هل هنالك ما يدعوك لتكره وطنك ؟

قد يبدو تساؤلاً خطيراً !
وقد يتبادر إلى الذهن تساؤلاتٍ أكثر خطورة حين يطرح  سؤالاً كهذا ؟
وأين تجد الاجابة على سؤالك
فقط حين تمعن النظر في  وطنك تجد الإجابة !
هباني الله أجمل هدية حين ولدت فلسطينية مقدسية  …. على أرض جعلها الله مهوى أفئدة الناس أجمعين
لطالما سحرتني بجمالها الآسر  واسوارها الشامخة و تلك القصص التي يرويها التاريخ  في تحررها و هؤلاء الأبطال الذين مروا عليها وعبدوا طرقا من الحريه والثبات.
لطالما إستوقفتني تلك القبة الصفراء بجمالها وذلك المسجد المبارك الذي كلما نظرت إليه يقشعر بدني حين أتذكر أن أفضل الخلق والمرسلين سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم مر من هنا .
لم أجد في وطني إلاّ ما هو جميل ولم تثنيني صعوبات العيش على أرضه عن حبه يوماً  لم أجد يوماً في المعاناة من الإحتلال إلاّ أجراً مضاعفاً و رباطاً يزين الهامات العالية و القامات السامقة .

لطالما أيقنت انني أكثر الناس حظاً ، ولدت مسلمة في أرضٍ مباركة لأم واب غايةً في الأناقة الفكرية  مع أخوات وجدت فيهن وبرفقتهن حلاوة الحياة وجمالها.
تلقيت أفضل تعليم وافضل تربية  و أنعم الله علي بكثير من المواهب التي جعلتني مميزة في نظر أهلي ومن حولي من الأصدقاء.
منذ نعومه أظافري وجدت أن لدي القدرة على التعلم السريع للغات حين اتقنت اللغة الانجليزية في سن الرابعة عشر ، تلاها بعد ذلك  رغبتي بتحدثها بأكثر من لهجة  فاصبحت أتقن اللهجة الأمريكية والبريطانية والأسترالية وغيرها . ليليها شغف في تعلم الهندية والذي بدأ حين  كنت أتابع فلماً هنديا على إحدى القنوات الفضائيه.
بدأت احفظ الكثير من الكلمات و معانيها  واصبحت استعملها في حياتي اليومية مع أخواتي  لاجد نفسي بعد ثمانية أشهر  اتحدث اللغة الهندية بطلاقة .
ثم طورتها بتعلم القراءة والكتابة ، والآن أعلمها على قناتي الخاصة على اليوتيوب . حيث يتابعني ما يزيد عن المليون شخص حول العالم .
هذا إضافةً إلى اللغة التركية التي أتقنتها حين بدأت بمتابعة المسلسلات التركية قبل عام . طورتها بالتحاقي بدورة لتعلم الكتابة والقراءة . هذا إضافةً إلي معرفتي الواسعة في عدة لغات أخرى وهي العبرية الفرنسية والكورية.
لم تقتصر المواهب التي حباني الله بها على هذا الأمر بل وهبني الله صوتاً إذاعياً نجحت فيه بتقديم برنامج إذاعيٍ يومي والذي لقي قبولا مبهراً على المستوى المحلي و العربي، لكن الغريب في  الأمر انني لم اتقاضى أجراً عليه مطلقاً  مادياً كان أم معنونياً من إدارة الراديو الذي عملت فيه فقررت إنهاء البرنامج مع تمام الحلقة الأربعين  ولا زال الكثير يتسألون عن سبب توقفه حتى اللحظة .
تخرجت الأولى على تخصص الإعلام وصناعه الأفلام بمعدل 91.5 في جامعتي وبمشروع تخرج متميز بمعدل 97 بعد إتمامي لدراسة البكلوريوس قبل عاميين .
هذا إضافةً إلى ممارستي لرياضة الفروسية بمستوى احترافي على مدار عشرة اعوام  ويزيد .
لكن ذلك كله لم يجعلني مميزه أبداً  في بلدي .للأسف
لم تتبناني أيّه مؤسسةٍ إعلامية لم تعرض علي جامعاتي منحة لدراسة الماجستير في الداخل أو الخارج  بل زاد الأمر سوءًا أنني حين شرعت في تقديم طلبات لإكمال دراسة الماجستير في الخارج وقبلت في خمسة جامعات بريطانية حينها جامعتي لم تمنحني المنحة على مدار عامين متتليان في حين أنها تقدم عدداً من المنح لعشرات الطلبة لاكمال دراستهم في الخارج  كل عام لكن عادةً ما يكون هؤلاء من المعزززين بعبارة “أنا أعرف أحداً” او ما نعرفه عامةً ب”فيتامين و “.

