(وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) … أمة يقودها العميان لن تنتصر

كم من أقوام كان مصيرهم العذاب والهلاك لأنهم تمسكوا بما قبلهم من موروث فاسد ولكنهم قيدوا أنفسهم طواعية فلم يستطيعوا أن يتحرروا ورفضوا أي فكرة لإنقاذهم حتى وإن كانت توحيد الله أعظم شئ خُلقنا من أجله.

يقول الله تعالى(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) هناك أسلوب إستنكارى (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) ولكن تشعر أن افعالهم نطقت قبل ألسنتهم ولسان حالهم يقول نعم…نعم… نقدس ماجاء به الجيل السابق

يقول الله تعالى(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)

يقول الله تعالى(قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ)

ستجدهم يكذبون بما يأتي به أي رسول لاإعتراضا على رسالته ولا قدحا بمعجزات أيده الله بها ولكن إتباعا لجيل سابق من أباء وأجداد ضلوا الطريق ليسقطوا في فخ التقديس والإعتماد على تجربة الأولين بلا تفكير …إتباع يشبه إتباع رجل أعمى لأخر أعمى مصيرهم جميعهم سيسقط في هاوية الضلال في الدنيا وهاوية جهنم في الأخره

فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ)

وهؤلاء لن يستطيعوا أن يقودوا أمه طالما كان الإتباع بلا منطق وبلا أسباب فمجرد قبول فكرة أن أباءهم وأجدادهم كانوا على الضلال كان أمرا غير مطروح داخل أذهانهم فزاد الأمر تعقيدا

أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، بل وهم المعرفة – ستيفن هوكنغ

وهناك فرق قد لا يلحظه البعض بين الجهل ووهم المعرفه فالجهل هو أن يجهل الإنسان علماً ما ولكنه يعرف بأنه جاهل به، ولا يخلو انسان في هذا الوجود من هذا الجهل مهما بلغ من العلم لأن حياة الإنسان أقصر من أن يستطيع الإطلاع على كل علم و أما وهم المعرفه فهو جهل الانسان أنه جاهل وهذا للتأكيد على فكرة وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ

البعض كان يعيش في بيئة مليئة بالمنكر والباطل ولكن نفسه كانت على إستعداد ليمسك أي يد تمدت إليه لتنقذه من وحل الجهل والضلال ولم يتسخ عقله وجوارحه حتى جاءت اللحظة المناسبه قال الامام النووي رحمه الله تعالي كان ابوبكر من رؤساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم ، ومحببا فيهم ، واعلم لمعالمهم

وحرّم على نفسه الخمرو رجل لم يسجد لصنم ورجل بمفهومنا المعاصر كان يتقن علم الأنساب يستطيع أن يقول لك فلان من عائلة فلان.وهو مايعرف الأن بDNA

أبو بكر الصديق

بإختصار لم ينغمس أبو بكر في ضلالات الأجداد ولم يمنعه ذلك أيضاً من أن يكون شخصية ناجحه وفعاله داخل هذا المجتمع الذى كان يعج بالأفعال الشاذه ليكون له دور مؤثر لقيام خلافة الإسلام بعدما حاز شرف الهجره مع الرسول

وعلى يدِ أبي بكر دخلَ في دينِ الله عددٌ من أوائل المسلمين وهم خمسة من المبشرين بالجنة: عثمان بن عفان، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيدالله، سعد بن وقاص، أبوعبيدة بن الجراح

لذلك كان المهم أيضا أن نعرف أن صديق الأمه لم يكن بالشىء السهل إنه إعداد ذهنى ونفسى في الجاهليه من خلال رفض كل مايخالف الفطره بدون عزله عن هذا الواقع ليحصد نتيجة ذلك عند نزول الوحى على النبى ويكون أول من أسلم بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم.

