الهوية اللغوية وحروب الجيل الرابع

بصورة عامة.. من الأخطاء التي يقع فيها الفرد العادي في شأن العولمة والتفوق الامريكي اليوم أن التفوق إقتصادي وعسكري فقط ، وحتي من يعرف أن الغزو والتفوق ثقافي فإنهم غالباً لايعيرون الجانب الثقافي قدراً كبيراً من الاهتمام. فالغزو الثقافي يتم بصورة فعالة ليصل وصولاً إلي مرحلة الإختراق ثم التغريب بدون تحريك دبابة واحدة قيد أنملة في عنصرين مُهمّين أكثر من غيرهما وهما اللغة والدين . وهو ماأسس له (صمويل هنتنجتون) في مؤلفه صدام الحضارات حيث يكرس للصراع الثقافي كبديلاً عن الصراع الأيديولوچي علي إمتلاك القوة بعد الحرب الباردة .

الهوية اللغوية

يري علماء الإجتماع أن اللغة ليست مجرد مصطلحات للتفاهم بل هي آداة للتعبير عن الأفكار والفلسفات والعقائد ووعاء يحوي المكونات الوجدانية التي تنتمي إلي حضارة ما ، وهو مايجعل الإلمام بلغة ما إلماماً بالضرورة لثقافة أصحابها .
ومن المثير للدهشة أنه بالرغم من إنتماء فرنسا للحضارة الغربية -طبقاً لوجهة نظر هنتنجتون- إلا أن الدولة سنت قانون يعاقب علي إستخدام مصطلحات غير فرنسية في الصحف والأبحاث والمحاضرات والمأكولات والمشروبات بغرامة تعادل (٣٥٠٠ )دولار ، ووعدت بإلغاء (١٦)مليار فرانك علي دول إِفريقية مقابل ضمان تفوق اللغة الفرنسية كلغة رسمية في تلك الدول كما تحوي ٥٢ جمعية لحماية اللغة تحت إشراف الرئاسة الفرنسية ، وتجلت أهمية البعد القومي للغة أثناء قمة الإتحاد الأوروبي في بروكسل في ٢٠٠٦ حين غادر الرئيس الفرنسي (چاك شيراك) الإجتماع بسبب أن رئيس البنك المركزي الأوروبي “الفرنسي الجنسية” تلي تقريراً باللغة الإنجليزية ، ولم يعود حتي تقرر تلاوته بالفرنسية.

لغة الضاد..وتحديات العولمة

الأساس القاعدي الذي يستند عليه المعمار الديني للإسلام هو القرآن ، وكعامل رئيسي كان ولازال يتحكم في الجزء الأعظم من التشكيل الثقافي للحضارة الإسلامية .
فبالتالي فهم القرآن الكريم والوصول إلي المقصود من آياته يتوقف بالدرجة الاولي علي المعرفة العميقة بأصول اللغة العربية التي تُمّكِن المفسر من معرفة دلالات ألفاظه وإستنباط الأحكام المُؤَطِرة للنظام الإجتماعي والأخلاقي منه . وبالرغم من سعة وغني اللغة العربية التي يضم قاموسها حوالي (١٢)مليون كلمة إلا أننا جعلنا لغة التعليم والعمل والتحضر هي الإنجليزية .
فالأمر الذي أدركه مستعمري الوطن العربي العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية وكتاب المسلمين وتشكيلهما المصدران الأهم في تشكيل الثقافة والوعي للحضارة الإسلامية ، لذلك فقد عملوا علي فرض لغاتهم كلغات رسمية لضمان تبعية المستعمرات ثقافياً ، حيث نجحت سياسة فرنسا في فرنسة الجزائر ومسخ الهوية الجزائرية ، وعلي النقيض تجد من ذلك تجد أقباط حلب السورية يحافظون علي السريانية القديمة كلغة لهم . والإتجاه لجعل اللغة الإنجليزية لغة الإقتصاد والعلم يجعلها وسيلة تواصل مع مصدرها ودمج لمتلقيها ومتعلمها في حضارة الغرب .

فيديوالهوية اللغوية وحروب الجيل الرابع

أضف تعليقك هنا