لم يكن هذا هو الامر الوحيد الذي لعبت فيها الواسطة دورها  فقبل عام من الآن عرض علي العمل في مؤسسةٍ ما  بل ودعيت لمقابلةٍ شخصية في ذات المؤسسة لتنتهي المقابلة بحديثنا عن اليوم الذي سأبدأ فيه العمل  وأين سيكون مكتبي وتفاصيل أخرى كثيرة ، لأتفاجأ بعد أقل من أسبوع من الموعد الذي كنت سأبدأ فيه العمل باتصال هاتفي يخبرونني فيه أن المؤسسسة تعاني أزمةً مالية مؤقتة و حتى حلها سيعودون إلي باتصال لأباشر العمل .

لتكون المفاجأة بعد ذلك بما يقارب الشهر أن أعرف أن فتاةً أخرى كانت قد حلت في موقع عملي المنتظر  لما ؟
لأن والدها “يعرف أحداً “.
لم أكن قد أحبط بعد حتى بعد تلك التجارب  كان لا يزال لدي الأمل أنه لا يمكن أن تكون البلد باكملها تعمل بتلك الطريقة .

فتقدمت للعمل في إحدى الاذاعات  وقد كان لدي الخبرة الأكبر بين المتقدمين، وكنت قد استوفيت كل الشروط المطلوبة بل وزدت عليها  وكان هذا ما أخبرتني به من عقدت المقابلة الشخصية معي  إلا أن أحد الشبان حصل على الوظيفة  لأنه  ببساطة “يعرف أحداً” على الرغم من أنه يحمل شهادة في إدارة الأعمال ولم يتلقى أي تدريب في مجال الإعلام  إلاّ أنه كان يحمل جرعةً زائدة من فيتامين و .
هنا، بقي لدي بصيص أمل صغير  فقررت أنا اتقدم للعمل في إحدى مؤسسات الإعلام الكبيرة محلياً  بعد أن الح علي أحد العاملين فيها لفعل ذلك ، وانه من المستحيل بقوله أن لا أجد مكاناً في تلك المؤسسة بل أنهم سيفرحون جداً بأن يعمل معهم شخص مميز  سيرتقي بأداء المؤسسة .
بعد التفكير قررت أن ازور المؤسسة وكان قد تحدث هذا الشخص مع مدير أحد الاقسام عني واخذ منه موعداً وكان ذلك  تحدث معي حينها بالانجليزية وطلب مني أن أعمل على صياغة خبر باللغتين العربية والانجليزية ،تفاجأ بقدرتي على الحديث والكتابة الإعلامية باللغتين .
إعتقدت حقاً حينها أنني و بردة فعله هذه أن  الوظيفة  حتماً ستكون من نصيبي لكنه لم يكن لما ؟  ليس لأن” أحداً يعرف أحداً “!
بل لأن المدير عرفني ووجد بشخصي ما يؤهلني لمنافسته ويجعل مني تهديداً  لمنصبه بل وزادها بقوله لاحد العاملين المقربين منه “أنني صاحبة مبدأ وموقف مما سيجعل الأمر صعباً للسيطرة على عملي” .
حينها فقط  طرحت هذا التساؤل  على نفسي هل هناك ما يدعوني لأن أكره وطني ؟
كم آذاني هذا التساؤل   وكم تضاربت فيه مشاعري  لكن أصدقها كان شعوري بالظلم .
وما أصعبه من شعور  أن تجد نفسك مظلوماً في بلدك، ذلك المكان الذي طالما عشقت  أن تظلم من مجتمعك والأصعب من ذلك كله أن تجد الظلم وقد تفشى في وطنك من أبناء وطنك ممن يحسبون أنهم يحسنون صنعاً  هؤلاء ممن يوسدون الأمور لغير أهلها وينتظرون قيام الساعة .
رغم جبروتهم ومسخ ضمائرهم وامتلاء جعبتهم بفيتامينات واو المتكاثرة والمتناثرة لم يفلحوا للحظة في أن يجعلوني أكره وطني، فمن يحب لا يكره  .
لكنهم قد ينجحون يوماً في جعل تسآل كهذا “هل هناك ما يدعوك لتترك وطنك ” حقيقة !
فقد“وضعوني في إناء ثم قالوا لي تأقلمي وأنا لست بماء” .
لقد أنقذتني حقا تلك الخيوط المبهمة على رصيف حكايتي بعد أن دثرت أحلامي بحسرة عميقة جعلت دما رشيدا يغلي بعقلي وقلبي في دورة الساعات المتتالية التي أعقبت كل تلك البدايات وأعادت لي حقا توازنا كنت بحاجة اليه.

فيديو هل هنالك ما يدعوك لتكره وطنك ؟

 

أضف تعليقك هنا

آية عبدالله غزلان العباسي

من القدس - فلسطين

مصورة مدونة وصانعة افلام وفارسة في المنتخب الوطني الفلسطيني في انتظار ولادة كتابي الأول