الطريق إلى داعش يمر بــ “حزب النور” (1-2)

لا يشك عارف بحزب النور و أصله الذي خرج منه و تفرع عنه و حاضنته الفكرية التي تحتضنه كما تحتضن الأم الولد و هي “الدعوة السلفية بالإسكندرية” و منهاجهم و أحوالهم و عقائدهم في أنه لا فارق البتة بينهم و بين التنظيمات الإرهابية و على رأسها داعش الإرهابي و أخواته .

و لا يشك كذلك عارف بالتنظيمات المنتسبة للإسلام أو للسلف أو للجهاد –و الإسلام و السلف و الجهاد منهم براء – أو غير ذلك ، في أن جميعهم منذ أولهم إلى آخرهم و أحدثهم ، إنما خرجوا من رحم واحدة و حمأة منتنة و بركة آسنة واحدة ، ألا و هي كتب و أفكار و ما خلَّفَ الهالك “سيد قطب” –عامله الله بما يستحق- و الذي من أفكاره وتضاعيف و ثنايا كتبه خرجت كل التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم كله ، و كانت كتبه و أفكاره وبالًا مستطيرًا ابتلي به المسلمون في العصر الحديث ، كما كانت إحياءً لفكر الخوارج الأقدمين من موات ، و الذين حكموا على الدنيا كلها بالكفر في زمانهم ، فكفروا العالم أجمع سواهم ، بما فيهم و على رأسهم الصحابة الكرام –رضي الله عنهم- و على رأسهم أمير المؤمنين في زمانه و ابن عم رسول الله –صلى الله عليه و سلم- على بن أبي طالب –رضي الله عنه- .

فجاء “سيد قطب” فأحيا هذا الفكر الخبيث من مواته و أخرجه للناس متماشيًا مع العصر ، فكفر البشرية كلها ، و كفر سكان الأرض جميعهم سواه و جماعته “الإخوان” و من انتمى إليهم و اعتقد عقيدتهم و انتسب لفكرهم ، و وسم القرن العشرين بالجاهلية و الكفر و أطلق مصطلحًا أسماه “جاهلية القرن العشرين” و الذي اقتبسه أخوه الهالك أيضًا “محمد قطب” فألف كتابًا يحمل نفس العنوان “جاهلية القرن العشرين”!
و كان “سيد قطب” يرى أن جاهلية القرن العشرين أسوأ و أشد كفرًا من الجاهلية الأولى و التي كان عليها المشركون الأوائل قبل بعثة النبي الأكرم و الرسول الأعظم –صلى الله عليه و سلم- و أن المسلمين المعاصرين أشد كفرًا و أعظم إثمًا و أشد حسابًا من المشركين الأوائل الذين كانوا في الجاهلية الأولى .

بل لقد وصل في تطرفه و غلوه إلى أن صرح بأن أشد الكافرين المعاصرين كفرًا هم المؤذنون و الذي أخبر النبي الكريم –صلى الله عليه و سلم- بأنهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة ، و لكن “قطب”و الذي هو قطب للفساد و الضلال و الإضلال و التكفير ،و على خلاف النبي –صلى الله عليه و سلم- يرى أن المؤذنين أشد الناس عذابًا يوم القيامة ، ألا شاه وجهه و وجه من تبعه إلى يوم القيامة .

من هذه الحمأة المنتنة القذرة و البركة الآسنة العفنة خرجت كل الجماعات الإرهابية الإجرامية ، و منها نبت الإرهاب في العالم كله ، ابتداءً بتنظيم سنة 1965 م بقيادة “قطب” نفسه ، و مرورًا بتنظيم الجهاد –زعموا- و الجماعة الإسلامية –كذبوا- و كذلك جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية و التي نبت عنها ابنها الصغير “حزب النور” و انتهاءً بتنظيم القاعدة ، ثم داعش الإرهابي و أخواته .

و إذا كان “أيمن الظواهري” في حوار صحفي له مع “الشرق الأوسط” في عام 2010 م قد صرح بل لقد اعترف بأن كتاب “معالم في الطريق” للهالك “سيد قطب” كان الكتاب الديناميت ! و الذي تفجرت منه كل التنظيمات الإرهابية في العالم كله .

