من الصفات الداخلة في هذا النوع من الذكاء ، الشجاعة .
الشجاعة هي هبة عظيمة من هبات الله تعالى ، وصفة جميلة من صفات الرجولة وميزة خاصة من ميزات (الشخصية) ، وفرع مهم من فروع الأخلاق..
فالحق يتطلب الشجاعة، – فإن أردت أن تواجه الحق فتقول للكاذب أنت كاذب وللمضلل أنت مضلل وللمحتال أنت محتال. وللمشعوذ: أنت مشعوذ ، وللظالم : أنت ظالم! فأنت في حاجة إلى الشجاعة!!.
وإذا كانت شجاعة القائد عنصرًا أساسيًا لتفوقه في القيادة ، وشجاعة الجندي عاملاً من عوامل كسبه المعركة ، وشجاعة التاجر في السوق باعثًا من بواعث نجاحه في تجارته – فإن (شجاعة الرأي) هي أسمى مراتب الشجاعة.
معركة الرأي!!
الرجل الذي يقف (وحده) وسط معركة الرأي!! يعلن فيها رأيه ضد فئة ، أو حزب ، أو شعب، أو جور!! ولا سند له غير إيمانه بصدق دعوته ، ولا محفز له غير إخلاصه لربه ومبادئه وشعبه وبلاده ولا رائد له في هذا الموقف النبيل غير الفداء والتضحية .. إنما هو ليس بالشجاع فقط!
لقد كانت شجاعة الرأي – وستظل أبد الدهر- ينبوعًا من ينابيع الخير والبركة ، وعاملاً من عوامل التفوق والنجاح ، وعنصرًا من عناصر العظمة والخلود..
وما أحوج المحامي إلى مثل هذا اللون – من الشجاعة؟
يحتاج المحامي والمحامية إلى شجاعة الرأي عندما يواجه نفسه!! ويواجه موكله ، ويواجه خصمه، ويواجه الحاكم ، ويواجه الباطل ، ويواجه الظالم … بل إن رسالته تنصب على تأمين مطلبين هما حماية الحق !! ودفع الظالم!! ونوال هذين المطلبين الساميين الخطرين لا يمكن أبدًا إلا إذا كان المحامي شجاعًا…
الشجاعة في مواجهة النفس : إن النفس لأمارة بالسوء!! فعلى المحامي أن يحاسبها الحساب العسير في كل ظرف وزمان ، وعليه أن لا يطاوعها والتأثر بمال أو جاه أو خوف ، وعليه عندما تعرض عليه قضية باطلة فيها مكسب كبير أو ربح وفير – وهو مريض أو محتاج!!… عليه أن يتسلح بالشجاعة ويتذرع بالذمة – ثم يقهر النفس الأمارة بالسوء ، ويأبى تغليب الباطل على الحق – ويرفض الدعوى.
الشجاعة في مواجهة الموكل وعليه بعد دراسة القضية وتكوين فكرة كاملة عنها ، وبعد فراغه من مواجهة نفسه – أن يواجه صاحب القضية بالحقيقة!! والجهر بالحق ليس من الأمور المهمة دائمًا فإن مجابهة الزبون بالحقيقة وإفهامه الحق ، والإعلان عن بطلان الدعوى أو خسرانها – قد يولد : صدمة للمتقدم ، وشعور فشل ، وضياع أمل للمحتال وفي جميع تلك الحالات قد يعرض نفسه إلى إحجام العملاء عن مراجعته في مناسبات أخرى.
الرؤية والإقناع:
ولهذا يتعين على المحامي عندما يواجه موقفًا من هذه المواقف ، أن يلجأ إلى الرؤية والإقناع والكلام الطيب والأسلوب النفساني ، بحيث يخرج العميل من مكتبه قانعًا بوجهة نظره ، راضيًا مطمئنًا. أو على الأقل غير ناقم أو يائس!.
الشجاعة في مواجهة الخصم:
والخصم هنا هو لا الخصم الأصيل في الدعوى فقط ، بل كذلك وكيله والمدعي العام وربما الشاهد أيضًا .
فقد يكون الخصم متنفذًا في المجتمع ، أو مشهورًا بالقدرة والكفاءة!! أو يحتل مكانًا مرموقًا، أو حاكمًا اتسم حكمه بالظلم.
ومما يزيد المترافع شجاعة :
1/ التسلح بالعلم .
2/ تذكر أن من أمامك عبد مفتقر لرحمة الله ، فلا يملك شيء ، وأن مايصيبك إنما هم بتقدير ملك الملوك .
3/ قوة موقف موكلك .
4/ خبرتك وممارستك للعمل ، وكثرة التدريب .
فيديو فن المحاماة و الذكاء الذاتي ، الشخصي (3)