هل تنهار إسرائيل إذا سقطت السلطة الفلسطينية ؟!

ريما خلف امرأة شجاعة في زمن الانكسار العربي

سيذكر التاريخ أن في زمن الانكسار العربي والخزي والمذلة وقفت امرأة عربية بمفردها أمام هيمنة وسطوة الصهيونية وأبت أن تخنع و بلغت في تحديها وفضحها أن فضلت التتقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باستقالتها و أبت ريما خلف الأمينة العامة التنفيذية السابقة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) أن تسحب التقرير الذي اتهم إسرائيل بالعنصرية رغم الضغوط التي تعرضت لها ؟!

أول ظهور إعلامي للسيدة ريما خلف بعد تقديم التقرير

و دعت خلف في أول ظهور إعلامي لها على قناة الجزيرة الدول العربية المتابعة مع مختلف التكتلات الدولية تقرير اللجنة الذي اتهم إسرائيل بتأسيس نظام فصل عنصري واضطهاد الشعب الفلسطيني مؤكدةً أن الأغلبية ستقف مع الحق الفلسطيني إذا عرضت نتائج التقرير على الجمعية العامة للأمم المتحدة .فهل ستنتهز الدول العربية التقرير و تتقدم به إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟ مع الأسف أصبحت تباهي بعض الدول العربية بعلاقاتها مع إسرائيل وهي ما قصدتها خلف حينما حذرت الدول العربية مما أسمته المسؤولية القانونية في تعاملها مع إسرائيل بوصفها دولة فصل عنصري ؟!

لكن لماذا ارتعبت اسرائيل من التقرير وضغطت ومعها أميركا لسحبه ثم أقدم الأمين العام للمنظمة الدولية على حذفه من موقع الإسكوا ؟

لقد دمغ التقرير دولة الاحتلال الإسرائيلي و لأول مرة وبشكل رسمي و أممي بتهمة الدولة العنصرية “أبارتايد ” وهذا يتوجب على المجتمع الدولي إذا كان لديه بعض من ضمير مقاطعة هذا النظام العنصري واتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالته ؟

كما أكدت خلف أن التقرير كشف للمجتمع الدولي الوجه القبيح لإسرائيل بدحض ثلاث مغالطات وأولها أن الظلم الواقع على الفلسطينيين بدأ منذ تأسيس إسرائيل التي أُسست على نظام التمييز العنصري ضد الفلسطينيين وليس منذ عام 1967 م ! و المغالطة الثانية أن إسرائيل في الواقع ترتكب جريمة ضد الإنسانية بإقامة نظام عنصري وهي جريمة أكبر من خرق القانون الدولي ! أما المغالطة الثالثة والأخطر والتي يكشفها التقرير هي أن مشكلة فلسطين تحل بإقامة دولتين وفي الواقع أنها لن تحل بذلك أو بأي حل آخر سوى تفكيك نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على جميع الفلسطينيين!!!

هل ستتقدم احدى الدول العربية اللاهثة لإرضاء ترامب بالتقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه واتخاذ قرار بشأنه كما نصحت ريما خلف ؟ ماذا فعل الوفد الذي شكله المندوبون العرب في الأمم المتحدة من مندوبي فلسطين وعُمان والعراق للقاء غوتيريش و لمتابعة القضية ؟!

السلطة الفلسطينية والدفاع عن فلسطين

يبدو أن فلسطين هي قصة أكبر خيانة عرفها التاريخ الحديث و لا يحتاج تحريرها لهذه الجيوش العربية التي لم تَخُض في معظمها حرباً في حياتها و التي خاضت لم تنتصر انتصاراً كاملاً ؟! ومع ذلك تستنزف ميزانياتها جيوب الشعوب العربية و تزيدهم فقراً وجهلاً في حين أن الكثير من النظم العربية أصبح وجودها متعلقاً باستمرار الاحتلال الإسرائيلي لتبرير وتغطية فشلها بشعارات الممانعة والمقاومة ؟!

لكن ماذا عن السلطة الفلسطينية ؟ يبدو أن تداعيات التقرير لن تتجاوز الموقف “الإعلاني ” الذي يتقنه أبو مازن ليقوض كل إنجاز يمكن أن يبنى عليه لصالح القضية الفلسطينية ؟! حيَّا رئيس السلطة في اتصال هاتفي ريما خلف وأبلغها بقرار منحها أعلى وسام فلسطيني تقديرا لشجاعتها ودعمها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وهو ما رفضته خلف باعتبار أن موقفها كان انحيازا للحق وليس بحثاً عن أوسمة ؟!

في ذات الأسبوع الذي صدر فيه تقرير الاسكوا خرجت مسيرة جماهيرية في وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية و اعتبرت من أضخم الفعاليات المناهضة للسلطة الفلسطينية لتندد بالاعتقال السياسي والتنسيق الأمني وملاحقة المقاومين الفلسطينيين وقمع المتضامنين معهم من قبل السلطة والأجهزة الأمنية التابعة لها وذلك بعد اغتيال الشهيد باسل الأعرج على يد وحدة إسرائيلية خاصة وخمسة من رفاقه سبق أن اعتقلتهم السلطة جميعا بتهمة تشكيل خلية عسكرية وحيازة أسلحة غير مرخصة ؟!

هل السلطة الفلسطينية تملك المرجعية الأخلاقية والشرعية السياسية والشرف الوطني للتحدث باسم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ؟

كان إعلان المدير العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن عزم منظمات حقوق الإنسان دراسة وقف تعاونها مع أجهزة الأمن الفلسطينية والسلطات الرسمية ومطالبته السلطة بوقف “انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني” ذا دلالة كبيرة و يلقي الضوء على طبيعة الدور الذي انتهجته سلطة أوسلو وتلتزم به منذ تأسيسها !

التعويل على طرفي المعادلة الفلسطينية ـ السلطة وفصائل المقاومة ـ في الداخل باء بالفشل على الأقل منذ 1993م و نقطة الضوء الوحيدة في هذا النفق المظلم هي مؤتمر فلسطينيي الخارج الذي اختتم أعماله 25 فبراير الماضي في مدينة إسطنبول التركية وتمسك في بيانه الختامي بحق العودة وخيار المقاومة للتحرير و دعا إلى إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بإجراء انتخابات ديمقراطية شفافة معتبراً أن اتفاقية أسلو وما تبعها من تنازلات ألحقت ضررا كارثيا بحقوق الشعب الفلسطيني .

لقد سارعت السلطة الفلسطينية لمهاجمة وشيطنة المؤتمر والمؤتمرين لأنه أقوى تحدي تواجهه منذ تأسيسها فماذا عن فصائل المقاومة وفي مقدمتها حماس ؟!

فيديو هل تنهار إسرائيل إذا سقت السلطة الفلسطينية ؟!

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان