ما هي الإتصالات البصرية؟

الإتصال البصري

الإتصال البصري هو كل ما يدور حولنا. انه مهارة البقاء التي نميل الى ان نقلل من قيمتها. نحن نستخدم الاتصالات البصرية للتنقل وفهم العالم. فالتعبئة والتغليف والشعارات والفواتير والإيصالات والمنشورات والكتب والهواتف المحمولة والاجهزة والاعلانات…، على سبيل المثال لا الحصر، كلها امثلة عن الاتصالات البصرية. وساعة اليد او ساعة الحائط هي مثال على الاتصالات البصرية التي تعودنا على استخدامها كل يوم. سواء كانت مصممة بوعي او بغير وعي فإنها تلعب دوراً مهماً في تشكيل وجودنا ذاته.

ان الاتصال البصري هو مصطلح فضفاض جداً لا يستبعد بالضرورة مجالي الفنون الجميلة او البصرية. على الرغم من ذلك، وفي سياق الطريقة التي يُدرس بها التواصل البصري في كليات التصميم فقد تم وضعه في إطار مجال التصميم بدلاً من الفن. فنحن مهتمون بالاتصالات البصرية التي لديها هدف او غرض تم انشاؤه بهدف الوصول الى جمهور او مستخدم محدد مسبقاً.

قد لا يكون الشكل هو العلامة الوحيدة التي تدل على ان الشيء فناً او تصميماً. يجب معرفة الغرض وسياق الاستخدام. قد يقول البعض ان الفن بالمعنى التقليدي هو اكثر تعبيراً مع قليل من القلق نحو الجمهور وتركيز اكثر على الذات، في حين ان للتصميم علاقة اكثر بالاتصال المستهدف مع مزيد من الجهد في معرفة المستخدم او الجمهور. ولكن حتى ذلك هو مجرد تعميم. إذ يميل بعض المصممين الى اتخاذ منحى تعبيري جداً للتصميم. ولكن مرة اخرى فإن “وظيفي” و”غرضي” و”موجه” ربما هي المصطلحات التي تميز الفن عن التصميم.

التصميم الجرافيكي والإتصال البصري

يستخدم مصطلح الاتصالات البصرية للدلالة على “التصميم الجرافيكي”. وقد صاغ مصطلح التصميم الجرافيكي المصمم الامريكي (وليام اديسون دويغينز) في سنة 1922 بهدف رفع مكانته من “الفن التجاري”، ولم يحقق هذا المصطلح استخداماً واسع النطاق إلا بعد الحرب العالمية الثانية. ومع ظهور وسائل اعلامية جديدة تتجاوز المسائل المطبوعة، اصبحت مصطلحات مثل “تصميم الاتصالات” او “الاتصالات البصرية” شائعة كي تعكس التعقيد المتزايد للمجال وتصب التركيز في صلب الاعمال التجارية على نحو صحيح.

يعتقد الكثيرون ان السمة الأكثر اهمية لمصممي الاتصالات البصرية هي الابداع. في الحقيقة، لا يشكل الابداع سوى جزء مما يفعله المصمم. إذ ليس على المصممين بالضرورة ان يرسموا على الرغم من انهم غالباً ما يرسمون كوسيلة لاستكشاف الافكار والتواصل بها. يستخدم مصمم الاتصالات البصرية كلا من الجانب الايمن والايسر من الدماغ. وليس عليه ان يكون قادراً على “التفكير خارج الصندوق” ان صح التعبير ولكن ايضاً للعمل بشكل منهجي ومنظم وان يتواصل بشكل واضح. وتشكل البحوث التي غالباً ما تستهدف الجمهور او السوق جزءاً كبيراً من عمل المصمم. لا استطيع ان اوضحها بطريقة افضل من (بول راند) المصمم الامريكي الخبير الذي صمم شعار (آي بي إم) من بين تصاميم اخرى:

التصميم هو اكثر بكثير من مجرد تجميع او تنظيم او حتى تعديل، التصميم هو إضافة قيمة ومعنى او إبراز او تبسيط او توضيح او تعديل او تبجيل او تهويل او اقناع وربما حتى تسلية. التصميم هو تحويل النثر الى شعر. التصميم يوسع التصور ويضاعف الخبرة ويعزز الرؤية. التصميم هو نتاج الشعور والوعي والافكار التي تنشأ في ذهن المصمم وتبلغ ذروتها في ذهن المتفرج.

