لماذا نعيش الخوف

لماذا نعيشُ الخوف؟!

 

أذكر طفولتي جيداً… أذكر ذلك الخوف الذي سكن كياني في سنوات البراءة… يدان متعرقتان، جسدٌ مُرتجفُ، وجهٌ هرب منه الدم ليكون بلون حبة الليمون… اختباء تحت السرير أو عند ركن حائط… صمتٌ و ذهولٌ…
خوفٌ من عقابِ أبي أو معلمي…. خوفٌ من سرقة لعبتي أو حلوتي…. خوفٌ من تركي لوحدي في مكانٍ ما دون رفقة والديَّ… خوفٌ من عتمة الليل… خوفٌ من حيوانٍ أليفٍ أو بومةٍ تطير في السماء أو حتى من خفاش الليل….
من كان مثلي في طفولته… فهو خبِرَ خوفَ الطفولة… ذلك الخوف الطبيعي في علم النفس..
فالخوف في علم النفس يحدثُ كاستجابةٍ لمصدر خوفٍ يحدث في الوقت الحاضر، أو تحسباً لتوقع وجود تهديد في المستقبل..و يتراوح بين الخوف الملحوظ و الشديد حال التعرض لخطرٍ شديد و جديِّ؛ و بين الخوف البسيط إن كان مُثير الخوف بسيطاً و يمكن للفرد تجازوه..
و عندما يخاف الفرد يفرز الجسم هرموناً يسمى هرمون الخوف الأدرينالين و يعمل على زيادة سرعة ضربات القلب و يُهيئ الجسم لإيصال كمية كافية من الأكسجين للجسم، و يؤدي الخوف إلى الشعور بالتعب و القلق و التوتر و الكوابيس و شحوب الوجه ، و الإنطواء على الذات…
و يختلف خوفُ الطفلِ عن خوفِ البالغ…
أصبحتُ و غيري نخافُ من متغيرات الحياة و متقلباتها… البعض يخاف ضياع أحلامه من فرصة عمل، أو تعليم، أو زواج، أو إنجاب إلخ… و البعض يخاف فقدان مصدر رزقه..و كثيرون يخافون على أبنائهم من نواميس و مطبات الأيام.. و آخرون يخافون اعتلال أجسادهم… بينما يخاف كثيرون غياب لحظات السعادة ليصبح التشاؤم نمطاً حياتياً فيخافون إن ضحكوا كثيراً و يرددون عبارة: اللهم استر… ضحكنا كثيراً و كأنهم سيدفعون ثمناً حزيناً بسبب ضحكتهم..
لكن الخوف هذه الأيام و في ظل غياب العدالة و الإنسانية… تجسد خوف الكثيرين في ضياع الأمان… لم يعدْ لأحدٍ مكاناً أو زماناً آمناً للعيش فيه، كوابيسهم أصبحتْ نهارية… يرافقنا الخوفُ في كل خطواتنا…. خوفٌ من سطو سرقةٍ أو إهانةٍ بكلمةٍ، صار خوفنا من الغد المجهول هو همُنا الأكبر في ظل حروب اللا إنسانية و مؤشرات جرائمها هنا و هناك..
غاب الإحساس بالأمان ليحلَ الخوف مكانه بمبررٍ أو بدون مبررٍ…
و لكن؟ هل فكرتَ يوماً في سبب خوفك؟
و ماذا فعلتَ للتخفيف أو حتى التخلص منه و قمعه بمواجهته بإصرارك؟!
تحدث علماء النفس كثيراً عن مصادر التخلص من الخوف… أهمها و أولها
 معرفة مصدر الخوف و معرفة مدى منطقيته
 الاسترخاء: من ممارسة تمارين تنفس عميق أو تخيل.
 الرياضة: سواء كان بممارسة بعض التمرينات الخفيفة أو المشي لما لها من دور في تنشيط الدورة الدموية.
 الروحانيات و الإيمانيات: فالجانب الروحي هو ما يريح الفرد من أذكار أو صلوات و التوكل على الله
 التحدث عن مصدر الخوف مع شخصٍ موثوقٍ به و يمكنه المساعدة على التخفيف منه.
 رسم أو كتابة مصدر الخوف كوسيلة تخفف من حدة التوتر المصحوب به.
 تناول المشروبات الساخنة التي من شأنها التهدئة من توتر الجسد.
 أما الطفل فالتعامل مع خوفه من خلالنا نحن الكبار… فالطفل يتعلم الخوف منا نحن.. لذا يتوجب علينا التحكم في مخاوفنا أمامه… و لا يجوز ترهيب الطفل لتنفيذ ما نريده منه…

و أخيراً… اغلب الخوف قبل أن يغلبك و يُوقعك في هاوية الأمراض الجسدية أو العجز عن مواجهة المواقف المختلفة…

فيديو لماذا نعيش الخوف

أضف تعليقك هنا