ألدَّ أعداء الأمة والإصلاح الحقيقي (2/2)

نستكمل في هذه الحلقة ما جاء في مجلة الجامعة العثمانية الصادرة في 15 مارس ( آذار) 1899 الموافق 3 ذو القعدة سنة 1316هـ الجزء الأول السنة الأولى تحت عنوان ” الشرق والغرب ” الداء الخارجي : ومع ما في باطن شجرة الغرب من السوس الذي ينخرها شيئاً فشيئاً نراه ممتلئاً شباباً وحياة يندفع أبناؤه الآن على الشرق اندفاع الليث على فريسته لا يهمه غير الوصول إليها وانشاب مخالبه فيها وقد أنفذ دعاته أفواجاً بعضهم يحملون في مقدمتهم راية القوة يحميها السيف والنار وبعضهم يحملون راية الدين والمدنية والإنسانية وفي ثنياتها الأغراض السياسية و أول ما يبدأ به هؤلاء الفاتحون تارة فتحاً سياسياً وطوراً فتحاً أدبياً هو التفريق بين الداخلين إليهم ليتخذوا بعضهم على بعض عوناً وظهيراً فإذا كان جدار الوطنية في تلك الأمة التي يدخلون إليها غير قوي استطاعوا فتح الثغرة التي يريدون فتحها فيها ثم دخلوا من هذه الثغرة إلى أغراضهم . كذا يصنع الغرب الآن في بلاد الشرق حيث أدرت نظرك فيه .

وقد عانت دولنا في مقاومة الهاجمين للفتح الفعلي والفتح المعنوي بلاء شديداً مما يقضي على الجميع اجتماع الكلمة والاتحاد الشديد ليكونوا يداً واحدةً في الدفاع عن أنفسهم دفاعاً معنوياً ودفاعاً عند الحاجة فعلياً .
ويتم الدفاع الأول بالنهوض إلى الأعمال الاقتصادية و الصناعية والزراعية نهوضا يصرف خيرات البلاد إلى أهلها لا إلى ضيوفها ويتم الدفاع الثاني بشعور عناصر الأمة كلها أنها جسم واحد إذا أصاب الألم عضواً منه شعر به الجسم كله .
ومن سوء الحظ أن الغرب قد وجد في جسم الدولة العثمانية مدخلاً لأطماعه التي لا حد لها وما وجده معدًّا مفتوحاً بل فتحه بيديه مستخدماً لذلك مبدأ التقسيم القائل ” فرِّق تسد ” فأخذ يعمل على تفريق القلوب وقسمة الكلمة مستخدماً البعض ضد البعض الآخر توصلا إلى أغراضه ورأى أن سيره بطئ إذا قصر عمله على الأفكار بعد تكوُّنها فرأى أن يأتي الأغصان قبل أن تصير حطباً فاتخذ المدارس سبيلاً إلى ما أراده فنجح في ذلك نجاحاً لم يسر العثمانيين من جهة حتى ساءهم من عشرين جهة .
لنبذ بذور الشقاق والنزاع أن يجعل أصحاب المدارس الوطنية التعليم في مدارسهم من أجل جعل الجميع أمة واحدة فهذا هو السبيل إلى تقوية جدار الوطنية ووقاية الأمة من الثلم والهدم على أن الغربيين لا يلامون على ما يصنعون وما يريدون أن يصنعوا إلا كما يلام تاجر شديد الطمع والحب للكسب يضع مصلحته فوق كل مصلحة وفائدته فوق كل فائدة ولكن اللوم على أنفسنا إذا عرفنا داءنا ولم نطلب دواءنا ودواؤنا في أن تجتمع كلمتنا . إن سفينة النجاة هي التعليم وتربية الجيل الناشئ على القيم والمبادئ وتعليم المرأة وتربية النساء .

إقرأ أيضا:

ألدَّ أعداء الأمة والإصلاح الحقيقي (2/1)

فيديو ألدَّ أعداء الأمة والإصلاح الحقيقي (2/2)

 

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان