كان حلما جميلا ذاك النهار .. قصة من صميم الواقع – #قصة

بقلم: نداء علي

حين أصبح صباح مختلف، سأزج في عالم ثان جدا كالحلم بالنسبة لشخص بسيط مثلي لا يملك من الدنيا الكثير، مكتف بذاتي وعائلتي ودعاء امي المسكينة.

اللقاء في أول يوم بالجامعة

صباحي كان اول يوم لي بعالم الدراسة الجامعية، تأنقت بما جاد عليه ربي من نعم، لا اخفيكم املك من الوسامة واللطافة في الروح ما يجعلني اجمِّل ثيابي وليس العكس.

سارع رفقاء الدرب بالاتصال بي واستعجالي لأجمل يوم في حياتنا كلها… أول يوم جامعي. خرجت من البيت مسرعا فرحا، ودعتني امي برمي الماء خلفي واطلاق الصلوات خلفي … الله كم احبها تلك الملكة التي انجبت من يكلمكم الان. وهرعت لأصدقائي المقربين أطلق الشتائم اللطيفة المتداولة نحوهم انتظروني يا اولاد(…….) ودخلنا الحرم.

لقد توقف الزمن لأجلها

نعم دخلت الحرم الجامعي اتقدم على مهل؛ اخافني المنظر اكثر مما سرني، وجوه كثيرة لطبقات اكثر من المجتمع، اشكال لم اعهدها من لقاء مسبق، ورحت أنظر إليهم دون ان اشعر احدهم بذلك، هذا بسيط واخر متعجرف واخر جماله اخاذ واخر لا تريد ان تراه مرة أخرى، ومنهم من تشعر انك قابلته من ذي قبل، وانا كذلك اتابع واقرأ الوجوه في سريرتي حتى تعثرت بها .. آه، ليتني لم ارَ .. ليتني اصبت بالعمى .. ليت رفيقي حدثني لكي لا انتبه انها تمر من امامي، كنت ارى في الافلام كيف ان البطلة حين تظهر تمشي بالتصوير البطي، وكنت اضحك وأقول:

كيف يتوقف الزمن من اجل انسان؟ واقسم انه توقف لأجلها، كانت ممشوقة الطول، حنطية، بشرتها تسر الناظرين، عسلية العينين، فوقهما سيفان قاتلان كالحرس، يقتلن من ينظر اليها، وقد فعلن.

وجدتني تسمرت في مكاني، ولاحظت بدورها ذلك، ومرت من امامي وتقربت حتى شممت عطرها وهي تجتازني بنظرة خاطفة منها مصحوبة بنصف ابتسامة صامتة، صحوت من غفلتي على صوت صديقي يطلب مني اللحاق به، وغادرت مكاني المسحور الذي نال مني، لاحظ رفقائي اني شارد الذهن مشوش، هي لم تكن جميلة ذاك الجمال الاخاذ كانت بالنسبة لغيرها عادية جدا، ولكن العين والقلب مني وضعها في مكان لا خيار لي فيه.

مرت الايام ومن اجمل الصدف انها رفيقتي في الجلوس بنفس المكان الذي ادخل فيه لسماع محاضرتي، القت علَيّ السلام، كانت خجلة وجريئة وقد تكون احست بانها نصب العين. فرحت بها جدا لدرجة انني اتخذتها لي ومسؤوليتي ولم احب ان تفارقني طيلة فترة لقائي بها، وعندما اعود للبيت اترك قلبي والروح عندها واعود بالجسد للبيت خالي الوفاض، اتصل بها وتتصل، لم يفاجئني يوما اهتمامها بي لأنني كنت اخا وابا وعما، واخفيت الحبيب بين اضلعي يصرخ بحبها، واقتل في نفسي قبلاتي لها في كل تفاصيلها، وادير الوجه عنها حين اصل لذروتي ولا اطيق صبرا لإخبارها … (احبك)

يوم التخرج

تنفستها .. احببت نفسي فيها، حتى قصرت كل المسافات والاوقات معها لدرجة انني وصلت بسنين التخرج معها وكأنني اجتزت الاربعة  سنوات بأربعة اشهر، لم اكتف ولم اعترف بحبي لها خوفا من انها قد لا تبادلني فاخسرها او انها تبادلني فأكون غير جدير بتحقيق الوعد لضعفي المادي، وعندما هممت بالخروج من حفلة التخرج من باب الحرم الجامعي لحقت بي ونظراتها تصرخ انا هنا الم يحن الوقت لإخباري؟ الم يحن؟ لا تتركني معلقة ولا تتوقع انني اخبرك بذلك، اخبرتني بكل ما مضى بنظرة من عينيها الحزينتين لفراقي، اما انا وقفت اجيبها بنزيف القلب وارد الجواب بانني انسلخ منك ومني انسلاخ يا حبيبتي ومهجتي وفرحتي، يا طفولتي وولادة رجولتي، يا نبضات القلب المتهاوية بواد عينك التي ذبحتني ذاك النهار بغير سكين .. ارجعي، ارجعي، اودعتك القلب وما املك منه شيء يقين، لست بفارس يملك مهرك رغم اني في حبك الاسد الذي لا يدخل له عرين قالت:

 ستودعني .. أهذه النهاية اذن؟

قلت لك نعم …

أما لي فهي البداية، بداية حزني ووحدتي .. بداية المي وسقمي فيك ومنك، ستتزوجين وتحبين وترحلين مع من يطلبون رضاك كل وقت وحين، وانا سأوقف القلب عن الصرخات في وجه عقلي الذي منعني عنك ويا له من لعين

احبك انا لا مناص ولا من معين، واه لو كنتِ سمعتها مني تسبقها زفرات الانين، سأودعك لا خيار لي، لا اعلم او جبنت عنها او جبن حبي اللعين، ولم تعرف ولن تعرف ان اعز الرفقاء شاركني حبها وكان يحدثني عنها كل وقت وحين، وكنت اسمع واتألم وليس لي في الامر مكين.

قصتي دمرها ثلاثة لا رابع لهم: خوفي من خسرانها، وخوفي من لو علمت من خذلانها، وحب صديقي لها دونا عن جميع اقرانها

وكان حلما جميلا ذاك النهار وبداية لحياتي في الانهيار .. في الانهيار

بقلم: نداء علي

أضف تعليقك هنا