كيف تواجه التأثير السلبى للسوشيال ميديا

 

لو أنا شركة أعمل فى 2015 فبالتأكيد سأكون فى حالة عامة من القلق والترقب وأنا أتابع الحملات الشرسة التى يشنّها المشترون على الشركات حتى الكبرى منها على السوشيال ميديا، وربما تتسبب هذه الحملات فى سحب نصيب سوقى – Market share مُعتبر من الشركات ربما لصالح منافسين.Image may contain: phone

الآن عندما يظهر عيب فى منتجك، او يعامل أحد موظفيك الزبائن بشكل غير لائق، او ربما عندما لا تحقق خدماتك الإشباع المرجو عند احد العملاء، هذه الاسباب وغيرها كفيلة فى قلب شبكات التواصل التواصل الاجتماعى – Social media رأساً على عقب، وهذا كفيل بإلحاق بعض الأذى او كثير منه لشركتك، ولنصيبك السوقى.
شئيان اعتبرهم خطر أكبر على الشركات من ناحية اطلاق هذه الحملات الشرسة ضد الشركات. لا يوجد أمامى حالات مؤكدة لذلك، لكنى فقط انبه لاحتمالية وامكانية وجودها.. اولهما هو ان هناك جيش على السوشيال ميديا يسعى لنشر نفسه بشكل او بآخر، السوشيال ميديا تسببت فى وجود هؤلاء الذين لا يملكون من الانجازات او القدرات التى تؤهلهم ليكونوا اصحاب اسم مميز وسط المجتمع، فربما يميلوا لاختراع او المبالغة فى قصص تحارب الشركات الكبرى، ربما يكون هذا بهدف الشهرة او بهدف زيادة – followers. الشئ الآخر هو إمكانية ظهور منافسة غير أخلاقية تعمل على بث الكره ضد شركة بعينها لصالح أخذ نصيب سوقى منها، وأكرر انه لا توجد أمامى حالات مؤكدة لهذين الخطرين، لكن يبقى احتمالية وجودهم او ظهورهم خطر داهم على الشركات من خلال السوشيال ميديا.
السؤال الأهم هو كيف تواجه الشركات هذا الخطر وتقلل من آثاره السلبية قدر الإمكان؟

فريق العلاقات العامة – PR

لا يوجد شركة كبيرة ومحترمة فى العالم لا تملك فريق علاقات عامة على مستوى عالى. فريق العلاقات العامة هدفه تحسين صورة الشركة، هذه الهدف يجب ان تحاول الشركات تحقيقه حتى اذا لم يوجد ما يدعو لان تحاول الشركة ان تحسّن من صورتها امام من يحاول ان يشوهها، فمبالك الآن بأهمية الأمر عندما أصبح يوجد الكثيرون ممن هم قادرون على تشويه سمعة اى شركة سواء كانوا صادقين فى ذلك، أو مبالغين.
فريق العلاقات العامة قادر ان يقلب الطاولة حتى على الذين يهاجمون الشركة، حين يستغل الحملات التى يشنها الناس على السوشيال ميديا، فى تصليح بعض المفاهيم الخاطئة، او توضيح لمهمة – Mission ورسالة الشركة واهدافها، ومحاولتها لتحسين حياة المشترين، وغيرها من اطلاق الرسائل الايجابية عن الشركة، والتى ان تحققت بشكل جيد سوف تحدث تأثير عكسى ايجابى لصالح الشركة.

