البرادايم الإعلامي (منظور يجعلنا أكثر تطوراً)

ربما يتسائل البعض حول طبيعة هذا العنوان، وهل هناك تداخل ما بين البرادايم كنماذج ذهنية وبين العمل الإعلامي والسياسي والمؤسساتي، قبل أن نخوض بهذه المعادلة علينا أن نعرف ما التعاريف التي أُطلقت على (البرادايم) وأي التعاريف أقرب إلى المعنى الذي تخفيه النماذج الذهنية في كلمة (البرادايم) خاصة تلك المتعلقة بنماذج صناعة الشخصيات القيادية في المؤسسات بأشكالها كافة.

عُرّف (البرادايم) أنه مجموع ما لدى الإنسان وما يملكه من خبرات ومعلومات ومكتسبات ومعتقدات وأنظمة (ثقافة مر بها في حياته)، مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها الإنسان وتحديد تصرفه في المواقف المختلفة.

طبعاً ضمن هذا التعريف يمكننا أن نفسر أن (البرادايم) هو الخبرات التي حصل عليها الإنسان كشيفرة ذاتية من محيطه الذي عاش فيه ومدى تأثير المحيط به، في البيت، المنطقة، الشارع، المدرسة، الأقارب..الخ

البعض الآخر أعطى للبرادايم تعريفاً آخر: وسماه (نظارة العقل)، وشرحاً لهذا المعنى يكون البرادايم هو نظام الرؤية الذي حصل عليه عقل الإنسان ورأى من خلاله الحياة، فالشخص الذي ولد فقيراً لديه انطباع حول الكعك مختلف عن الشخص الذي ولد غنياً وكيف يرى الكعك.

البارادايم المؤسساتي

قبل الخوض في مادة البرادايم المؤسساتي إعلامياً من الضروري معرفة قانون الجذب العام وعلاقته بالبرادايم العام لكل إنسان، فكل منا يعمل وفق صورته الذهنية وذلك بجذب الأمور الإيجابية أو السلبية حسب طريقة تفكيره، لكن ما يهمنا بداية معرفته هو آلية تغيير إطار الإدراك لنا بحيث نجعل إطار إدراكنا للأمور دوماً إيجابياً وذلك سيغير من نظرتنا للمواقف التي نمر بها، ومن ثم حكمنا وتقييمنا للأمور، وبالتالي سيتغير سلوكنا، فتصرفاتنا هي التي تحدد نجاحنا أو فشلنا.

عندما يظن الإنسان أنه لا يستطيع القيام بأمر ما فإنه لا يستطيع ذلك حتى لو كان قادراً في الحقيقة على أدائه، لذلك فإن نجاح الإنسان أو فشله يعتمد بشكل كلي على نظام تفكيره وهذا الأمر في الحقيقة هو الذي يرسم المعادلة الأولى في نجاح البرادايم الإعلامي المؤسساتي، وهنا لا أقصد الإعلامي الذي يعمل في مجال الصحافة والإعلام بل لدى كل الأشخاص في المجتمع أو المؤسسة، فجميع أفراد المجتمع هم مجموعات وخلايا إعلامية، بدءاً من أصغر فرد وانتهاءاً بأكبر فرد.

وهنا علينا أن نعي المعادلة التالية:

فرص النجاح وفق البراديام لا تعتمد على القدرات بالدرجة الأولى بل تعتمد على طريقة الرؤية للذات، أي كيف ترى نفسك.

بطاقات البرادايم المؤسساتي

البطاقة البراديمية الأولى (افعل ولا تتكلم):

ضمن قواعد البرادايام العامة هناك قاعدة تقول (لا تخبر الآخرين بأهدافك) وسبب ذلك أن تترك أهدافك تتموج وتتوهج كالجمر بداخلك كي تحققها، فحين تخبر الآخرين بما تنوي فعله ستشعر بجزء جيد من لذة الانتصار جراء الكلام، وهنا ستبرد الجمرة بداخلك وستشعر أنك حققت هدفك كلامياً وبالتالي لن تعمل عليه فعلياً، لذا عليك أن تفاجئ كل من حولك بالفعل دون أدنى معلومة سابقة عن ذلك.

