السيسي وترامب…قراءة لما بين السطور

شكلت حرب أكتوبر 73 نقطة تحول في رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط فيمكن اعتبارها نقطة التحول الثانية بعد ثورة يوليو 52،حيث استطاع الاتحاد السوفيتي حتى سبعينيات القرن الماضي أن يثبت أقدامه في أهم دولة في الشرق الأوسط وهي مصر عن طريق دعم نظام ناصر عسكرياً وإقتصادياً وهو ما جعل لها مراكز نفوذ في مصر عرفت بمراكز القوي.ولكن بعد إتجاه السادات غرباً لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي العسكري برعاية أمريكية.

وعلى مدى العقود الأربع الماضية شكلت مصر مفتاح السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط الغني بالبترول ونقطة التلاقي الأهم علي طرق التجارة العالمية.وكانت مصر كلمة السر في عملية عاصفة الصحراء وثعلب الصحراء التي وجهت ضد نظام صدام حسين في عهد مبارك.

النجم الأحمر يتوهج في الشرق الأوسط من جديد

في أعقاب انتفاضات الربيع العربي ونتيجة لسياسات إدارة أوباما تجاه الشرق الأوسط وجد بوتين مساحة واسعة لإجراء مناوراته وتوسيع رقعة النفوذ الروسي في الدول المطلة علي المياه الدافئة ويبدو أن بوتين يريد إستعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية بعد أن فككته سياسة الاحتواء والعزل ويحاول استغلال إنحسار النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط من خلال ملئ الفراغ الناشئ عن هذا الانحسار.

ولعل الأزمة السورية كانت الخطوة الأولي لموسكو في الشرق الأوسط،وشكل الدعم الأمريكي للإخوان المسلمين ضد نظام السيسي الفرصة المثلى لموسكو لاستمالة الحليف الأهم للولايات المتحدة،والتي تجلت في زيارة السيسي لموسكو في فبراير 2014 ، والإتفاق على توريد معدات عسكرية لمصر تعتبر الأولي منذ 73 ،وكان لهذا رد فعل في رفض مصر لمشروع القرار الفرنسي ضد سوريا وإجراء مناورة “جسر الصداقة”البحرية في مياه المتوسط بمشاركة قطع للأسطول الروسي.

ويذكر أن بوتين بعد أن أقام قاعدة بحرية دائمة  في طرطوس السورية، وبعد توطيد العلاقة بمصر بدأ يتغلغل بهدوء في شمال أفريقية ففي ليبيا نجد دعمه لـ اللواء المتقاعد حفتر ليبسط سيطرته على هذا البلد الغني بالنفط، ونجد هذا التقارب بين الطرفين يظهر خلال زيارة قام بها حفتر لحاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنتسوف يناير 2017 وناقش في اتصال بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي موضوع مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط. وفي تونس نجد نشاط السياحة الروسية عقب سقوط طائرتين إحداهما عسكرية والأخرى مدنية في مصر وتركيا. وعزم روسيا على تصدير منظومات صواريخ إسكندر إلي عدة دول عربية من ضمنها الجزائر الأمر الذي أثار حفيظة أوروبا بعد نشر منظومة صواريخ باليستية في مدينة كالينينغراد كتهديد للعمق الأوروبي.

ماذا تريد واشنطن؟

شكلت مصر على مدى قرون قاعدة إرتكاز للتوسع في شمال إفريقية منذ عهد عثمان بن عفان ومروراً بالدولة العثمانية ولعبت دوراً مهماً في تصفية الإستعمار هناك في عهد عبد الناصر. ويبدو أن ترامب يستهدف إحياء العلاقات بمصر،بعد الفتور الذي أصاب العلاقات المصرية الأمريكية نتيجة لسياسات سلفه أوباما،باعتبارها رأس حربة لمقارعة التغلغل الروسي في المنطقة لكونها رمانة الميزان في حفظ التوازن العسكري والأمني والسياسي في المنطقة إلى جانب السعودية. والتخوف الأمريكي من إتساع النفوذ الروسي جعل ترامب يضع مصر على قائمة أولويات السياسة الخارجية لإدارته للحد من التوسع الروسي.

أضف تعليقك هنا