و كذلك اعترف “عبد الله عزام” –و هو شخص إخواني بالأساس و هو من تتلمذ و تخرج على يديه الرجل الفتنة “أسامة بن لادن” و الذي كان سببًا من أسباب الفتن و المحن و البلاء الذي واجهه المسلمون و العرب في العصر الحديث ، كما كان سببًا في تدمير الكثير من بلدانهم و دولهم عسكريًا و سياسيًا و اجتماعيًا كالسودان و القرن الأفريقي و العراق و أفغانستان و سوريا و ليبيا و غيرهم – في بعض ما كتب بنفس المعنى و أن لكتب “سيد قطب” أبلغ الأثر على أعضاء التنظيمات الإرهابية في أفغانستان ، بل و يؤكد أن كل من يدخل أفغانستان لابد و أن يلمس تأثير ما كتبه “سيد قطب” على من فيها .

فإذا كان قادة التنظيمات الإرهابية كالقاعدة و داعش و غيرهم قد اعترفوا بأنهم أبناء و أحفاد “سيد قطب” و أفكاره فإن قادة و شيوخ و أعضاء الدعوة السلفية بالإسكندرية أيضًا قد أعلنوا نفس الأمر مرارًا و تكرارًا – و إن كانوا يحاولون الآن أن ينكروا ذلك من أجل أن يخدعوا البسطاء من الناس ،إلا أنه هيهات ثم هيهات ، فإن التاريخ لا يمحى و الكتب ما زالت في أيدي الناس و التسجيلات الصوتية و المرئية ما زالت إلى الآن أكبر دليل عليهم وعلى كذبهم و خداعهم و تكفيرهم و إرهابهم -.

فلقد عقدوا الندوات تلو الندوات و المحاضرات بعد المحاضرات و صنفوا الكتب و الرسائل و المنشورات و المطويات و التي يمتدحون فيها “سيد قطب” أيما مديح و يخلعون عليه أعظم الألقاب و الحلل و التي من أقلها –إن لم يكن أقلها- “البطل” و “الشهيد” و “لمجاهد” الذي جاهد “الطاغوت” و يعنون بــ “الطاغوت” الرئيس “جمال عبد الناصر” .

و “الطاغوت” : مصطلح تكفيري عند هؤلاء ، تستخدمه الجماعات الإرهابية لتصف به من تكفره من الحكام ، و هو ما يعني و يكشف لكل أحد أنهم إنما يكفرون الرئيس “جمال عبد الناصر” ، لمجرد خلافه مع الإخوان و مع قطبهم و سيدهم و إمامهم “سيد قطب” ، بل و يكفرون كل رئيس لا ينتمي إليهم ، بل و لا أستبعد أبدًا أنهم في مجالسهم الخاصة و اجتماعاتهم السرية يكفرون الرئيس “السيسي” نفسه ! .

بل لقد مدح شيخهم الأكبر “محمد إسماعيل المقدم” الهالك “سيد قطب” في بعض كتبه بأوصاف و مديح لم يمتدح به –أو ببعضه- يومًا من الدهر “أبا بكر الصديق” و لا “عمر الفاروق” و لا عثمان ذي النورين” و لا علي ذي الفقار ” –رضي الله عنهم و لا غيرهم من الصحابة الكرام أو السلف الصالحين أو الأئمة الأعلام المباركين ، و وصفه بأنه “عاش سيدًا و مات سيدًا و عاش قطبًا و مات قطبًا”! و غير ذلك من المديح و الثناء العالي على قطب التكفير في العصر الحديث .

و إذا كان “سيد قطب” و كتبه الديناميت ، و إذا كانت أفكاره المنحرفة و الضالة و التي يكفر بسببها البشرية جمعاء من لدن الصحابة الكرام – رضي الله عنهم- إلى عصرنا هذا محل تقدير و احترم و إعزاز و إكبار ، بل يرونه سيدهم و قطبهم الأكبر ، فلا شك أبدًا أنه لا فارق بينهم و بين تنظيم القاعدة و داعش و أخواتها ، و أنه لا فارق بين تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية و بين تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء .

و أما عن الطريق الواحد و الذي يوصل من سلكه إلى داعش و الذي يسير فيه الآن حزب النور و أتباعه فسوف نبينه –إن شاء الله لنا ذلك- في الأسبوع القادم .

أضف تعليقك هنا