التعويضات

يجب ان يكون هناك فريق فى الشركة، غالباً فريق العلاقات العامة، مسئول عن مراقبة مايحدث على السوشيال ميديا، وغيرها حتى من ادوات التواصل والنشر، واذا ما وجد شئ يعكّر صفو الشركة وسمعتها فيجب التدخل، خصوصاً اذا كانت المشكلة حقيقية وليست اشاعة او مبالغة، يجب على الشركة ان تعوّض المتضرر تعويض، فى رأيى، أكبر من حجم المشكلة التى تعرض لها، ويجب ان تعلن وتنشر ذلك حتى يعرف به اكبر عدد ممكن، وبهذا تكون قلبت الامر لصالحها، وفى نفس الوقت اعطت المتضرر حقه، وزيادة. واذا لم تفعل ذلك فلتعلم انها شركة صغيرة تؤذى نفسها.
للأسف هذه الصورة لا تعبّر عن شركة صغيرة، بل هى شركة BMW الالمانية العملاقة، ولنكن واضحين بشكل اكبر، فهذه المشكلة نتجت عن وكيل شركة بى ام دبليو فى مصر، والذى يبدو انه انتج سيارات بعيوب صناعة ادت لمثل هذه الحادثة.
صاحب السيارة لم يكن تعرف بعد على قوة السوشيال ميديا، حيث ان الحادثة كان فى 2008 ولكنّه فضّل ان يوجع الشركة ويقلل نصيبها السوقى بشكل مبتكر، حيث وضع هذه السيارة امام مكان مزدحم فى القاهرة، ويتميز ايضاً بأن كثير من رواده من الطبقة الاجتماعية الأعلى، مررت على هذه السيارة خلال السنوات الاخيرة فى اكثر من مرة. أى شخص مهتم بشراء سيارة BMW سيفكر اكثر من مرة اذا تفكّر فى الحادثة وسببها!
هل لم تمر هذه الصورة على وكيل بى ام دبليو فى مصر؟ كيف لم ينتبه لها اى شخص له علاقة بالشركة؟ كيف لم يلاحظوها على الانترنت؟ السؤال الأخطر.. هل يعرفوا بوجود المشكلة ولم يحاولوا التواصل مع صاحب السيارة ويعتذروا له ويعطوه تعويض محترم عن ذلك؟!

ثقافة الشركة وهويتها – Identity

هذه النقطة كفيلة فى رأيى فى الصمود أمام اى حملة على السوشيال ميديا مهما كانت قوتها، باختصار.. اذا وصلت شركتك لمرحلة ان تكون علامة تجارية مميزة – brand فى اذهان الناس، فمن العسير جداً ان تعكّر صورتها بعض الحملات على السوشيال ميديا.

شركة آبل – Apple تعرضت من فترة لحملة قوية ساهمت فيها سامسونج تحذّر الناس من ان Iphone 7 – آخر اصدارات آبل –  يتعرض للانحناء، واستغلت سامسونج هذة الحمله بهذا الاعلان المستغل المبدع ..

لكن السؤال هو.. هل تأثرت آبل؟

 فى التسويق يوجد شئ هام جداً اسمه selective retention و selection distortion ومعناهم باختصار ان الناس تميل للدفاع عن منتجاتهم وماركاتهم المفضلة، ويحاولون وضع العراقيل امام اى شئ يحاول ان يشوّه الاشخاص او العلامات التجارية التى يحبوّها، اى انهم يصدّقون ويكذبون حسب عواطفهم تجاه علامة تجارية يعطونها ولاء وحب كبير.
اذا بنيت على مر السنين علامة تجارية وثقافة داخل الشركة وتأثر بها الناس فى السوق، وحوّلها المشترون الى شئ غير قابل للتعكير بسهولة فأنت بذلك نجحت فى وضع نفسك فى مكان من الصعب جداً الحصول عليه او تعكيره، وهذا ما تفعله الشركات الكبرى، وهذا ما أقوله دائماً، انسى المنافسة بالسعر، والمنافسة بالعروض الترويجية، .. وغيرها من الادوات التى لا تساهم كثيراً فى بناء العلامات التجارية القوية، حتى لو نافست بالسعر او بالعروض فليكن ذلك اداة فقط بهدف اكبر واسمى وهو بناء علامة تجارية قوية، وبالتالى بناء جيش من العملاء ذوى الولاء الصلب لشركتك، والذين لن يتأثروا بشكل كبير بأى حملات سلبية على السوشيال ميديا او غيرها ضد شركتك، بل بالعكس ربما يكونون هم الجيش الذى يدافع عنّك !
أضف تعليقك هنا

د. أحمد عادل محمد بخيت

متخصص في مجال التسويق