تقصير أمني أم قصور فكري

حسام عطاالله يكتب: تقصير أمني أم قصور فكري

سافرت قبل أيام لليونان في مهمة عمل. وفي مطار القاهرة وجدت أنه يتم تفتيش المسافر بدقة شديدة في ثلاثة نقاط مختلفة وفي رحلة العودة من مطار أثينا توقعت إجراءات تفتيش مماثلة أو أكثر صرامة لكنني فوجئت أن التفتيش يتم في نقطة واحدة وبصورة أخف كثيرا من مطار القاهرة. وهنا تأكدت أن الإجراءات التي أصرّت بعض الدول على فرضها في مطار القاهرة هي دليل على أنهم يعرفون أننا مستهدفون من تنظيمات مجرمة وربما كانوا يعرفونها بالفعل أو أشرفوا على تدريبها في مرحلة ما (!!).

في الأيام الماضية تصاعدت اتهامات لوزير الداخلية بالتقصير في أداء مهام وزارته حتى وصل الأمر للمطالبة بإقالته. والواقع أن الشرطة المصرية تحملت الكثير خلال السنوات الماضية بما يفوق تدريبها وتأهيلها حيث تحول الخارج عن القانون الذي تواجهه من مجرد حرامي غسيل أو بلطجي أو ما شابه إلى مجرم عقائدي تم تدريبه على حمل السلاح واستخدام المتفجرات مما يرفع المستوى من المجرم التقليدي إلى مواجهة حرب العصابات.

المجرم الذي يحمل حزام ناسف هو قنبلة جاهزة للانفجار في أي لحظة ولا يمكن تفاديها نهائيا وكذلك يصعب رصده لأنه غالبا شخص ليس له سجل جنائي ومروره من أي مكان سيكون مرور مواطن عادى صحيفة سوابقه خالية، وغالبا يكون مكان التفجير غير معلوم والهدف غير مرصود وإذا تم إيقافه في أي نقطة أمنية سيفجر نفسه (مثلما حدث عند بوابة الكنيسة المرقسية في الأسكندرية) وحتى لو تم رصده وقنصه عن بعد فإن الحزام الناسف سينفجر لأن الانتحاري لا يضغط على زرار بل تفارق يده زرار، وفي كل الأحوال سيسقط ضحايا لأن الموجة الانفجارية الصادرة من الحزام الناسف لا يمكن احتوائها.

الحل في رأيي ذو شقين: أمني وسياسي.

الشق الأمني

يتحقق بوضع خطط جديدة (من خارج الصندوق) للعمل الأمني بهدف الحد من الأعمال الإرهابية وتحجيم مصادرها وتأثيرها مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتطبيق تلك الخطط وكذلك تدريب وتأهيل رجال الشرطة لاستيعاب المتغيرات العصرية في العمل الإجرامي.

الشق السياسي

يتحقق بأن تقوم الدولة بتجفيف منابر نشر الفكر المتطرف في المساجد الأهلية والزوايا والمدارس الخاصة التابعة للإخوان والقنوات الفضائية. ويصحب ذلك شرح مبسط للاختلافات الفقهية بحيث يفهم الناس أن التخفيف والتشدد هو مجرد اتجاهات فكرية من وضع البشر وأن اتباع أيهما لا يعني أن الأول مُفرِّط والآخر ملتزم.

#تحيا_مصر

فيديو تقصير أمني أم قصور فكري

 

أضف تعليقك هنا

حسام عطاالله

مهندس مصري مهموم بمستقبل بلده.