التصميم هو اكثر بكثير مما يجذب العين ويمكن عده شكلاً من اشكال “حل المشكلات بطريقة ابداعية”. المصمم الجيد هو الذي يستخدم كلا الجانبين الأيمن والأيسر من الدماغ. يجب على المصمم ان يكون لعوباً وجدياً على حد سواء في اللحظات المناسبة وان يكون قادراً على رؤية الاحتمالات دون القفز الى استنتاجات بسرعة كبيرة جداً، وكذلك ان يكون حاسماً وموضوعياً عندما يحين الوقت لاتخاذ بعض القرارات الخطيرة.

التصميم في اللغة الانجليزية هو اسم وفعل، هو البداية وهو النهاية، هو عملية ومنتج من الخيال. التصميم مثل البصلة ذات طبقات متعددة كلما قشرتها اكثر، كلما ظهرت اكثر. المحتوى هو مادة خام للتصميم والشكل بدوره هو إعادة تنظيم وتلاعب بالمحتوى.

تخصصات في تصميم الاتصالات البصرية

هناك انواع عدة من مصممي الاتصالات البصرية. بعضهم تعبيري وبعضهم يأخذ منحى تحليلي جداً وبعضهم الآخر مفاهيمي جداً. ادناه بعض الامثلة على مختلف التخصصات ضمن المجال الاكبر لتصميم الاتصالات البصرية:

تصميم هوية العلامة التجارية.

إن دور مصمم الاتصالات البصرية في تصميم هوية العلامة التجارية هو فهم اسلوب حياة وسلوك السوق المستهدفة ومنافسيها وتطوير نظام الهوية البصرية التي تقوم بإيصال قيم العلامة التجارية.

تصميم المعلومات.

وهذا مجال جديد (لا سيما في آسيا) يركز على كيفية تفاعل المستخدمين مع المعلومات، مثل انظمة تحديد المواقع والجداول الزمنية لوسائل النقل والفواتير وواجهات الويب والكتيبات الارشادية، الخ.. ان سهولة الاستخدام هي الاولوية القصوىى هنا. الوضوح والدقة هما معيار تصميم المعلومات الجيد. والهدف النهائي هو تعزيز التفاهم والحد من التوتر والاحباط.

تصميم الاعلان والترويج.

يتضمن تطوير استراتيجيات الاتصال التي تستهدف سوقاً محددة مسبقاً. ان ابحاث السوق مهمة على غرار العلامات التجارية. وكثيراً ما يكون من المهم للاعلانات والتصاميم الترويجية ان تجذب انتباه المارة. ان “الفكرة القوية” مهمة في تصميمم الاعلانات وغالباً ما تناشد مشاعر الجمهور مما يجعلهم يقومون بعملية الشراء او تغيير تصورهم او سلوكهم.

الإيضاح.

يعمل بعض المصممين حصراً في تخصص الإيضاح. هم يقومون بتوصيل الافكار من خلال الرسم بإستخدام الوسائط التقليدية او الرقمية. ويمكن ان يعملوا لصالح ناشري الكتب او المجلات او يعملون بشكل مستقل او ينشرون كتبهم بنفسهم.

تصميم التحريك.

العمل مع الصور المتحركة، يستفيد كذلك مصممو التحريك من قوة الاتصال البصري في كثير من الاحيان لرواية قصة او لمناشدة عواطف الجمهور من خلال الفيديو والرسوم المتحركة والرسوميات والصوت. قد يعمل مصممو التحريك لصالح محطات تلفزيونيةة لخلق ثيمات البرامج.

تصميم النشر.

ان الكتب هي اكثر اشكال الاتصالات البصرية تقليدية والتي وجدت منذ مدة طويلة. يعمل مصممو الكتب مع المؤلفين والمحررين والرسامين والمصورين على تصميم الكتاب بأكمله من الغلاف الى النظام المطبعي او عمل التصميم الداخلي للكتاب. والهدفف من ذلك هو توفير تجربة قراءة مُثلى للقارئ سواء من الناحية الفيزيائية (حجم الكتاب والتنضيد واستخدام الخامات والوزن، الخ..) اوالبصرية. ويعمل المدير الفني لمجلة او المصمم بطريقة مماثلة.

