“جواسيس وخونة ونشطاء”

“الجاسوس” هو شخص يحمل رأسه على كفه ليعمل في أرض العدو لخدمة بلاده في حين أن “الخائن” هو شخص يعمل لمصلحة أعداء بلاده بينما “الناشط السياسي المصري” هو شخص أبله يدافع عن الجواسيس والخونة الذين يعملون ضد مصلحة مصر.

الأصول العرقية للجواسيس تأتي في مقدمة أسباب اختيارهم لمهمتهم الصعبة حتى يسهل اندماجهم في المجتمعات التي يتم زرعهم فيها وأول من ابتدع هذا الأسلوب هو الولايات المتحدة التي يتكون مجتمعها من مهاجرين من بلاد شتى عندما زرعت جاسوسا أميركيا من أصول يابانية في طوكيو أيام الحرب العالمية الثانية وبنفس الأسلوب أرسلت أميركيين من أصول مصرية ليعيشوا في مصر في خدمة المصالح الأميركية، وعلى نفس الخطى مشت إسرائيل وقامت باستخدام اليهود من أصول عربية للتجسس على بلادهم الأصلية ولم تألو مصر جهدا في ذلك عندما قامت بزرع مصريين في إسرائيل تحت غطاء أنهم يهود من أصول عربية.

من أهم الجواسيس الذين نعرفهم: رفعت الجمال (جاك بيتون)، كيبورك يعقوبيان (يتسحاق كاوتشك)، أحمد الهوان، عبد القادر حلمي، إيلي كوهين (كامل أمين ثابت)، عبد الرحيم قرمان، باروخ مزراحي، فولفجانج لوتز، عزام عزام، إيان جرابيل، محمد صلاح سلطان (الأميركي بالميلاد)، آية حجازي (الأميركية بالتجنس).

ومن أمثلة الخونة الذين نعرفهم: هبة سليم، انشراح علي موسى، إبراهيم سعيد شاهين، علي العطفي، سليمان الترابين، أمينة المفتي (من لبنان)، منير لوقا (من العراق).

جرى العرف على عدم اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الجاسوس الذي يتم القبض عليه واعتباره أسير حرب ويتم مبادلته في صفقات تبادل الأسرى (باستثناء إيلي كوهين الذي أعدمته سوريا عام 1965 وترفض تسليم رفاته لإسرائيل حتى الآن). ومن حسن حظ الرؤساء عبدالناصر والسادات وحتى مبارك عدم وجود وسائل التواصل الاجتماعي والنشطاء السياسيون على أيامهم ولذلك لم يتم الاعلان عن تبادل الجواسيس الاسرائيليين مع الأسرى المصريين عام 1967 (مثل: مارسيل نينو وفوفجانج لوتز)، أو تفاصيل الإفراج عن “عزام عزام”، وفي السنوات الأخيرة تم تسليم “إيان جرابيل” و”آية حجازي” لبلادهم دون الإعلان عن المقابل. وبالطبع تقوم الحكومات بتكريم أبنائها العائدين لأرض الوطن حيث حضرت “جولدا مائير” زفاف “مارسيل نينو” عام 1975 وقام الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” باستقبال “آية حجازي” في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

في حين يواجه الخائن حكم الإعدام وهنا تحاول الدولة التي كان يعمل لصالحها إنقاذه حتى يطمئن باقي الخونة -الذين لم يسقطوا- على مصيرهم (نجت “انشراح على موسى” من المشنقة بسبب تأجيل تنفيذ حكم الإعدام حتى يبلغ إبنها الصغير سن الفطام ومع مبادرة السلام تم تسليمها وأطفالها لإسرائيل عام 1977 لينتهي بها المطاف جرسونة في أحد مطاعم تل أبيب) ولذلك تبذل الحكومة الأميركية جهودا كبيرة للإفراج عن عملائها الموجودين في السجون المصرية وأشهرهم “أحمد ماهر” الذي خصه الرئيس “أوباما” بالذكر خلال كلمته بمبادرة كلينتون العالمية عام 2014.

وبالطبع هناك كثيرون لا نعرف عنهم أو لم تعترف أي دولة بأنهم يعملون لصالحها مثل الدكتور “إسرائيل بير” الخبير في الشئون العسكرية وأحد المقربين إلى بن جوريون والذي اتهمته إسرائيل بالتجسس لصالح الاتحاد السوفييتي في حين سربت المخابرات المصرية أنباء أنه كان يعمل لصالحها (الشخصية التي مثلها “عزت أبوعوف” في المسلسل التليفزيوني “الصفعة”)، و”أشرف مروان” الذي تقول إسرائيل أنه كان يعمل لصالحها في حين دافع عنه الرئيس السابق “مبارك” قائلا أنه أدى خدمات جليلة لمصر. كما اتهمت مصر الصحفي المصري “مصطفى أمين” بالتجسس لصالح CIA التي لم تعترف به أبدا وأدين بالسجن وخرج منه بإفراج صحي.

الخلاصة أن ما نعرفه عن عالم الجاسوسية هو أقل من القشور حيث لا يتم الإعلان إلا عن النذر اليسير من الملفات لأسباب تتعلق بالأمن القومي وحماية أشخاص الجواسيس. ولا يبقى لنا إلا أن نضحك على النشطاء الذين يدافعون عن الجواسيس والخونة بكل حرارة وحماس.

فيديو  “جواسيس وخونة ونشطاء”

أضف تعليقك هنا

حسام عطاالله

مهندس مصري مهموم بمستقبل بلده.