البطاقة البراديمية الثانية (الاعتمادية ببصمتك):

تعتبر هذه البطاقة مكملة للبطاقة السابقة (افعل ولا تتكلم) وهذا الأمر ضروري جداً في حياة كل منا، لذا عليك أن تبدأ بطرح نفسك ضمن عملك كخلية يُعتمد عليها في الأعمال شديدة الأهمية والخطورة، بشرط أن تبقي الخيوط معلقة بيديك أي لا يجب أن تتركهم قادرين على الاستغناء عنك، وهنا بإمكانك دوماً أن تكون اليد اليمنى التي يُعتمد عليها.

البطاقة البراديمية الثالثة (فن الغياب والإجازات):

فن الغياب والإجازات ووقتها مهم جداً بالنسبة لك، وهو يعتبر كاستبيان وبيانات لتعرف حجم الفراغ الذي تصنعه في حال عدم حضروك، طبعاً نستطيع القول إن بطاقة (الاعتمادية ببصمتك) هي بطاقة تحقق لك بصمة خاصة لدى العمل واعتماد كبير من قبل الآخرين عليك، ولتعرف درجة الاعتمادية والبصمة التي تتركها عليك أن لا تختار إجازة ما أو أن تغيب عن عملك بصورة عادية، بل أن تختار الوقت المناسب وتراقب العمل الذي كنت تنجزه وترى الطريقة والآلية التي سيُنجز فيها العمل بغيابك وهنا ستتعرف على الدرجة التي وصلت إليها، فكلما ظهر فرق كبير بين ما كنت تفعله وما يفعلونه في غيابك كانت مكانتك.

البطاقة البراديمية الرابعة (العزلة والانطواء القاتل):

هذه البطاقة متتمة ومتضادة مع بطاقة (فن الغياب والإجازات)، فالعمل الإعلامي وغيره من الأعمال يحتاج بصورة كبيرة جداً إلى حالة اجتماعية توافقية واضحة فلا تعتقد أن إنعزالك عن المحيط وعن الآخرين سيولد لك الحماية المطلوبة على العكس تماماً، العزلة ستولد لك ضعفاً كبيراً هذا من جانب أول، وستبني لك العزلة جداراً كبيراً بينك وبين طرق حصولك على المعلومات من الآخرين.

البطاقة البراديمية الرابعة (اعمل برشاقة الفراشة):

العمل برشاقة الفراشة هو أن تنجز عملك وتظهر وكأنه تم بشكل تلقائي، ووليد موهبة طبيعية دون أن تظهر للآخرين ما بذلت من تدريب وعمل وجهد، يجب أن يراك فريق العمل تذلل الصعاب بيسر وكأن في مقدورك أن تفعل أكثر من ذلك بكثير، فلا تتحدث عن تعبك وجهدك فذلك يجعلهم يشككون بقدراتك المهنية، والشرط المتعلق بهذه البطاقة هو أن لا تكشف أسلوبك وطابعك في العمل فكشف بعض الخفايا التي تفعلها لإنجاز عملك قد يُستخدم مستقبلاً ورقة ضدك ضمن إنجاز المشاريع الأكبر والأقوى.

فالعمل في حياتنا المؤسساتية ضمن واقع البطاقات البراديمية سيجعل عملنا أكثر تنظيماً ودقة ووضوح، وسيخلق لنا واقعاً قوياً بحيث نعمل كخلية ذات إنتاج عالي بحيث نحصل على فائدة علمية ومعنوية مع كل إشراقة يوم جديد في حياتنا.

فيديو البرادايم الإعلامي (منظور يجعلنا أكثر تطوراً)

أضف تعليقك هنا

حسام ابراهيم الغزالي

حسام ابراهيم الغزالي