كيف نقرأ البصري؟ 

هناك اختلاف جوهري بين “التعبير” و”التواصل”. التعبير يناشد المشاعر بإشراك الجمهور في مستوى اعمق لكنه يميل الى ان يكون اكثر غموضاً وغالباً اقل دقة. جاءت كلمة “اتصالات” من الكلمة اللاتينية (كومونيكاتيو) التي تعني المشاركة. يجب ان يكون هناك اتفاق متبادل بين المرسل ومتلقي الرسالة من اجل ان يعمل الاتصال. ولذلك فإن التواصل البصري يشبه كيفية عمل اللغة اللفظية او المكتوبة. نحن نستخدم “لغة بصرية” للتواصل مع الجمهور. على الرغم من ذلك قد لا تكون اللغة البصرية فعالة او متسقة كاللغة المكتوبة التي لديها مجموعة شكلية من الاتفاقيات والقواعد.

المصمم وارسال الرسائل

عندما نتحدث عن التواصل البصري فنحن نتحدث عن توحيد المحتوى (الرسالة) مع الشكل (كيف يبدو). نحن كمصممين فإننا مرسلين للرسالة. نحن نسلم الرسالة الى المتلقي من خلال وسيلة معينة. وهذه ليست بالضرورة عملية ذات اتجاه واحد، إذ يمكن للمستلم ان يقدم تغذية راجعة للمرسل وبالتالي يتم عكس العملية. هناك العديد من الاشكال التي يضعف فيها معنى الرسالة اثناء عملية التسليم وهذا ما يسمى بـ “الضوضاء”. تحدث مثل هذه الحالات عندما يكون المتلقي غير قادر على فك شفرة اللغة البصرية وبالتالي لا يستطيع الحصول على المعنى الصحيح (المقصود) للرسالة.

الغموض

ان الغموض يعني ان البصري له معانٍ متعددة وهذا هو ما يقصده المصمم في بعض الاحيان، ولكن في كثير من الاحيان ليس كذلك. يحاول الاتصال الواضح تفادي الغموض قدر الامكان ولكن ليس بصورة كلية تماماً.

استخدام النص

عندما نتحدث عن التواصل البصري نتحدث ايضاً عن استخدام النص. إذ تمنح التيبوغرافيا (التصميم بالنصوص) شكلاً بصرياً للغة المكتوبة. وبالتالي فإن التيبوغرافيا هي مجموعة معقدة من العلامات. يتواصل النص بدقة ودرجة اكبر من الصور البصرية وخاصة الافكار المجردة. ولذلك فإن استخدام مجموعة من الصور والنصوص هو وسيلة قوية للتواصل. يدمج الجمهور فعل النظر والقراءة عندما يواجهون قطعة من الاتصالات البصرية.

تشير ملاءمة قطعة من الاتصالات البصرية الى كفاءة الشكل البصري للغرض المقصود منه. قد يؤدي الاستخدام غير المناسب للغة البصرية الى ردود فعلٍ غير متوقعة من الجمهور او المستخدمين.

ويعتمد الاتصال البصري على الاتفاقيات من اجل ان يعمل. إذ ان الاتفاقيات هي قواعد مقبولة غير مكتوبة لفهم الاشياء التي يتم تعلمها. بعض الامثلة على الاتصالات البصرية التي يتم التحكم بها اكثر بواسطة الاتفاقيات هي علامات الطريق. البعض الآخر اقل اعتماداً على الاتفاقيات، على سبيل المثال اللوحات. ومن اجل ان تعمل قطعة من الاتصالات البصرية على هذا النحو فإن استخدام الاتفاقيات امر لا مفر منه. ويمكن للبشر ان يفهموا شيئاً من خلال التواصل مع شيء تعلموه سابقاً.

فيديو ما هي الإتصالات البصرية؟

 

أضف تعليقك هنا

د. راقي نجم الدين

د. راقي نجم الدين - العراق

دكتوراة في تقنيات التصميم