الخلاصة

– لوكنت تعيش في منزل أو قرية أو حتى مدينة ذات موروث يخالف الفطرة السليمه لا تحاول أن تجبر نفسك أن تتقألم معها إفعل ما تشعر أنه صحيح وما يتماشى مع مبادئك

– لا تجعل فتنة (الكل يفعل والكل يقول) تتسلل إليك فتفعل وتقول لأن المزاج العام في هذا الطريق

– مهما كانت المؤثرات السلبيه من حولك لا تنعزل من ذلك المجتمع ولكن إندمج بإيجابيه أي حاول أن تكون صاحب إنجاز وشخصيه مميزه كما فعل أبو بكر قبل إسلامه ولذلك فتاريخ أبو بكر الإنسانى لم يبدأ بعد إسلامه ولكن في الجاهلية أيضاً.

– لو إستمر التعصبى الأعمى لفكر الأجداد لن تبنى أي حضاره جديده لأنه بإختصار العميان لا يقُدون الأمم وعمى ضلال الطريق وتشتت الرؤيه أعب بكثير من عمى البصر فقد يكون قائد لأمه كفيف البصر ولكنه يرى وجهته بوضوح لأنه لم يعتمد على الأجداد ولم يكن إمعه ويقول وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ.

قصة ذا الأذنين

وأختم بقصه قد تكون غير واقعيه ولكنها تلخص ما سبق :
يُحكى أن أحد الملوك تأخرتْ زوجته في إنجاب ولي العهد ، فأرسل في إثر الأطباء من كل أرجاء المملكة …
وشاء الله أن يُجري شفاء الملكة على أيديهم
فحملتْ الملكة بولي العهد
وطار الملك بذلك فرحاً وأخذ يعد الأيام لمقدم الأمير …
وعندما وضعت الملكة وليدها كانت دهشة الجميع كبيرة ، فقد كان المولود بأذن واحدة !!!!

انزعج الملك لهذا وخشي أن يصبح لدى الأمير الصغير عقدة نفسية تحول بينه وبين كرسيّ الحكم ، فجمع وزراءه ومستشاريه وعرض عليهم الأمر. فقام أحد المستشارين وقال له : الأمر بسيط أيها الملك … اقطع اذن كل المواليد الجدد وبذلك يتشابهون مع سمو الأمير ….

أُعجب الملك بالفكرة، وصارت عادة تلك البلاد أنه كلما وُلد مولود قطعوا له أُذنا … وما إن مضت عشرات السنين حتى غدا المجتمع كله بأذن واحدة.

وحدث أن شاباً حضر إلى المملكة وكان له أذنان كما هو في أصل خلقة البشر، فاستغرب سكان المملكة من هذه الظاهرة الغريبة، وجعلوه محط سخرية، وكانوا لا ينادونه إلا ( ذا الأذنين ) حتى ضاق بهم ذرعا وقرر أن يقطع أذنه ليصير واحداً منهم !

عن قصة ذا الأذنين

ويعلق الأستاذ محمد بن عبدالله الفريح على هذه القصه قائلاً:
هل يمكن لمجتمع ما أن يكون معاقاً بالكامل ؟؟؟
نعم .. لقد حدث هذا آلاف المرات في تاريخ البشرية ، فالله كان يرسل الأنبياء ليصححوا إعاقات المجتمعات الفكرية والسلوكية والدينية .

فمجتمع إبراهيم كان معاقاً بالشرك ، وكان إبراهيم بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم ….
ومجتمع لوط كان معاقاً بالشذوذ ، وكان لوط بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم …..
ومجتمع شعيب معاقا بالربا والتطفيف ، وكان شعيب بينهم غريبا لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم …..

عندنا قاعدة فقهية تقول :
( اجماع الناس على شيء لا يُحله )

( الخطأ يبقى خطأ ولو فعله كل الناس ، والصواب يبقى صوابًا ولو لم يفعله أحد)

لا تقطع أُذنك!

إذا كنت على يقين أنك على صواب فلا تتنازل عنه لارضائهم

إذا كانوا لا يخجلون بخطئهم ، فلم تخجل أنت بصوابك .

فيديو أمة يقودها العميان لن تنتصر

أضف تعليقك هنا