معركة الأقصى – دلائل مهمة

معركة المسجد الأقصى الأخيرة بين الفلسطينين والاسرائيليين (معركة البوابات الالكترونية) والتى انتهت – كما يبدو واضحا – لصالح الفلسطينين بشكل كامل تحمل فى جنباتها دلالات مهمة جدا قد تتوه وسط نشوة النصر ومراسم الاحتفال به، ولهذا فسنحاول إلقاء الضوء على بعضها فى عدة نقاط سريعة.

الدلالة الأولى:

قرار الأوقاف الفلسطينية بإغلاق جميع المساجد فى صلاة الجمعة وتوجيه الجميع إلى المسجد الأقصى.

وهو ما يعنى توحد القيادة الشعبية مع الجماهير فى الهدف والمسار، فلو لم يكن هذا التوحد التام لتكاسل قطاع كبير من الفلسطينيين البعيدين نسبيا عن محيط المسجد الأقصى فى الذهاب إلى هناك ولقل زخم المرابطين بشكل ملحوظ.

الدلالة الثانية:

انضمام أعداد كبيرة من الشباب الغير متدين إلى صفوف المرابطين.

وقد بدوا واضحين جدا بين الحشود بملابسهم وقصات شعرهم بل وبطريقة وقوفهم الغير سليمة أثناء الصلاة والتى تعنى أن بعضهم لا يصلى من الأساس.

وتلك النقطة غاية فى الأهمية للنظر فيها، إذ أنها تعنى أن هؤلاء الشباب على الرغم من وقوعهم تحت القصف الإعلامى والثقافى والتربوى لسلطات الاحتلال وتمكن ذلك القصف منهم (الملابس وقصات الشعر وعدم التمكن من الصلاة بشكل صحيح) إلا أنهم وقت الجد لبوا نداء الرباط بتلقائية وبدون تردد ودهسوا بأقدامهم كل ما ذكرنا من مظاهر السيطرة والتوجيه الصهيونى!

وبالتأكيد هذه النقطة ستأخذ حظها كاملا من الصهاينة لدراسة مدى جدوى وسائلهم للسيطرة والتوجيه على الشباب الفلسطينى، ولكن يجب أن تأخذ حظها من الدراسة لدينا أيضا، إذ أنها تخبرنا بحسم ووضوح شديدين أن هناك طرق أخرى للرباط غير طريق الالتزام الدينى المعروف، وأن الشهادة قد لا تكون حكرا على ناشئة الليل وحدهم مع كون الأخيرين أشد وطئا وأقوم قيلا!!

الدلالة الثالثة:

إغلاق كنائس بيت لحم أبوابها أمام المصلين المسيحيين وتوجيههم إلى أداء الصلاة حول المسجد الأقصى مع المرابطين وظهور المسيحيين بالفعل وسط المرابطين.

وهذا القرار من الكنيسة لا يمكن تفسيره إلا بوجود ترابط واتفاق حقيقيين بين المسلمين والمسيحيين فى القدس، ذلك الترابط الذى لا يمكن حدوثه إلا باستشعار وحدة العدو ووحدة المعاناة.

تلك الوحدة الجميلة لها حافزين براجماتيين لا يقللان من هذا الجمال على الاطلاق وإنما يعززانه ويقويانه، الأول أن المسلمين مشغولون حتى النخاع بمواجهة اليهود، وبالتالى فليس لديهم وقت ولا جهد ولا رفاهية للنظر فى الخلافات العقدية والمذهبية بينهم وبين المسيحيين فى فلسطين كلها وبالتالى أغلق هذا الباب من طرف المسلمين الفلسطينيين، والثانى أن المسيحيين فى فلسطين ليس لهم أى أيدولوجية بخلاف كونهم مسيحيين، على خلاف مناطق أخرى مثل مصر التى يصر مسيحيوها على كونهم “أقباطا” وعلى أنهم أصحاب الأرض الحقيقيين وأن المسلمين ما هم إلا محتلون عرب، وبالتالى أغلق هذا الباب من طرف المسيحيين الفلسطينيين أيضا.

الدلالة الرابعة:

وحدة العدو ووحدة المعاناة التى ذكرناها لا نستطيع أن نفصلها عن تولى قوات الاحتلال الصهيونى المهام الأمنية فى القدس بشكل صريح ومباشر وعدم وجود قوات أمن فلسطينية تابعة لأى فصيل فلسطينى داخل القدس.

فلو كان هناك تواجد لقوات أمن رسمية فلسطينية داخل القدس – كما فى باقى الضفة الغربية – لتولت بنفسها أعمال المواجهة مع المقدسيين ولقامت باقتحام المسجد الأقصى وإغلاقه وفرض الحصار عليه وتركيب البوابات الالكترونية وتفتيش ومنع المصلين بنفسها بالوكالة عن قوات الاحتلال، ولارتأى مسيحيوا القدس أن هذا الصدام خاص بين مسلمين وبعضهم البعض وليس لهم التدخل فيه.

وأعتقد أن هذه النقطة ملحوظة بوضوح من جانب الاسرائيليين، غير أنهم لا يجدون لها مخرجا مناسبا حتى الآن. فهم لا يستطيعون السماح بتواجد أمنى رسمى فلسطينى داخل القدس التى يتعاملون معها على أنها أرض إسرائيلية صرفة لا تخضع لأى اتفاقات سلام، وتلك نقطة لا تستطيع أى حكومة إسرائيلية مهما كان توجهها التلاعب بها أو حتى الاقتراب منها.

الدلالة الخامسة:

عدم قيام قوات الاحتلال بفتح النار بشكل صريح على المرابطين.

وهذا الأمر ليس مرده إلى التزام الصهاينة بالمواثيق والأعراف الدولية أو بحقوق الإنسان، ويشهد على ذلك مذابح صابرا وشاتيلا ودير ياسين وبحر البقر وغيرها، وإنما مرده إلى أن القدس فى القانون الدولى مدينة محتلة وأن الصدام بين الإسرائيليين والفلسطينين فى القدس مرصود على مدار الساعة من وسائل الإعلام، فإذا كانت المواجهة مرصودة إعلاميا وفى بؤرة الرؤية السياسية عالميا فلا مجال هنا للقيام بمذبحة والخروج منها بسلام.

ونرجع هنا إلى نقطة عدم وجود قوات أمن فلسطينية فى القدس، فلو كان الصدام بين قوات الأمن تلك وبين الفلسطينين لحدثت تلك المذبحة بمنتهى السهولة، ولصار الأمر صراعا داخليا فلسطينيا فلسطينيا لا تلام إسرائيل عليه ولا تستطيع كاميرات الإعلام أن تصعد الحدث إلى بؤرة الاهتمام العالمى. وما أكثر المذابح التى صنعتها قوات أمن وجيوش عربية بشعوبها بمنتهى البساطة والسلاسة دون أن تنال حتى لوما بسيطا، وما مذابح رابعة العدوية والنهضة فى مصر منا ببعيد.

فيديو معركة الأقصى – دلائل مهمة

أضف تعليقك هنا

محمد لطفى محمد

محمد لطفي محمد