لماذا فشلت ثورات الربيع العربي ..؟؟

لقد ثبت بعد ثورات الربيع العربي أن الأنظمة ليست شخصا أو شخصين حتى تنهار بزوالهم بل هي مجموعة تحالفات معقدة بين الأقليات والعشائر والأعراق والأحزاب والطوائف والتجار والمؤسسات المالية والشبكات الإعلامية والمنظمات المحلية سواء كانت نقابات أو منظمات مجتمع مدني وتمتد جذور هذه التحالفات وتتداخل مع الدول المجاورة وعلى مستوى الشرق الأوسط و ما بين شمال إفريقيا و تركيا وسوريا والعراق وإيران ولبنان والخليج الكثير من الشبكات العنكبوتية لهذه التحالفات .
النظام المصري لم يكن شخص مبارك بل تحالفا بين الجيش وقوى الأمن والعشائر في الصعيد والكنيسة ومؤسسة الأزهر والإعلام والحركات الصوفية ورجال الأعمال ولذلك رجع بقوة إلى الحكم .
في سورية هناك تحالفات معقدة تمتد حتى حدود الصين فالنظام السوري يمكن تعريفه كالتالي :

هو خليط من تحالفات علويي سورية مع علويي تركيا وشيعة لبنان ومسيحييهم ودروزهم وشيعة إيران والعراق والتجار السنة في سورية ومؤسسة البعث السنية وطبقة رجال الدين السنة وبعض الأكراد في مختلف دول المنطقة وكثير من المؤسسات الكنسية الشرقية حول العالم والمؤسسة الصوفية والمؤسسات المالية في الخليج والتحالف الوثيق مع الدول ذات التوجه الإشتراكي كروسيا وكوبا والصين .

مع هذه التعقيدات لا يمكن لأية حركة تغيير أن تنجح لو قامت على أساس إلغاء الآخر كما هو مضمون الثورة السورية أو على الأقل مضمون إفرازاتها وكل كلام عن الوحدة الوطنية والشعارات البراقة لا تحل القضية بل يجب الحفاظ على مصالح كل هيئة من الهيئات سالفة الذكر على مبدء عدم التعدي على الآخر أو محاولة محوه خاصة إذا كان من منطلق مذهبي تؤكد أفضلية مذهب ديني على آخر وتنادي بمحوه من الوجود .

في المحصلة قضية تحالف المصالح ليست قضية منطقتنا فقط فالديمقراطية الغربية أيضا قائمة على تحالفات معقدة بين المؤسسات المالية العملاقة وبرجوازية العائلات واللوبيات العرقية والدينية والكنائس والمعابد والمنظمات اليهودية والأحزاب ولا يؤثر التغيير الدوري لرؤسائها كثيرا في الخطوط العريضة لرسم سياسات تلك الدول فهي عملية تبادل للأدوار وديمقراطيات رسخت مبادئها وقوانينها ونظمها كجذور ثابتة تحت الأرض ثم تنتعش الحياة السياسية بمبدء التغيير الدوري للحكومات لتقديم أفضل الخدمات حتى لا يصيب الترهل خاصرة الدولة وتغوص في البيروقراطيات .

الطابع الإسلاموي الذي اتخذته ثورات الربيع العربي رغم أنها لم تكن كذلك في بداياتها هي التي أفسدتها لأن فكرة الأحزاب الإسلاموية تقوم على مبدأ إلغاء الآخر وشعاراتهم تدل على تطبيق الشريعة فقط وكل ما عداه من قوانين وضعية ونظم حكم ديمقراطية فهي باطلة وبالتالي فهم يسعون إلى أدلجة المجتمع وفق رؤى معينة على اختلاف بين الحركات الإسلامية في الطريقة التي توصل إلى ذلك فالإخوان المسلمون يؤمنون بمبدأ التمكين أي التدرج في تنفيذ الشريعة الإسلامية حتى التمكين التام من الدولة أما الجماعات الجهادية فهي تريد تطبيق الشريعة على النهج السلفي بالقوة مهما كلفها الأمر حتى لو لجأت إلى القتل والتدمير والتخريب وهو ما فعلته بعد أن ركبت على سفينة الثورات العربية ورمت بملاحيها إلى البحر وقادت دفتها إلى المجهول .

فيديو لماذا فشلت ثورات الربيع العربي ..؟؟

 

أضف تعليقك هنا