لا يوجد مستحيل في ملعب الميستايا!

انطلقت المباراة وفالنسيا استعاد حارسه دييجو الفيش ومع كل من بابلو بياتي، سيدو كيتا، داني باريخو، فيغولي، جوناس، وادواردو فارجاس.. دخل فالنسيا المباراة علي أمل احراز هدف مبكر يساعدهم علي التعويض، لم يمر الكثير من المباراة حيث تمكن الجزائري سفيان فيغولي من احراز اول الاهداف للخفافيش بعد تمريرة من التشيلي ادواردو فارجاس ليراوغ مدافع اشبيلية فازيو ويُسكن اول الاهداف في مرمي الحارس البرتغالي بيتو.

التعويض اصبح ليس بالأمر المستحيل ولاعبوا المنافس يبدو وانهم خارج المباراة، فقط هدف اخر يعيد الحظوظ لفالنسيا وتعود الحسابات الي نقطة الصفر مرة اخري، اثني عشرة دقيقة فقط كانت كافية لتسجيل ثاني الأهداف.. تمكن فالنسيا من التسجيل بعد عرضية رائعة من خوان بيرنات ظهير ايسر بايرن ميونيخ الحالي ليقابلها البرازيلي جوناس بالرأس قبل ان تصطدم بالحارس بيتو وتسكن الشباك.

الأمور تبدو صعبة الان علي الفريق الضيف، اقل من نصف ساعة فقط كانت كافية لأن يسكُن مرماهم هدفين، اما فالنسيا فالفريق اعاد الامور لنقطة الصفر مرة اخري ويمتلك الافضلية للفوز بالمباراة والذهاب للنهائي، فقط هدف ثالث قد يأتي وينهي كل الأمور ويقتل طموحات الفريق الأندلسي ومازال هناك 74 دقيقة باقية!

انتهي الشوط الأول بنفس النتيجة هدفين لفالنسيا مقابل لاشئ اشبيلية، علي يوناي ايمري ان يتحرك، يبدو ان الفريق ينهار والان هم علي حافة الخروج، بدأ الشوط الثاني في انتظار ما سيحدث…

يبدو ان مدرب فالنسيا انتونيو بيزي قرر ان يجري تعديل في الدقيقة 61، خروج للأرجنتيني بابلو بياتي ودخول لكارتابيا، بعدها قرر يوناي ايمري التعديل ايضاً في الدقيقة 66 خروج لكارلوس باكا الغائب عن الشوط الأول ودخول للفرنسي جاميرو، ثلاث دقائق فقط بعد دخول جاميرو كانت كافية لأحراز منافسهم فالنسيا الهدف الثالث في المباراة عن طريق الفرنسي جيرمي ماتيو وحسم الأمور لصالح الخفافيش.

ماذا يحدث لاشبيلية؟ الفريق شبه تائه، من كان يتوقع هذا السيناريو فالجميع ظن ان اشبيلية حسم الأمور ذهاباً وفي طريقه الي المباراة النهائية، حسرة كبيرة لمشجعي الفريق الأندلسي، الفريق يحتاج لتسجيل هدف حتي تعود له حظوظ التأهل مرة اخري، ولكن لن يسجل في ظل هذه السيطرة التامة من لاعبي فالنسيا.

حاول ايمري ضخ دماءٍ جديدة لاشبيلية باشراك البيرتو مورينو بديلا لنافارو، قبل ان يرد انتونيو بيزي بالتغيير الثاني لفالنسيا فالدقيقة الان 78 وحان وقت تأمين النتيجة كي لايسجل اشبيلية، دخول لخافي فويجو محور الدفاع وخروج لداني باريخو لاعب الوسط المهاجم، ليرد ايمري بأخر التغييرات لاشبيلية خروج انتونيو رييس ودخول ماركو مارين، مقابل ثالث التغييرات لفالنسيا بخروج المهاجم البرازيلي جوناس احد نجوم المباراة ودخول لباراجان في الدقيقة 85.

الدقيقة 90.. يحتسب الحكم 5 دقائق وقت محتسب بدل ضائع.. النتيجة تُشير الي تقدم الخفافيش بثلاثة اهداف مقابل لاشئ، يبدو ان المباراة ستنتهي بهذه النتيجة وفالنسيا في طريقه الي نهائي الدوري الأوروبي، يالها من خيبة أمل كبيرة للفريق الاندلسي.

-الصدمة

الدقيقة 93 اشبيلية علي بُعد خطوة من الخروج وتوديع البطولة، فقط دقيقتان وتنتهي المباراة فهل يسجل اشبيلية هدفاً ويُسكت جماهير الميستايا المنتظرة لصافرة الحكم؟

يبدو ان المباراة لن تبوح بكل ما لديها الا مع صافرة النهاية، الفرصة الأخيرة للأندلسي، رمية تماس من جهة اليمين، الجميع يتواجد داخل منطقة جزاء فالنسيا، تُلعب رمية التماس من الظهير كوكي داخل منطقة الجزاء قبل ان يهيئها فازيو برأسه…ليجد الكاميروني مبيا الكُرة ويصوبها برأسية وضع فيها كل قوته لتسكن مرمي دييجو الفيش ويُسجل اشبيلية الهدف الأول في المباراة وهدف التأهل الي المباراة النهائية!

من اين ظهرت يا مبيا!

ارتقي الكاميروني وسجل هدف التأهُل ويُصاب بالصدمة والدهشة كل من ظن ان الفريق الاندلسي استسلم سواء اللاعبين او جماهير، ليحرق خفافيش الميستايا وتنتهي المباراة بثلاث اهداف لفالنسيا مقابل هدف لأشبيلية بمجموع اللقائين ثلاثة اهداف لكل فريق.

وصل اشبيلية بعدها الى المباراة النهائية ليلاقي بنفيكا البرتغالي ويُتوج بالبطولة بعد الفوز بركلات الترجيح.

هذا هو حالها دائما، كثيرة التقلُبات كالحياه، مليئة باللحظات الدرامية والنهايات غير المتوقعة كأفلام السينما، لايوجد بها حسابات معقدة او مستحيلات، سِحر من نوع خاص، انها كُرة القدم.

 

فيديو النهائي الأوروبي بين فالنسيا وإشبيلية