توأم الروح

  • رأيي في رواية: سألت امرأة زوجها الحبيب ذات مساء حالم وهي تجلس بجانبه: حبيبي هل كنت ستحبني بهذا القدر لو لم أكن على قدر من الجمال؟! ابتسم لها زوجها في حب وقال لها: دعوتك لي ” حبيبي ” تحمل أبلغ رد على سؤالك، فأنا لا أرى غيرك أصلاً، ثم إنني لو لم أكن أحبك ما كان ليحملني جمالك على نظرة واحدة إليك ولو كنتي أجمل الجميلات إذا إنني رجل عاقل حر.
  • فالنفس البشرية التي كرمها الله فطرت على حب الجمال والكمال لأنه شيء ينقصها فهي تحاول دائماً أن تجد هذا الشيء المفقود وأن تعوض هذا النقص الذاتي، وكما قال الشاعر:
  • فطرت على عشق الجمال كريمة ………… والنفس إن هوت الجميل تميل
  • وأي نفس يمكنها أن ترى الجمال إن لم تكن ذات عين جميلة وقلب جميل ؟!، وأنت يا حبيبتي عيناي وقلبي أرى بهما الجمال في كل شيء من حولي، ثم كيف يرى الإنسان جمالاً في الخارج لا يحس به في الداخل، في داخل نفسه وروحه، وهذا لا يتصور إلا بأخلاق رفيعة وشيم جميلة وخصال كريمة.
  • والأخلاق الجميلة هي أكبر بُنيِات الجمال بل هي قلبه وميزانه متى ما توقف القلب مات ومتى من انحرف الميزان فسد.
  • وعلى هذا يقيس العاقل اللبيب الناس من حوله فيعرف كيف يعيش سعيداً وكيف يموت كريماً.
  • وإن الكثرة الكاثرة اليوم إنما تؤثر أن تهين نفسها بنفسها وأن تضيع آخرتها باختيارها وأن تنكد عيشها من حر مالها فالمرأة الفاسدة مثل الجرب وتراه يدفع فيها كل هذا المال، وصدق الله – عز وجل – إذ يقول ” إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون “
  • ويقول أيضاً منكراً على أولئك الذين يطلبون هلاكهم بكل سبيل ” أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير “
  • إخواني ميزان الاختيار والاصطفاء الإلهي كان دوماً هو الأصلح ودوماً كان هو الأبقى.
  • ولذلك كان التوجيه النبوي ” فاظفر بذات الدين ” وكان التنبيه القرآني ” الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ” كان هذا وذاك لضمان سعادة المستقيمين على طريق الله.
  • وأما المنحرفين بأي لون من ألوان الانحراف فإنهم كالحُمر لا يشم بعضها بعضاً , ولذا كان في اجتماع المنحرف والمنحرفة ولقاؤهما معاً في الدنيا تأكيداً على استحقاقهما العذاب , فإنهما لا يرعويان لمنكر ولا يعرفان معروفاً , وهذا هو الحب الشركي أن يحب الرجل زوجته أو تحب المرأة زوجها حباً تأتى به لأجله منكراً وتنكر به لأجله معروفاً أو يمنعون به حقاً لأحد من الناس أو تمتد به أيديهم بظلم ناس من الناس , ومن هذا الصنف الكثير اليوم وتلفيهم لا ينتبهون إلى قول الله تعالى ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ” .
  • فأقول للذين يبحثون عن المرأة الجميلة أو اللاتي يبحثن عن الرجل الوسيم: أخطأتم – وحق للخطأ أن يعاتبكم – إنما تبحثون في الحقيقة عن الشكل لا عن الجمال، فالجمال جمال الروح لا جمال البدن فالبدن إلى زوال والروح هي الباقية أبداً، والواقع يشهد بذلك وأنتم تشهدون .
  • ابحث وابحثي عن روحك في شريك حياتك ومتى ما وجد أحدكم موافقة الروح للروح وهيمانها بها فليطلبها بكل سبيل ولو استغرق ذلك عمره ولو باعدت بينهما حجز الدنيا وسينسى أحدكم حينها أن ينظر إلى شكل أو منظر أو بهرجة فارغة، وعندئذ فليلزم كل منكم قَدمَ شريكه ورفيق مشواره فإن عندها سعادة الدنيا والآخرة، ودعوا الأقدار تجرى في مجاريها وانطلقوا في فضاء الحب.
  • وعند ذاك نظر الزوج إلى زوجته فوجدها تغط في سبات عميق فاحتسب أجره على الله وضحك ثم تبعها ونام، والله من وراء القصد وهو الجدير بالحمد وصلى ربي وسلم على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبه والتابعين والسلام.

 

أضف تعليقك هنا

د. محمد فرحات

طبيب أسنان من مصر

كاتب عربي - مصر